لوحة جدارية في كنيس يهودي في المتحف الوطني بسوريا تُظهر "يد الله" تمتد إلى الناس. تم اكتشاف الكنيس اليهودي في موقع مدينة دورا أوروبوس الأثرية على ضفاف نهر الفرات، والتي يعود تاريخها إلى حوالي 300 قبل الميلاد.
عالم الآثار والمؤرّخ السوري سعد فنصة درس عن قرب المكتشفات الآثرية في دورا أوروبوس. ويعتقد في حديث مع "ارفع صوتك" أن التأثر والتلاقح الحضاري بين المدن جعل لها أشباه، وهذا ما يفسر الحديث عن انعكاس لدورا أوروبوس في مدينة عانة العراقية، كما جاء في الورقة البحثية.
هذا الانعكاس، يتابع فنصة، "هو في الفترة الزمنية نفسها لنشوء هاتين المدينتين، بالإضافة إلى تواجدهما الجغرافي المتقارب وتأثرهما بالعوامل الحضارية نفسها". ويؤكد فنصة أن التثبّت من المقارنة يحتاج إلى رؤية الموقعين على الأرض ومقارنة التصميمات الهندسية للمدينتين، وهو على الغالب ما قام به علماء الآثار الذين استندت إليهم الورقة البحثية للخروج بهذه الاستنتاجات. تأسست "دورا أوروبوس" كمدينة هلنستية في العصر السلوقي، حوالي 300 قبل الميلاد، على الضفة اليمنى لنهر الفرات، أسفل مصب نهر الخابور بقليل. وخضعت للإمبراطورية البارثية في نهاية القرن الثاني قبل الميلاد؛ قبل أن يستخلصها الرومان منهم حوالي عام 165م، واحتفظوا بها قرابة قرن من الزمان حتى دمرها الملك الفارسي شابور الأول عام 256 م، فاختفى ذكرها من السجلات التاريخية منذ ذلك التاريخ، إلى أن عثرت عليها في العام 1920 الكتيبة الهندية العاملة في الجيش البريطاني، والتي كانت ترابط في المكان.
الورقة البحثية الحديثة الموقعة باسم عالم الآثار سايمون جايمس، تعزو عدم الاهتمام المبكر بمدينة عانة من قبل علماء الآثار في المنطقة، إلى تاريخ التدخل الاستعماري البريطاني والفرنسي في المنطقة.
فمنذ وضع سوريا تحت الانتداب الفرنسي والعراق تحت الانتداب البريطاني، حالت الحدود السياسية والعسكرية والإدارية الجديدة دون البحث الشامل وفهم التاريخ السابق للمنطقة ككل.
لكن رغم ذلك، يرى جايمس إيجابيات للتأخر في هذا الاكتشاف، ففي حين عانت دورا يوروبوس وبعض المواقع الأخرى في العراق وسوريا من النهب والتدمير نتيجة الصراعات، ظلّت مدينة عانة بمنأى عن ذلك بشكل كبير. مع العلم أن أجزاء من عانة غرقت تحت المياه في ثمانينات القرن الماضي بسبب إقدام نظام صدام حسين على إنشاء سدّ "حديثة" عند نهر الفرات دون مراعاة المخاطر المترتبة على المدينة.
ومدينة عانة، كما يؤكد المؤرخ عبد السلام الدزدار لـ"ارفع صوتك" في مقابلة سابقة، "موغلة في القدم وتتنافس مع مدينة هيت على أقدمية المدن المأهولة في السكان في التاريخ".
وتسببت مياه السدّ التي أغرقت المدينة في تدمير قلعة عانة وعدد من المساجد والنواعير بالإضافة إلى مقابر "تلبس" الأثرية.
وكشف الدزداروجود الكثير من الآثار تحت الأرض التي لم تستطع هيئة الآثار العراقية التنقيب عنها، بسبب الضغوط من القيادة السياسية في حينها، التي كانت أولويتها للسدّ وتخزين المياه، على حساب التاريخ.
فنصة من جهته، يشرح لـ"ارفع صوتك" أن السلطات السورية، قامت في أواخر الثلاثينات بنقل المعبد اليهودي الذي وجد في دورا أوروبس إلى متحف دمشق الوطني، وهذا ما حماه من التخريب الذي لحق بالمدينة الأثرية عند دخول داعش إليها.
وقد تعرّضت المدينة في فترة سيطرة داعش إلى التدمير والنهب الكبيرين بحسب فنصة، وربما هذا ما يعزز من أهمية الاكتشاف الجديد في عانة العراقية، لأنه قد يعوّض الباحثين عن ما خسرته البشرية نتيجة ما تعرضت له آثار المنطقة من نهب وتدمير وتخريب.
وللمفارقة، فإن ما تعرضت له دورا أوروبوس على يد داعش هو نقيض ما كانته في الفترة ازدهارها الذي تكشفه الحفريات والآثار. فكثرة المعابد الدينية المكتشفة في دورا أوروبوس تعكس مدى التسامح الديني الكبير الذي كان موجوداً في ذلك الزمن، يقول فنصة، ويتابع: "وجود الكنيسة إلى جانب الكنيس اليهودي إلى جانب المعابد الوثنية، مسألة مهمة جداً".
وكان علماء الآثار، قد عثروا في المدينة على معابد لغالبية الأديان التي كانت سائدة في ذلك العصر، من المعابد الوثنية الرومانية، إلى معبد فارسي للربة أناهيتا، إلى كنيس يهودي فريد من نوعه يضم رسومات ملونة غاية في الندرة عن قصص العهد القديم، إلى أقدم كنيسة مسيحية مكتشفة في العالم حتى اليوم، إلى معابد تدمرية تنافس تلك الموجودة في تدمر نفسها.
هذا الانعكاس، يتابع فنصة، "هو في الفترة الزمنية نفسها لنشوء هاتين المدينتين، بالإضافة إلى تواجدهما الجغرافي المتقارب وتأثرهما بالعوامل الحضارية نفسها". ويؤكد فنصة أن التثبّت من المقارنة يحتاج إلى رؤية الموقعين على الأرض ومقارنة التصميمات الهندسية للمدينتين، وهو على الغالب ما قام به علماء الآثار الذين استندت إليهم الورقة البحثية للخروج بهذه الاستنتاجات. تأسست "دورا أوروبوس" كمدينة هلنستية في العصر السلوقي، حوالي 300 قبل الميلاد، على الضفة اليمنى لنهر الفرات، أسفل مصب نهر الخابور بقليل.
الورقة البحثية الحديثة الموقعة باسم عالم الآثار سايمون جايمس، تعزو عدم الاهتمام المبكر بمدينة عانة من قبل علماء الآثار في المنطقة، إلى تاريخ التدخل الاستعماري البريطاني والفرنسي في المنطقة.
فمنذ وضع سوريا تحت الانتداب الفرنسي والعراق تحت الانتداب البريطاني، حالت الحدود السياسية والعسكرية والإدارية الجديدة دون البحث الشامل وفهم التاريخ السابق للمنطقة ككل.
لكن رغم ذلك، يرى جايمس إيجابيات للتأخر في هذا الاكتشاف، ففي حين عانت دورا يوروبوس وبعض المواقع الأخرى في العراق وسوريا من النهب والتدمير نتيجة الصراعات، ظلّت مدينة عانة بمنأى عن ذلك بشكل كبير. مع العلم أن أجزاء من عانة غرقت تحت المياه في ثمانينات القرن الماضي بسبب إقدام نظام صدام حسين على إنشاء سدّ "حديثة" عند نهر الفرات دون مراعاة المخاطر المترتبة على المدينة.
ومدينة عانة، كما يؤكد المؤرخ عبد السلام الدزدار لـ"ارفع صوتك" في مقابلة سابقة، "موغلة في القدم وتتنافس مع مدينة هيت على أقدمية المدن المأهولة في السكان في التاريخ".
وتسببت مياه السدّ التي أغرقت المدينة في تدمير قلعة عانة وعدد من المساجد والنواعير بالإضافة إلى مقابر "تلبس" الأثرية.
وكشف الدزداروجود الكثير من الآثار تحت الأرض التي لم تستطع هيئة الآثار العراقية التنقيب عنها، بسبب الضغوط من القيادة السياسية في حينها، التي كانت أولويتها للسدّ وتخزين المياه، على حساب التاريخ.
فنصة من جهته، يشرح لـ"ارفع صوتك" أن السلطات السورية، قامت في أواخر الثلاثينات بنقل المعبد اليهودي الذي وجد في دورا أوروبس إلى متحف دمشق الوطني، وهذا ما حماه من التخريب الذي لحق بالمدينة الأثرية عند دخول داعش إليها.
وقد تعرّضت المدينة في فترة سيطرة داعش إلى التدمير والنهب الكبيرين بحسب فنصة، وربما هذا ما يعزز من أهمية الاكتشاف الجديد في عانة العراقية، لأنه قد يعوّض الباحثين عن ما خسرته البشرية نتيجة ما تعرضت له آثار المنطقة من نهب وتدمير وتخريب.
وللمفارقة، فإن ما تعرضت له دورا أوروبوس على يد داعش هو نقيض ما كانته في الفترة ازدهارها الذي تكشفه الحفريات والآثار. فكثرة المعابد الدينية المكتشفة في دورا أوروبوس تعكس مدى التسامح الديني الكبير الذي كان موجوداً في ذلك الزمن، يقول فنصة، ويتابع: "وجود الكنيسة إلى جانب الكنيس اليهودي إلى جانب المعابد الوثنية، مسألة مهمة جداً".
وكان علماء الآثار، قد عثروا في المدينة على معابد لغالبية الأديان التي كانت سائدة في ذلك العصر، من المعابد الوثنية الرومانية، إلى معبد فارسي للربة أناهيتا، إلى كنيس يهودي فريد من نوعه يضم رسومات ملونة غاية في الندرة عن قصص العهد القديم، إلى أقدم كنيسة مسيحية مكتشفة في العالم حتى اليوم، إلى معابد تدمرية تنافس تلك الموجودة في تدمر نفسها.