وتستند الأرقام التي جمعها مركز عبدالرحمن برومند ومنظمة العفو الدولية إلى مجموعة متنوعة من المصادر، بما في ذلك سجناء، وأقارب للذين أعدموا، ومدافعون عن حقوق الإنسان، وصحفيون، وتقارير وسائل الإعلام الحكومية، فضلاً عن وسائل إعلام مستقلة ومنظمات معنية بحقوق الإنسان.
ومن المرجح أنّ يكون العدد الحقيقي أعلى، نظرًا للسرية المحيطة بعدد أحكام الإعدام التي تفرضها السلطات وتنفذها.
الإعدامات الجماعية في السجون
وتُظهر المعلومات التي تمَّ جمعها أنه منذ أوائل 2022، نفّذت السلطات عمليات إعدام جماعية في جميع أنحاء إيران بصورة منتظمة.
وفي 15 يونيو/حزيران 2022، أعدمت السلطات في سجن رجايي شهر في محافظة البرز ما لا يقل عن 12 شخصًا. وجاء ذلك في أعقاب الإعدام الجماعي لما لا يقل عن 12 شخصًا في 6 يونيو/حزيران 2022 في سجن زاهدان المركزي في محافظة سيستان وبلوشستان.
وفي 14 مايو/أيار 2022، أعدمت السلطات تسعة أشخاص: ثلاثة في سجن زاهدان، وواحد في سجن وكيل آباد في محافظة خراسان رضوي، وأربعة في سجن عادل آباد في محافظة فارس، وواحد في سجن دستكرد في محافظة أصفهان.
تُنفذ أجهزة الدولة عمليات قتل واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد في اعتداء سافر على الحق في الحياةووفقًا لمصدر مطلع قابلته منظمة العفو الدولية في يونيو/حزيران 2022، تقوم السلطات في سجن رجايي شهر، الذي يضم أعلى عدد من السجناء المحكوم عليهم بالإعدام، ومنذ أوائل عام 2022، بإعدام ما معدله خمسة أشخاص كل أسبوع، مع تنفيذ ما يصل إلى 10 عمليات إعدام في بعض الأسابيع. ويتطابق هذا الرقم مع أرقام وردت في رسالتَيْن علنيَتَيْن كتبهما بشكل منفصل في الأشهر الأخيرة المدافعان عن حقوق الإنسان سعيد إقبالي وفرهاد ميثمي المسجونان ظلمًا في سجن رجايي شهر. وأشار الأول إلى تنفيذ عمليات إعدام أسبوعية لما يصل إلى 10 أشخاص في سجن رجايي شهر، في حين حذّر الأخير من أنَّ العدد الإجمالي لعمليات الإعدام هناك قد يتجاوز 200 بحلول نهاية 2022.
ديانا الطحاوي، منظمة العفو الدولية
وأفاد المصدر المطّلع أيضًا أنَّ المدعي العام المساعد لرجايي شهر (داديار زندان) أخبر السجناء مؤخرًا أنَّ مكتب تنفيذ الأحكام كتب إلى عائلات حوالي 530 من ضحايا جرائم القتل، طالبًا منهم أن يقرروا ما إذا كانوا يريدون العفو أو مواصلة السعي إلى إعدام المدانين بقتل أقاربهم بحلول أواخر مارس/آذار 2023.
وقال المصدر نفسه إنَّ التصريحات المتكررة لرئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي وغيره من كبار المسؤولين القضائيين في الأشهر الأخيرة حول الحاجة إلى معالجة اكتظاظ السجون أثارت مخاوف واسعة النطاق بين السجناء من أنَّ ارتفاع عمليات الإعدام مرتبط بجهود رسمية للحد من أعداد السجناء. وتدعم المخاوف المعرب عنها أنماط سابقة رصدها مركز عبدالرحمن برومند تشير إلى أنَّ الارتفاعات الحادة في تنفيذ عمليات الإعدام تتزامن مع الفترات التي تدلي فيها السلطات بتصريحات علنية متكررة حول مساعيها لمعالجة مسألة تراكم القضايا والحدّ من الاكتظاظ.
ارتفاع كبير جديد في عمليات الإعدام المتصلة بالمخدرات
يعيد إعدام ما لا يقل عن 86 شخصا لارتكابهم جرائم تتصل بالمخدرات في الأشهر الستة الأولى من 2022 الأصداء القاتمة لممارسات السلطات في مكافحة المخدرات في السنوات بين أعوام 2010 و2017 ، عندما كانت معظم عمليات الإعدام المسجلة تُنفّذ بسبب جرائم تتعلق بالمخدرات.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وفي أعقاب ضغوط دولية مكثفة، شملت قيام العديد من الدول الأوروبية بقطع الأموال عن عمليات مكافحة المخدرات التي تقوم بها قوات إنفاذ القانون الإيرانية، اعتمدت السلطات بعض الإصلاحات القانونية لإلغاء عقوبة الإعدام على بعض الجرائم المتعلقة بالمخدرات.
وبين عامي 2018 و2020 ، خفّضت السلطات إلى حدّ كبير عمليات الإعدام المتعلقة بالمخدرات. ولكن في عام 2021، أعدم ما لا يقل عن 132 شخصًا بسبب جرائم تتعلق بالمخدرات، وهو ما يمثل 42% من إجمالي عمليات الإعدام المسجلة ويمثل ارتفاعًا بأكثر من خمسة أضعاف مقارنة بعام 2020 (23 شخصًا).
يتعيّن على المجتمع الدولي، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، القيام على وجه السرعة بتدخلات رفيعة المستوى، داعيًا السلطات الإيرانية إلى إنهاء عقوبة الإعدام بالنسبة لجميع الجرائم المتصلة بالمخدرات. ويجب عليه أن يكفل ألا يسهم أي تعاون في مبادرات مكافحة الاتجار بالمخدرات إسهامًا مباشرًا أو غير مباشر في الحرمان التعسفي من الحق في الحياة، الذي هو السمة المميزة لعمليات إيران المتصلة بمكافحة المخدرات.
على السلطات الإيرانية أن تفرض فورًا وقفًا رسميًا لتنفيذ عمليات الإعدام بهدف الإلغاء التام لعقوبة الإعدامتأثر الأقلية البلوشية بشكل غير متناسب
رويا برومند، مركز عبدالرحمن برومند
ينتمي ما لا يقل عن 65 (26%) من الذين أعدموا منذ عام 2022 إلى أقلية البلوش العرقية المُفقرة للغاية في إيران، والذين يشكلون حوالي 5% من سكان إيران. وأعدم أكثر من نصفهم (38) لارتكابهم جرائم تتعلق بالمخدرات.
وقالت رويا برومند: “يجسد الاستخدام غير المتناسب لعقوبة الإعدام ضد الأقلية البلوشية في إيران التمييز والقمع الراسخين الذي تتعرض له منذ عقود، ويسلّط كذلك أكثر الضوء على القسوة المتأصلة في عقوبة الإعدام، التي تستهدف أشد الفئات السكانية ضعفًا في إيران وفي جميع أنحاء العالم”.
ويُعارض مركز عبدالرحمن برومند ومنظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام في جميع الحالات دون استثناء بغض النظر عن طبيعة الجريمة، أو خصائص الجاني، أو الطريقة التي تستخدمها الدولة لقتل السجين. وتُشكل عقوبة الإعدام انتهاكًا للحق في الحياة وهي أقصى أشكال العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة.
خلفية
كان عدد عمليات الإعدام في إيران في 2021 هو الأعلى منذ 2017. وبدأ الارتفاع في سبتمبر/أيلول 2021، بعد أن صعد رئيس السلطة القضائية، إبراهيم رئيسي، إلى الرئاسة وعيّن المرشد الأعلى وزير المخابرات السابق، غلام حسين محسني إجئي، رئيسًا جديدًا للقضاء.
نفذت السلطات الإيرانية عملية إعدام علنية واحدة في عام 2022، ولم تنفّذ أي عملية إعدام علنية في عام 2021، ونفّذت واحدة في عام 2020، و13 في عام 2019 و13 في عام 2018. وتشير الإعلانات الرسمية إلى أنه في أوائل عام 2022، حُكم على شخصين آخرين على الأقل في محافظة أصفهان وشخص واحد في محافظة لرستان بالإعدام علنًا.
تُفرض عقوبة الإعدام في إيران بعد محاكمات غير عادلة بشكل ممنهج، مع استخدام “الاعترافات” المشوبة بالتعذيب بشكل روتيني كأدلة. وقد ذكر مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بإيران أنَّ “العيوب الراسخة في القانون… تعني أنَّ معظم عمليات الإعدام، إن لم يكن كلها، هي حرمان تعسفي من الحياة”.
بموجب القانون الإيراني، تنطبق عقوبة الإعدام على العديد من الجرائم، بما في ذلك الجرائم المالية والاغتصاب والسطو المسلح. كما يعاقب بالإعدام على الأنشطة التي يحميها القانون الدولي لحقوق الإنسان، مثل السلوك الجنسي المثلي بالتراضي، والعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، والخطاب الذي يُعتبر “مُهينًا لنبي الإسلام”، فضلاً عن الجرائم ذات الصياغة الفضفاضة مثل “محاربة الله” و”الإفساد في الأرض” التي يُعاقب عليها أيضًا بالإعدام.