تأتي أهمية الدراسة من خلال دراسة علاقة المجتمعات المحلية بالتنظيم، في المناطق التي سيطر عليها، ولا سيما أن هناك آراء مختلفة حول هذه القضية، فبعض الدراسات والتقارير صوّرت المجتمعات المحلية في المنطقة التي سيطر عليها التنظيم وكأنها داعمة له، وأنها شكّلت له حاضنة شعبية، في حين رأت دراسات أخرى العكس. ولتقريب الصورة أكثر، وقع الاختيار على منطقة محددة لدراستها، واخترنا منطقة (دير حافر) الواقعة شرقي حلب، كدراسة حالة، وكان التنظيم قد سيطر عليها مدة ثلاث سنوات، منذ آذار/ مارس 2014 حتى آذار/ مارس 2017، ويمكن القول إنها مدينة منسجمة من الناحية العرقية والطائفية، ولم يكن للتنظيم أي شعبية فيها قبل سيطرته عليها. ومن الناحية الجغرافية، أصبحت دير حافر منطقة حدودية بين مناطق سيطرة التنظيم والنظام السوري.
اعتمدَت الدراسة على المنهج النوعي، حيث اعتمد الباحث على الدراسات والأدبيات الوصفية والتحليلية، وعلى المقابلات، إذ أجرى (37) مقابلة مع أشخاص من المنطقة، عايشوا تلك الحقبة من حكم التنظيم، ثم أجرى تحليلًا لتلك المقابلات، مع مقارنة سياسة التنظيم في المنطقة بسياسته العامة في مناطق أخرى تحت سيطرته.
بيّنت الدراسة أن التنظيم كان يتعامل مع المجتمعات المحلية في سورية بطرق مختلفة، بحسب المنطقة وموقعها وتركيبتها الديموغرافية والظروف المحلية بها، والطريقة التي تمكّن من خلالها التنظيم السيطرة على تلك المنطقة، وموقف الأهالي من التنظيم، من حيث التأييد أو المعارضة أو الحياد، وإن كان هناك مجموعة من الآليات المشتركة في كيفية التعامل مع تلك المجتمعات، ومنها فرض السيطرة بالقوة والبطش، وتطبيق فهمهم للشريعة، واستخدام الخدمات وفرض الأمن للحصول على شرعية محلية، مع استغلال الانقسامات الاجتماعية والعشائرية والأسرية، لتعزيز هيمنته على تلك المناطق.
مرّت علاقة التنظيم بالسكان المحليين بمراحل عدة، بدأت بمرحلة الّلين والتعامل الجيد ريثما تمكّن التنظيم من السيطرة، وبعدها انتقل إلى مرحلة الهيمنة على كل جوانب الحياة، ونظّمها بالشكل الذي يتوافق مع أفكاره وغاياته.
سيطر تنظيم (داعش) على دير حافر عام 2014، مستغلًا حالة الفوضى والصراع بين الفصائل المحلية، وركز على ترسيخ وجوده من خلال استخدام مزيج من الترغيب والترهيب، وتوفير الاحتياجات الأساسية للسكان المحليين، مثل الطعام والخدمات الأساسية، فأكسبه ذلك قبولًا مؤقتًا، إلا أن سياساته القمعية، التي تضمنت الإعدامات العلنية وفرض قوانين صارمة على الحياة اليومية، أدّت إلى خلق جوّ من الخوف والتوتر الاجتماعي.
اعتمد تنظيم (داعش) في حكم المنطقة على إنشاء مؤسسات تشبه الدولة، مثل المحاكم وقوات الشرطة، التي كانت أكثر كفاءة وأقلّ فسادًا، مقارنة بالفترة السابقة، وعلى الرغم من ذلك، لم يتمكن التنظيم من خلق شرعية حقيقية، حيث إن دعم السكان له إنما كان قائمًا على الخوف أكثر منه على الرغبة في التبعية، واعتمد أيضًا على نظام اقتصادي قائم على الضرائب لتحقيق الاكتفاء الذاتي، لكن هذا النظام ولّد استياءً كبيرًا بين السكان المحليين.
من جانب آخر، أدى حكم (داعش) إلى تدمير النسيج الاجتماعي، حيث فرض قوانين جديدة غير مألوفة، قوّضت منظومة التقاليد والعلاقات المحلية. ومع استخدام العنف المفرط، تراجعت الروابط القبلية والعائلية التقليدية، مما أدى إلى هجرة العديد من السكان هربًا من حكم التنظيم.
وعلى الرغم من الدعاية المكثفة التي اعتمد عليها التنظيم لتبرير أفعاله وضمان ولاء السكان، فقد فشل في تقديم نموذج الحكم “الإسلامي” المثالي الذي وعد به، وبدلًا من ذلك، شهد المجتمع صعود نخبة جديدة من المقاتلين الذين تمتعوا بامتيازات خاصة، فازداد التفاوت الاجتماعي، فضلًا عن الشرخ في المبادئ والأهداف. ومع تدخّل قوات التحالف الدولي وتضييق الخناق على التنظيم وتراجع موارده المالية؛ تقهقر التنظيم، وفقد القدرة على التحكّم في الأراضي التي كان يسيطر عليها.
يمكنكم قراءة البحث كاملًا من خلال الضغط على علامة التحميل أدناه:
----------
حرمون
اعتمدَت الدراسة على المنهج النوعي، حيث اعتمد الباحث على الدراسات والأدبيات الوصفية والتحليلية، وعلى المقابلات، إذ أجرى (37) مقابلة مع أشخاص من المنطقة، عايشوا تلك الحقبة من حكم التنظيم، ثم أجرى تحليلًا لتلك المقابلات، مع مقارنة سياسة التنظيم في المنطقة بسياسته العامة في مناطق أخرى تحت سيطرته.
بيّنت الدراسة أن التنظيم كان يتعامل مع المجتمعات المحلية في سورية بطرق مختلفة، بحسب المنطقة وموقعها وتركيبتها الديموغرافية والظروف المحلية بها، والطريقة التي تمكّن من خلالها التنظيم السيطرة على تلك المنطقة، وموقف الأهالي من التنظيم، من حيث التأييد أو المعارضة أو الحياد، وإن كان هناك مجموعة من الآليات المشتركة في كيفية التعامل مع تلك المجتمعات، ومنها فرض السيطرة بالقوة والبطش، وتطبيق فهمهم للشريعة، واستخدام الخدمات وفرض الأمن للحصول على شرعية محلية، مع استغلال الانقسامات الاجتماعية والعشائرية والأسرية، لتعزيز هيمنته على تلك المناطق.
مرّت علاقة التنظيم بالسكان المحليين بمراحل عدة، بدأت بمرحلة الّلين والتعامل الجيد ريثما تمكّن التنظيم من السيطرة، وبعدها انتقل إلى مرحلة الهيمنة على كل جوانب الحياة، ونظّمها بالشكل الذي يتوافق مع أفكاره وغاياته.
سيطر تنظيم (داعش) على دير حافر عام 2014، مستغلًا حالة الفوضى والصراع بين الفصائل المحلية، وركز على ترسيخ وجوده من خلال استخدام مزيج من الترغيب والترهيب، وتوفير الاحتياجات الأساسية للسكان المحليين، مثل الطعام والخدمات الأساسية، فأكسبه ذلك قبولًا مؤقتًا، إلا أن سياساته القمعية، التي تضمنت الإعدامات العلنية وفرض قوانين صارمة على الحياة اليومية، أدّت إلى خلق جوّ من الخوف والتوتر الاجتماعي.
اعتمد تنظيم (داعش) في حكم المنطقة على إنشاء مؤسسات تشبه الدولة، مثل المحاكم وقوات الشرطة، التي كانت أكثر كفاءة وأقلّ فسادًا، مقارنة بالفترة السابقة، وعلى الرغم من ذلك، لم يتمكن التنظيم من خلق شرعية حقيقية، حيث إن دعم السكان له إنما كان قائمًا على الخوف أكثر منه على الرغبة في التبعية، واعتمد أيضًا على نظام اقتصادي قائم على الضرائب لتحقيق الاكتفاء الذاتي، لكن هذا النظام ولّد استياءً كبيرًا بين السكان المحليين.
من جانب آخر، أدى حكم (داعش) إلى تدمير النسيج الاجتماعي، حيث فرض قوانين جديدة غير مألوفة، قوّضت منظومة التقاليد والعلاقات المحلية. ومع استخدام العنف المفرط، تراجعت الروابط القبلية والعائلية التقليدية، مما أدى إلى هجرة العديد من السكان هربًا من حكم التنظيم.
وعلى الرغم من الدعاية المكثفة التي اعتمد عليها التنظيم لتبرير أفعاله وضمان ولاء السكان، فقد فشل في تقديم نموذج الحكم “الإسلامي” المثالي الذي وعد به، وبدلًا من ذلك، شهد المجتمع صعود نخبة جديدة من المقاتلين الذين تمتعوا بامتيازات خاصة، فازداد التفاوت الاجتماعي، فضلًا عن الشرخ في المبادئ والأهداف. ومع تدخّل قوات التحالف الدولي وتضييق الخناق على التنظيم وتراجع موارده المالية؛ تقهقر التنظيم، وفقد القدرة على التحكّم في الأراضي التي كان يسيطر عليها.
يمكنكم قراءة البحث كاملًا من خلال الضغط على علامة التحميل أدناه:
----------
حرمون