"هذا هو المخبز" يهتف صبي مراهق حينما يلمح المكان المملوك لعائلة أمايا سلاثار، والكائن على ضفة نهر بيداسوا، ويعتبر أحد المعالم المهمة التي تظهر في الرواية، حيث كانت تلتقي شقيقات بطلة العمل المفتشة أمايا سالاثار. توجد فوق المكان لافتة مكتوب عليها "كعك سالاثار"، وهو البزنيس العائلي لأبطال روايات دولوريس ردوندو. وبعيدا عن الخيال الروائي يعتبر هذا المكان أقدم مخبز موجود في بلدة باثتان، وقد حاول أصحابه استثمار النجاح والشهرة التي حققها العمل الأدبي للترويج لتجارتهم. "لم يكن لدينا أية فكرة عن وجود نوع من السياحة يسمى السياحة الأدبية، ولكنه يلقى رواجا كبيرا بين الكثير من الناس"، يقل باوتيستا مورو، مدير المكان، موضحا أنه "على الرغم من أنها روايات مغامرات بوليسية وتقع بها الكثير من حوادث القتل، أهل القرية في منتهى السعادة. الفنادق والبنسيونات أحوالها انتعشت كثيرا بسبب ذلك، وهذا انعكس علينا نحن أيضا".
بفضل نجاح أجزاء الرواية الثلاثة: "الحارس الخفي"، "إرث العظام" و"قربان للعاصفة"، بدأ مخبر باثتان إعداد نوع جديد من المخبوزات أطلق عليه "تانتشيجوري"، ويلقى رواجا كبيرا من الجمهور الذي عشق الرواية، وهو نوع من الكعك المحلى وكان يصنع قديما في القرية، ونسيه الناس، ولكن أعيد إحياء صناعته بسبب العمل الأدبي. واعتاد أهل القرية في السابق، خلال موسم ذبح الخنازير في وادي باثتان إعداد هذه الكعكة باستخدام الزبد المستخلص من هذا الحيوان المنتشر في المكان، وبطبيعة الحال، مع رواج الرواية، أصبح مشهدا مألوفا، انتشار السائحين حول المخبز وفي أيديهم أكياس ورقية أو علب كارتونية تحتوي على هذا النوع التقليدي من حلوى بلاد الباسك. يقول البائع "يجب انتهاز هذه الفرصة".
يمتد وادي باثتان عبر رقعة من الغابات الخضراء عند سفوح جبال البرانس شمال إقليم نابارا، ويشهد هذه الأيام صحوة سياحية غير مسبوقة بسبب نجاح ثلاثية ردوندو. استقبل المكان طلائع السائحين الذين دفعهم الفضول لمعاينة أماكن وقوع أحداث الرواية، قبل أربع سنوات، وساهم في تعزيز شهرة المكان، المرتبط في الأذهان بالسحرة والغموض والأساطير الشعبية الباسكية، عرض فيلم يحمل عنوان الجزء الأول من الثلاثية "الحارس الخفي"، في آذار/ مارس الماضي. في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) تقول المرشدة السياحية ماريا خوسيه باريلا "لقد كان الأمر مذهلا. بدأ الناس يتدفقون على المكان بلا انقطاع. ومع عرض الفيلم، تزايد الإقبال على وادي باثتان بصورة أكبر". يقوم عمل باريلا على اصطحاب السائحين إلى الأماكن الحقيقية التي ظهرت في ثلاثية إليثوندو، ومن بينها عدد من البيوت والقصور القديمة المطلة على ضفة النهر الذي يتلوى كثعبان بين ربوع الوادي، وتلك الممتدة عبر دروب حجرية تزيد من غموض العمل، وحماس السائحين.
بطبيعة الحال، يعتبر قسم شرطة (فورال نابارا)، أحد المعالم التي يحرص السائحون على التوقف عندها على أطراف قرية إليثوندو، وحيث تعمل بطلة الرواية المحققة أمايا على كشف غموض جرائم القتل التي مزقت سكون الوادي الهادئ. توضح باليرا مبتسمة "حقيقة الأمر، تتسم هذه المنطقة بالهدوء الشديد"، لتهدئ من روع السائحين بعد أن تقرأ عليهم بعض المقاطع المخيفة للأحداث التي تتخلل الرواية.
وبالرغم من أن كاتبة العمل دولوريس ردوندو، ولدت في مدينة سان سباستيان، على مسافة 70 كيلومترا من بلدة إليثوندو، ارتبطت بقوة بوادي باثتان، ومن ثم توضح على صفحتها عبر شبكة الانترنت "إنه مكان تحيط به أساطير سحرية تعد الأهم من بين كل التراث الشعبي الأوروبي، نظرا لما شهده الوادي من عمليات ملاحقة للساحرات على يد محاكم التفتيش الإسبانية، والتي أحرقت الكثير منهن بسبب ممارسة أعمال السحر والشعوذة".
عام 2016، حصلت ردوندو على جائزة بلانيتا، عن روايتها "سأمنحك كل هذا"، وهي أهم جائزة تمنحها دار نشر في إسبانيا، مما اكسبها احترام وتقدير النقاد، الذين لم يهتموا كثيرا بثلاثيتها البوليسية، على الرغم من النجاح الجماهيري الكبير الذي حققته في الأعوام الأخيرة، وخاصة في بلدة إليثوندو. تقول إحدى سكان القرية بحماس شديد "لم تستغرق قراءة الأجزاء الثلاثة أكثر من أسبوعين. لم يكن بوسعي التوقف عن القراءة حتى انتهيت منها".
وبالفعل، تعلق الملايين، سواء في إسبانيا أو في الكثير من دول العالم بمغامرات المحققة أمايا سالاثار، والحوادث الغامضة التي تقع في وادي باثتان، وقد ترجمت الرواية إلى أكثر من 30 لغة، كما تعرض في نوافذ مكتبات القرية في إسبانيا نسخا من ترجمة العمل إلى الإنجليزية والألمانية والصينية أيضا.
تقول باريلا "يكمن سر نجاح الثلاثية في التوليفة التي بين الخيال الأدبي وموضوعات تراثية أسطورية، وتاريخية، تمثل جزءا اساسيا من الواقع الذي تعيشه باثتان بالفعل، ويرجع إلى هذا الاهتمام الكبير بالوادي الغامض، الذي يتسم في الوقت نفسه بطبيعة ساحرة ومبهجة".
يمكن اعتبار بلدة باثتان وواديها شخوصا حقيقية في العمل، إلى جانب الشخصيات الخيالية الروائية، حيث تقدم ردوندو وصفا دقيقا للأماكن التي تجري بها الأحداث، تاركة للقارئ التفاعل مع الأجواء الغامضة التي تكتنفها. الأمطار، الضباب، ظلام الغابة، الكائنات الأسطورية، قوة الطبيعة أعمال السحر، تعد جزءا من تفاصيل سلسلة تتجاوز في تصنيفها مجرد رواية بوليسية أو مغامرات تقليدية. "كانت الطبيعة هي ديانة ومعتقد أسلافنا، وكانوا يعتنقونها بقوة، لا زال تأثير ذلك باقيا ولكن بصورة أقل"، توضح باريلا.
بالإضافة إلى قرية إليثوند، يتضمن مسار ثلاثية باثتان العديد من الأماكن الهامة الأخرى، مثل قلعة ثوجاراموردي، وترجع شهرتها إلى ارتباطها بمحاكم التفتيش منذ عام 1610، حيث جرت محاكمة وتنفيذ حكم الإعدام بالمحرقة على 21 ساحرة، وهو الرقم الأكبر في تاريخ هذه الحوادث في كل إسبانيا. يوجد كهف قريب من القلعة، حيث كانت تجتمع الساحرات قبل أربعة قرون، وهو المكان الذي استوحى منه المخرج الإسباني الشهير، أليكس دي لا إجليسيا فيلمه "ساحرات ثوجاراموردي"، وعرض عام 2013.
تنتاب زوار المكان رعدة وتقشعر أبدانهم من هول تصور الأحداث التي جرت به، حيث يشعرون بأجواء السحر تشع من كل أرجائه، والتي حاولت السينما والأدب نقلها بصور مختلفة لتقديمها إلى الملايين في كل مكان.
بفضل نجاح أجزاء الرواية الثلاثة: "الحارس الخفي"، "إرث العظام" و"قربان للعاصفة"، بدأ مخبر باثتان إعداد نوع جديد من المخبوزات أطلق عليه "تانتشيجوري"، ويلقى رواجا كبيرا من الجمهور الذي عشق الرواية، وهو نوع من الكعك المحلى وكان يصنع قديما في القرية، ونسيه الناس، ولكن أعيد إحياء صناعته بسبب العمل الأدبي. واعتاد أهل القرية في السابق، خلال موسم ذبح الخنازير في وادي باثتان إعداد هذه الكعكة باستخدام الزبد المستخلص من هذا الحيوان المنتشر في المكان، وبطبيعة الحال، مع رواج الرواية، أصبح مشهدا مألوفا، انتشار السائحين حول المخبز وفي أيديهم أكياس ورقية أو علب كارتونية تحتوي على هذا النوع التقليدي من حلوى بلاد الباسك. يقول البائع "يجب انتهاز هذه الفرصة".
يمتد وادي باثتان عبر رقعة من الغابات الخضراء عند سفوح جبال البرانس شمال إقليم نابارا، ويشهد هذه الأيام صحوة سياحية غير مسبوقة بسبب نجاح ثلاثية ردوندو. استقبل المكان طلائع السائحين الذين دفعهم الفضول لمعاينة أماكن وقوع أحداث الرواية، قبل أربع سنوات، وساهم في تعزيز شهرة المكان، المرتبط في الأذهان بالسحرة والغموض والأساطير الشعبية الباسكية، عرض فيلم يحمل عنوان الجزء الأول من الثلاثية "الحارس الخفي"، في آذار/ مارس الماضي. في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) تقول المرشدة السياحية ماريا خوسيه باريلا "لقد كان الأمر مذهلا. بدأ الناس يتدفقون على المكان بلا انقطاع. ومع عرض الفيلم، تزايد الإقبال على وادي باثتان بصورة أكبر". يقوم عمل باريلا على اصطحاب السائحين إلى الأماكن الحقيقية التي ظهرت في ثلاثية إليثوندو، ومن بينها عدد من البيوت والقصور القديمة المطلة على ضفة النهر الذي يتلوى كثعبان بين ربوع الوادي، وتلك الممتدة عبر دروب حجرية تزيد من غموض العمل، وحماس السائحين.
بطبيعة الحال، يعتبر قسم شرطة (فورال نابارا)، أحد المعالم التي يحرص السائحون على التوقف عندها على أطراف قرية إليثوندو، وحيث تعمل بطلة الرواية المحققة أمايا على كشف غموض جرائم القتل التي مزقت سكون الوادي الهادئ. توضح باليرا مبتسمة "حقيقة الأمر، تتسم هذه المنطقة بالهدوء الشديد"، لتهدئ من روع السائحين بعد أن تقرأ عليهم بعض المقاطع المخيفة للأحداث التي تتخلل الرواية.
وبالرغم من أن كاتبة العمل دولوريس ردوندو، ولدت في مدينة سان سباستيان، على مسافة 70 كيلومترا من بلدة إليثوندو، ارتبطت بقوة بوادي باثتان، ومن ثم توضح على صفحتها عبر شبكة الانترنت "إنه مكان تحيط به أساطير سحرية تعد الأهم من بين كل التراث الشعبي الأوروبي، نظرا لما شهده الوادي من عمليات ملاحقة للساحرات على يد محاكم التفتيش الإسبانية، والتي أحرقت الكثير منهن بسبب ممارسة أعمال السحر والشعوذة".
عام 2016، حصلت ردوندو على جائزة بلانيتا، عن روايتها "سأمنحك كل هذا"، وهي أهم جائزة تمنحها دار نشر في إسبانيا، مما اكسبها احترام وتقدير النقاد، الذين لم يهتموا كثيرا بثلاثيتها البوليسية، على الرغم من النجاح الجماهيري الكبير الذي حققته في الأعوام الأخيرة، وخاصة في بلدة إليثوندو. تقول إحدى سكان القرية بحماس شديد "لم تستغرق قراءة الأجزاء الثلاثة أكثر من أسبوعين. لم يكن بوسعي التوقف عن القراءة حتى انتهيت منها".
وبالفعل، تعلق الملايين، سواء في إسبانيا أو في الكثير من دول العالم بمغامرات المحققة أمايا سالاثار، والحوادث الغامضة التي تقع في وادي باثتان، وقد ترجمت الرواية إلى أكثر من 30 لغة، كما تعرض في نوافذ مكتبات القرية في إسبانيا نسخا من ترجمة العمل إلى الإنجليزية والألمانية والصينية أيضا.
تقول باريلا "يكمن سر نجاح الثلاثية في التوليفة التي بين الخيال الأدبي وموضوعات تراثية أسطورية، وتاريخية، تمثل جزءا اساسيا من الواقع الذي تعيشه باثتان بالفعل، ويرجع إلى هذا الاهتمام الكبير بالوادي الغامض، الذي يتسم في الوقت نفسه بطبيعة ساحرة ومبهجة".
يمكن اعتبار بلدة باثتان وواديها شخوصا حقيقية في العمل، إلى جانب الشخصيات الخيالية الروائية، حيث تقدم ردوندو وصفا دقيقا للأماكن التي تجري بها الأحداث، تاركة للقارئ التفاعل مع الأجواء الغامضة التي تكتنفها. الأمطار، الضباب، ظلام الغابة، الكائنات الأسطورية، قوة الطبيعة أعمال السحر، تعد جزءا من تفاصيل سلسلة تتجاوز في تصنيفها مجرد رواية بوليسية أو مغامرات تقليدية. "كانت الطبيعة هي ديانة ومعتقد أسلافنا، وكانوا يعتنقونها بقوة، لا زال تأثير ذلك باقيا ولكن بصورة أقل"، توضح باريلا.
بالإضافة إلى قرية إليثوند، يتضمن مسار ثلاثية باثتان العديد من الأماكن الهامة الأخرى، مثل قلعة ثوجاراموردي، وترجع شهرتها إلى ارتباطها بمحاكم التفتيش منذ عام 1610، حيث جرت محاكمة وتنفيذ حكم الإعدام بالمحرقة على 21 ساحرة، وهو الرقم الأكبر في تاريخ هذه الحوادث في كل إسبانيا. يوجد كهف قريب من القلعة، حيث كانت تجتمع الساحرات قبل أربعة قرون، وهو المكان الذي استوحى منه المخرج الإسباني الشهير، أليكس دي لا إجليسيا فيلمه "ساحرات ثوجاراموردي"، وعرض عام 2013.
تنتاب زوار المكان رعدة وتقشعر أبدانهم من هول تصور الأحداث التي جرت به، حيث يشعرون بأجواء السحر تشع من كل أرجائه، والتي حاولت السينما والأدب نقلها بصور مختلفة لتقديمها إلى الملايين في كل مكان.