من المهم أن نتذكر في حالة الفوضى والظروف المعقدة التي نعيشها الشيخ الرئيس ابن سينا فقد عاش في خضمّ ظروف عاصفة ومليئة بالاضطرابات والتقلّبات السياسية، حيث عاش فترة انحطاط الدولة العباسية، في عهود الخلفاء الطائع والقادر والقائم وغيرهم
وهذا ما جعل البلاد نهباً للطامعين من كل حدب وصوب، فاقتطعت من البلاد مناطق كثيرة، وأقيمت فيها دويلات متخاصمة ومتناحرة فيما بينها ،وما أشبه اليوم بالأمس ،لكن ذلك لم يؤثر في طموحه وتعلقه بالمعرفة حتى غدا علما من أعلامها ،وقد كان ابن سينا موسوعي الثقافة ألم بعلوم كثيرة وبرع في الطب بخاصة حتى أن كتابه القانون أصبح أحد مراجع جامعات أوروبا الأساسية، فدرّس في جامعتي "مونبليه" و"لوفان" إلى نهاية القرن السابع عشر ولم يشتهر كتاب القانون بالطب فقط بل اشتهر ككتاب فلسفي أيضا ، ويقوم على تجارب بعض الأطباء اليونانيين خلال عصور الإمبراطورية الرومانية، وبعض الأعمال العربية وملاحظاته الإكلينيكية ويحوي الكتاب أجزاء خصصت للصيدلة التي لم تكن معروفة آنذاك كعلم مستقل .
وابن سينا هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسين بن علي بن سينا الملقب بالشيخ الرئيس، ولد في صفر (370هـ 980م) من أسرة فارسية الأصل في قرية أفشنة من أعمال بخاري في ربوع الدولة السامانية ،كان ابن سينا دائما ينشد الكمال، فقد تعلم وأتقن الفارسية والعربية، وحفظ القرآن، وهو في العاشرة من عمره،
كان والده وأخوه ممن استجابوا لدعاة الإسماعيلية، ولكن ابن سينا لم يقبل هذا المذهب، بل رفضه كما في قوله: وأنا أسمعهم وأدرك ما يقولونه ولا تقبله نفسي ،أعجب ابن سينا جدا بالمشائين وهو مذهب قائم على أفكار أرسطو ثم نظمها الفارابي، والحقيقة أن كلا من ابن سينا والفارابي استعملا أرسطو كقاعدة انطلاق، ثم وجدا حلولا جديدة للمشاكل كما وصفها أرسطو.
ألف ما يقارب مائتين و خمسين مؤلفاً بين كتاب و رسالة و مقالة في كل من الرياضيات و المنطق و الأخلاق و الطبيعيات و الطب و الفلسفة وكان أول إنتاج عظيم له كتاب الشفاء وهو من موسوعات العلوم ودوائر المعارف، في ثمانية عشر مجلداَ، محفوظة منها نسخة كاملة في جامعة أكسفورد، "والنجاة موجز الشفاء" وضعه الرئيس رغبةً في إرضاء بعض أصفيائه، وقد طبع الأصل العربي بعد "القانون" في روما عام 1593م، وهو في ثلاثة أقسام؛ المنطق والطبيعيات وما وراء الطبيعة،وينسب إليه أنه كان يقول: "وكنت أرجع ليلاً إلى داري وأضع السراج بين يدي وأشتغل بالقراءة والكتابة، فمهما غلبني النوم أو شعرت بضعف، عدلت إلى شرب قدح من الشراب ريثما تعود إليّ قوتي، ثم أرجع إلى القراءة".
ولابن سينا بحوث شيقة في الأدب والحب والتصوف والحب عند ابن سينا لا يشمل الكائنات الحية، فقط بل كل شيء وأعلى درجات الحب ليس في جماله بل في خيره، والخير يحب الخير، والحب الأعلى والأول هو حب الله عز وجل.
ثم ينتقل إلى الميل إلى الأشخاص الرقيقة والشجاعة، خاصة الوجه الجميل، فحب الوجه الجميل يأخذ قوته من قوة الإنسان والحيوان، ففي الإنسان نجد أن حب وجه من الوجوه يعكس الجمال الآلهي، وهو علامة على الحظ السعيد، ووسيلة للتقرب إلى الله.
إن الحب الكامل هو حب الخير المطلق، أو العشق الإلهي، يمكننا أن نقول إن مفهوم ابن سينا للحب أدى به إلى فلسفة التصوف، ولكن متعة العقل عنده تفوق كافة المشاعر، حيث أن الاهتمام بالمادة يمثل عقبة في سبيل الوصول إلى الكمال ،وفي كتب ابن سينا يستعمل كلمة (فرح) بدلا من (المتعة والسعادة)
اشتغل الشيخ الرئيس بعلم الأرصاد ثماني سنوات، وقد حاول في دراساته هذه الوقوف على ما كتب بطليموس، وكتب كتاب الإنصاف في الأرصاد في وقت قياسي ،اعتمد ابن سينا في الطبّ على الملاحظة في وصفه للعضو المريض وصفاً تشريحيا" وفيزيولوجياً، و
اعتمد في ممارسته الطبية على التجربة والاستفادة من تجارب من سبقوه،وله السبق في عدة اكتشافات طبية وعلمية فهو أول من قال بالعدوى ،وهو أوَّل من وصف التهاب السحايا ،ومن تحدَّث بشكل دقيق عن السكتة الدماغية، أو ما يسمى بالموت الفجائي.
ومن بين إنجازات ابن سينا وإبداعاته العلمية، اكتشافه لبعض العقاقير المنشّطة لحركة القلب.
واكتشافه لأنواع من المسكنات أو المخدّرات التي يجب أن تعطى للمرضى قبل إجراء العمليّات الجراحية لهم تخفيفاً لما يعانونه من ألم أثناء الجراحات وبعدها
كذلك وصف ابن سينا الالتهابات والاضطرابات الجلدية بشكل دقيق في كتابه الطبي الضخم "القانون"،
وكان أحد أوائل العلماء المسلمين الذين اهتموا بالعلاج النفسي، وبرصد أثر هذا العلاج على الآلام العصبية وآلام مرض العشق خاصة وقد استدعى مرة للكشف على أحد المرضى، وبعد فحصه فحصا دقيقا تأكد أنه لا يعاني من مرض عضوي ولكن من حالة نفسية، وعندئذ استدعى رجلا يعرف أحياء المدينة وشوارعها خير المعرفة، وأخذ في سرد أسماء الأحياء اسما اسما بينما يضع ابن سينا إصبعه على رسغ المريض ويحس نبضه ويلحظ التغيرات على وجهه، حيث لاحظ عليه التأثير عند ذكر اسم حي معين، وعندئذ بدأ في ذكر شوارع ذلك الحي حتى اكتشف الشارع الذي تأثر بذكره هذا المريض، وهكذا حتى وصل إلى ذكر البيوت وساكنيها فردا فردا، حتى ذكر اسم فتاة معينة، فعرف إن الشاب يهواها ، وكان العلاج هو الزواج وتم بعده الشفاء
وفي علم الطبيعة، اكتشف ابن سينا أن الرؤية أو الضوء سابقة على الصوت كضوء البرق مثلاً يسبق صوت الرعد
كذلك تكلم ابن سينا عن أن هناك علاقة بين السمع وتموّج الهواء
وتُروى عنه بعض الطرف خلال معالجته لمرضاه فقد طُلب في إحدى المرات لعلاج حالة مريض نفسي يتوهم انه بقرة، ويرفض الطعام الذي يقدم له ويطلب أن يذبح، وعندئذ استدعى ابن سينا جزارا ووعد المريض أن يذبحه، أوهم المريض أنه جاد في ذبحه ولكنه أخذ يتحسس جسمه ثم قال "لا.... هذه البقرة هزيلة جدا وتحتاج لبعض التغذية وفعلا أخذ المريض في تناول الطعام ثم شفي بعدها
وهذا ما جعل البلاد نهباً للطامعين من كل حدب وصوب، فاقتطعت من البلاد مناطق كثيرة، وأقيمت فيها دويلات متخاصمة ومتناحرة فيما بينها ،وما أشبه اليوم بالأمس ،لكن ذلك لم يؤثر في طموحه وتعلقه بالمعرفة حتى غدا علما من أعلامها ،وقد كان ابن سينا موسوعي الثقافة ألم بعلوم كثيرة وبرع في الطب بخاصة حتى أن كتابه القانون أصبح أحد مراجع جامعات أوروبا الأساسية، فدرّس في جامعتي "مونبليه" و"لوفان" إلى نهاية القرن السابع عشر ولم يشتهر كتاب القانون بالطب فقط بل اشتهر ككتاب فلسفي أيضا ، ويقوم على تجارب بعض الأطباء اليونانيين خلال عصور الإمبراطورية الرومانية، وبعض الأعمال العربية وملاحظاته الإكلينيكية ويحوي الكتاب أجزاء خصصت للصيدلة التي لم تكن معروفة آنذاك كعلم مستقل .
وابن سينا هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسين بن علي بن سينا الملقب بالشيخ الرئيس، ولد في صفر (370هـ 980م) من أسرة فارسية الأصل في قرية أفشنة من أعمال بخاري في ربوع الدولة السامانية ،كان ابن سينا دائما ينشد الكمال، فقد تعلم وأتقن الفارسية والعربية، وحفظ القرآن، وهو في العاشرة من عمره،
كان والده وأخوه ممن استجابوا لدعاة الإسماعيلية، ولكن ابن سينا لم يقبل هذا المذهب، بل رفضه كما في قوله: وأنا أسمعهم وأدرك ما يقولونه ولا تقبله نفسي ،أعجب ابن سينا جدا بالمشائين وهو مذهب قائم على أفكار أرسطو ثم نظمها الفارابي، والحقيقة أن كلا من ابن سينا والفارابي استعملا أرسطو كقاعدة انطلاق، ثم وجدا حلولا جديدة للمشاكل كما وصفها أرسطو.
ألف ما يقارب مائتين و خمسين مؤلفاً بين كتاب و رسالة و مقالة في كل من الرياضيات و المنطق و الأخلاق و الطبيعيات و الطب و الفلسفة وكان أول إنتاج عظيم له كتاب الشفاء وهو من موسوعات العلوم ودوائر المعارف، في ثمانية عشر مجلداَ، محفوظة منها نسخة كاملة في جامعة أكسفورد، "والنجاة موجز الشفاء" وضعه الرئيس رغبةً في إرضاء بعض أصفيائه، وقد طبع الأصل العربي بعد "القانون" في روما عام 1593م، وهو في ثلاثة أقسام؛ المنطق والطبيعيات وما وراء الطبيعة،وينسب إليه أنه كان يقول: "وكنت أرجع ليلاً إلى داري وأضع السراج بين يدي وأشتغل بالقراءة والكتابة، فمهما غلبني النوم أو شعرت بضعف، عدلت إلى شرب قدح من الشراب ريثما تعود إليّ قوتي، ثم أرجع إلى القراءة".
ولابن سينا بحوث شيقة في الأدب والحب والتصوف والحب عند ابن سينا لا يشمل الكائنات الحية، فقط بل كل شيء وأعلى درجات الحب ليس في جماله بل في خيره، والخير يحب الخير، والحب الأعلى والأول هو حب الله عز وجل.
ثم ينتقل إلى الميل إلى الأشخاص الرقيقة والشجاعة، خاصة الوجه الجميل، فحب الوجه الجميل يأخذ قوته من قوة الإنسان والحيوان، ففي الإنسان نجد أن حب وجه من الوجوه يعكس الجمال الآلهي، وهو علامة على الحظ السعيد، ووسيلة للتقرب إلى الله.
إن الحب الكامل هو حب الخير المطلق، أو العشق الإلهي، يمكننا أن نقول إن مفهوم ابن سينا للحب أدى به إلى فلسفة التصوف، ولكن متعة العقل عنده تفوق كافة المشاعر، حيث أن الاهتمام بالمادة يمثل عقبة في سبيل الوصول إلى الكمال ،وفي كتب ابن سينا يستعمل كلمة (فرح) بدلا من (المتعة والسعادة)
اشتغل الشيخ الرئيس بعلم الأرصاد ثماني سنوات، وقد حاول في دراساته هذه الوقوف على ما كتب بطليموس، وكتب كتاب الإنصاف في الأرصاد في وقت قياسي ،اعتمد ابن سينا في الطبّ على الملاحظة في وصفه للعضو المريض وصفاً تشريحيا" وفيزيولوجياً، و
اعتمد في ممارسته الطبية على التجربة والاستفادة من تجارب من سبقوه،وله السبق في عدة اكتشافات طبية وعلمية فهو أول من قال بالعدوى ،وهو أوَّل من وصف التهاب السحايا ،ومن تحدَّث بشكل دقيق عن السكتة الدماغية، أو ما يسمى بالموت الفجائي.
ومن بين إنجازات ابن سينا وإبداعاته العلمية، اكتشافه لبعض العقاقير المنشّطة لحركة القلب.
واكتشافه لأنواع من المسكنات أو المخدّرات التي يجب أن تعطى للمرضى قبل إجراء العمليّات الجراحية لهم تخفيفاً لما يعانونه من ألم أثناء الجراحات وبعدها
كذلك وصف ابن سينا الالتهابات والاضطرابات الجلدية بشكل دقيق في كتابه الطبي الضخم "القانون"،
وكان أحد أوائل العلماء المسلمين الذين اهتموا بالعلاج النفسي، وبرصد أثر هذا العلاج على الآلام العصبية وآلام مرض العشق خاصة وقد استدعى مرة للكشف على أحد المرضى، وبعد فحصه فحصا دقيقا تأكد أنه لا يعاني من مرض عضوي ولكن من حالة نفسية، وعندئذ استدعى رجلا يعرف أحياء المدينة وشوارعها خير المعرفة، وأخذ في سرد أسماء الأحياء اسما اسما بينما يضع ابن سينا إصبعه على رسغ المريض ويحس نبضه ويلحظ التغيرات على وجهه، حيث لاحظ عليه التأثير عند ذكر اسم حي معين، وعندئذ بدأ في ذكر شوارع ذلك الحي حتى اكتشف الشارع الذي تأثر بذكره هذا المريض، وهكذا حتى وصل إلى ذكر البيوت وساكنيها فردا فردا، حتى ذكر اسم فتاة معينة، فعرف إن الشاب يهواها ، وكان العلاج هو الزواج وتم بعده الشفاء
وفي علم الطبيعة، اكتشف ابن سينا أن الرؤية أو الضوء سابقة على الصوت كضوء البرق مثلاً يسبق صوت الرعد
كذلك تكلم ابن سينا عن أن هناك علاقة بين السمع وتموّج الهواء
وتُروى عنه بعض الطرف خلال معالجته لمرضاه فقد طُلب في إحدى المرات لعلاج حالة مريض نفسي يتوهم انه بقرة، ويرفض الطعام الذي يقدم له ويطلب أن يذبح، وعندئذ استدعى ابن سينا جزارا ووعد المريض أن يذبحه، أوهم المريض أنه جاد في ذبحه ولكنه أخذ يتحسس جسمه ثم قال "لا.... هذه البقرة هزيلة جدا وتحتاج لبعض التغذية وفعلا أخذ المريض في تناول الطعام ثم شفي بعدها