نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


التعليم السعودي: جبهة أمامية للحرب على الإرهاب




بعد مرور سبع سنوات على أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وتحقيق الولايات المتحدة نصرًا في حربها على الإرهاب كما يرى الكثير من المسئولين الأمريكيين – لكنَّ هناك كثيرًا من المحللين يرفض ما ذهب إليه هؤلاء المسئولون-. ومازالت الولايات المتحدة مهتمة بمحاربة الجماعات الإرهابية ولكن هذا الاهتمام يتعلق بمحاربة أفكار تلك الجماعات والأسباب التعليمية والثقافية المساعدة على تفريخ الإرهاب، انطلاقًا من قناعة أمريكية أن الفساد التعليمي والثقافي يعد أحد أسباب الإرهاب، ولهذا أولت الولايات المتحدة اهتمامًا للتعليم باعتباره أحد الأسس الرئيسة لمحاربة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط التي تعتبرها واشنطن مفرخة للإرهاب العالمي، وترى أن استقرار العالم العربي والإسلامي لا يمكن أن يتحقق في ظل انتشار الأمية والتعصب الديني



ولاء شعبان

بعد مرور سبع سنوات على أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وتحقيق الولايات المتحدة نصرًا في حربها على الإرهاب كما يرى الكثير من المسئولين الأمريكيين – لكنَّ هناك كثيرًا من المحللين يرفض ما ذهب إليه هؤلاء المسئولون-. ومازالت الولايات المتحدة مهتمة بمحاربة الجماعات الإرهابية ولكن هذا الاهتمام يتعلق بمحاربة أفكار تلك الجماعات والأسباب التعليمية والثقافية المساعدة على تفريخ الإرهاب، انطلاقًا من قناعة أمريكية أن الفساد التعليمي والثقافي يعد أحد أسباب الإرهاب، ولهذا أولت الولايات المتحدة اهتمامًا للتعليم باعتباره أحد الأسس الرئيسة لمحاربة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط التي تعتبرها واشنطن مفرخة للإرهاب العالمي، وترى أن استقرار العالم العربي والإسلامي لا يمكن أن يتحقق في ظل انتشار الأمية والتعصب الديني، ومن ثم أصبح الطريق الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار وإقامة مجتمع مدني في الشرق الأوسط هو نشر منظومة تعليمية تحمل قيم التسامح وقبول الآخر بدلاً من استخدام القوة العسكرية، بعبارة أخرى أضحى التعليم بمثابة استراتيجية طويلة المدى لتحقيق الأمن والاستقرار الدوليين.

وفى هذا الإطار، بدأت الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية تهتم بإصلاح منظومتها التعليمية، والتي كانت محور مقالة معنونة بـ " تعليم العرب: الجبهة الأمامية للحرب على الإرهاب" Arab Education: The Front Line on the War on Terror أعدها مايكل هيلرد Michael J. Hillyard رئيس جامعة القديس أوغسطين University of St. Augustine، وفى يونيو 2008 كان ضمن فريق التقييم الدولي لتقييم أداء الجامعة العربية المفتوحة The Arab Open University (AOU) استعدادًا لجائزة الملك عبد الله للمنح الدراسية للطلاب، وقد صدرت هذه المقالة عن مجلة الرؤى الاستراتيجية Strategic Insights التابعة لمركز الصراعات المعاصرة Center for Contemporary Conflict.


نشأة الجامعة العربية المفتوحة
في مستهل مقالته أشار مايكل إلى نشأة الجامعة العربية المفتوحة التي أنشئت في عام 2002 في إطار برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية (أجفند) (AGFUND ويرجع الفضل في تأسيسه إلى الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود مؤسس صندوق الخليج العربي والرائد في مجال التنمية البشرية من خلال مبادراته الرامية إلى مساعدة المحتاجين وكان الغرض من إنشاء هذه الجامعة هو تزويد العرب بتعليم مفتوح وبأسعار معقولة.

وبالنسبة لمنهج الجامعة فهو عملي من الناحية الاقتصادية للتصدي للعجز الحاصل في المنظومة التعليمية العربية كالنقص الشديد في المعلمين المختصين في التعليم المهني. فالمعلمون في المملكة العربية السعودية على سبيل المثال غير مؤهلين بالشكل الذي يمكنهم من مقابلة المجالات التعليمية الحديثة مثل إدارة الأعمال والتكنولوجيا واللغات الأجنبية.

وقد تم تخريج أول دفعة منها عام 2007، ويبلغ عددها حوالي 526 طالبا، ويشير المسح الإحصائي لطلاب الجامعة إلى أن ما يقرب من نصف طلابها من الإناث فضلا عن أن 60 % منهم أكبر سنًّا من السن التقليدية المتعارف عليها لطلاب أي جامعة مما يمنح فرصة لكثير الحصول على مؤهل يحسن من درجتهم الوظيفية، فضلاً عن الجامعة العربية المفتوحة التي حصلت على المرتبة الثامنة والستين من بين أكبر مئة جامعة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.


إنجازات السعودية في مجال التعليم العالي
في النصف الأخير من القرن العشرين كانت المملكة العربية السعودية من بين أفقر الدول الصناعية في العالم في نظم التعليم العالي، حيث إن وزارة التربية والتعليم لم يتم إنشاؤها حتى عام 1975. وفي السنوات التي أعقبت إنشاءها كانت تسيطر عليها النخبة الوهابية، وكانت العلوم الدينية هي أساس المنهج التعليمي على حساب الاهتمام بالعلوم الاجتماعية والفنون والتعليم المهني، وبالتالي لم يتخرج إلا أعداد قليلة من المواطنين السعوديين في الفترة ما بين 1970-1990 الذين تلقوا التعليم في التخصصات العلمية؛ لذلك اعتمدت المملكة العربية السعودية على عديد من الموظفين غير السعوديين لتشغيل كثير منهم في الصناعات الداخلية، لكن في عام 2003 أصبح لديها ثماني جامعات، كما استثمرت 1% من الناتج المحلي الإجمالي في البحث والتطوير العلمي.

ومنذ أن تولى الملك عبد الله الحكم في عام 2005 أضحى البحث العلمي والاستثمار التعليمي حجر الزاوية لخطته الاستراتيجية لمدة 25 عامًا، فضلاًً عن أنه خصص مالا يقل عن ثلث الميزانية العامة للمملكة للتعليم والتدريب بالإضافة إلي 10 ملايين دولار لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا.

ويضاف إلى ما سبق إرسال أكثر من 40000 من مواطني المملكة للخارج وذلك للحصول على الدراسات العليا في أمريكا وأوروبا وآسيا مع التركيز على مجالات الأعمال التجارية والهندسة والفيزياء ضمن برنامج الملك عبد الله للمنح السنوية. ويتوقع البعض بأن يتضاعف عدد الطلاب الذين يدرسون بالخارج خلال الخمس سنوات القادمة، وهو ما يشير إلى عقد اتفاقات مع معظم الدول الصناعية مثل الاتفاقية مع فرنسا علي سبيل المثال حيث سيصل عدد الطلاب من 600 إلي 2000 طالب خلال العام القادم

أما وزارة التربية والتعليم السعودية فقد التزمت هي الأخرى بتركيز المناهج التعليمية على مجالات مثل الهندسة والعلوم والتكنولوجيا، حيث زاد عدد الكليات من 16 إلي 57، كما وصل عدد المستشفيات من 18 إلي 50، بالإضافة إلي 9 مستشفيات تعليمية، ووصل عدد الطلاب المسجلين في الجامعات السعودية هذا العام حوالي 30000 طالب مقارنة بعام 1970 الذي وصل فيه عدد الطلاب ذلك العام إلي 7000 طالب، كما جعلت الوزارة الهدف الأول من سياستها العامة هو توفير فرص التعليم لكل مواطن. وفي عام 2007 أعلن الملك عبد الله مبادرته لبناء 17 جامعة إضافية وذلك التزامًا من جانب المملكة لتعليم المرأة وفتح ميادين جديدة للدراسة.

وفي السياق ذاته، ذكر تقرير اقتصادي صدر مؤخرًا أن نصيب الفرد من حيث الإنفاق على التعليم في المملكة العربية السعودية أكبر من نصيب الفرد في كثير من الدول المتقدمة صناعيًّا مثل اليابان وفرنسا وروسيا. وعن دور الجامعة العربية المفتوحة يقول كاتب الدراسة : إنها تهدف إلى مساعدة وزارة التربية والتعليم لتحقيق هدفها، ففي عام 2007 خصص الملك عبد الله مبلغ 7.26 مليون دولار للجامعة العربية المفتوحة وذلك لتشييد عديدٍ من الفروع لها في المملكة.


مستقبل التعليم في السعودية
من المعروف أنَّ المجتمع السعودي يمنع الاختلاط بين الرجال والنساء، وبالتالي فإنَّ الإناث والذكور منفصلون كلية في نظم التعليم العالي لكن الجامعة العربية المفتوحة وفَّرت تعليمًا عاليًا مفتوحًا وبتكلفة منخفضة بالإضافة إلى نظام التعليم عن بُعد واستخدام الإنترنت مما سمح لجميع الطلاب سواء كانوا ذكورًا أم إناثًا تلقى التعليم من خلال الإنترنت حيث إنها تقدم حوالي 75% من الدورات التعليمية عبر الإنترنت ومن ثَمَّ مكَّنت الدارساتِ الإناثَ من تلقى تعليمهن والتساوي في المناهج الدراسية مع الذكور.

وبالنسبة للطلاب الذين لا يحصلون على منح دراسية ممولة من الجامعة العربية المفتوحة تصل تكلفة العام الدراسي بالنسبة لهم حوالي1300 دولار. ناهيك عن أنَّ نظام الجامعة العربية المفتوحة يعتمد على اللغة الإنجليزية وبالتالي أصبح كل طالب لديه لغة ثانية إلى جانب اللغة العربية التي تعتبر اللغة الأساسية داخل المملكة مما جعل البعض وعلى رأسهم مدير الفرع السعودي للجامعة الدكتور "عبد الله سلامه" يقول بأن التعليم الذي تقدمه هذه الجامعة استراتيجي وتحويلي ويهدف إلى خلق جيل متعلم قادر على المنافسة على الصعيد العالمي.

وعن التحديات التي تواجه فرع الجامعة العربية المفتوحة في السعودية ينصح الكاتب بأن تتوسع في تقديم درجات أكاديمية جديدة بالإضافة إلى تحسين مستوى اللغة الإنجليزية للطلاب السعوديين وذلك من خلال تقديمها لدورات اللغة الإنجليزية لعدد كبير من الطلاب في أول سنتين للدراسة.

ورغم النجاح الكبير الذي تحققه الجامعة العربية المفتوحة إلا أن هناك تحديين رئيسين يواجهانها، يتمثل التحدي الأول في الامتثال الصارم للرخصة الأجنبية، حيث إنها تابعة للمقر الرئيس في المملكة المتحدة (بريطانيا)، ومن ثم فهي ملتزمة بالمناهج الدراسية التي تدرس بالمملكة المتحدة، وبالتالي إسهامها بالنسبة للدورات المحلية يكاد يكون معدومًا وتصبح المعرفة والعلم اللذان يتلقاهما الطلاب قاصرة على المعرفة الغربية والعالمية، في حين يتمثل التحدي الثاني في مدى قدرة الجامعة على تنفيذ ومتابعة العمل وفقًا لخطة تضمن جودة التعليم، والذي يُعتبر مفهومًا جديدًا لدى منظومة التعليم في الشرق الأوسط وبالرغم من أن لديها وحدة لضمان وتقييم جودة الدورات التي تقدمها فإنها لم تفعل ذلك حتى إبريل 2008.

وفي نهاية المقالة يخلص الكاتب إلى أن الجامعة العربية المفتوحة أسهمت في إحداث بعض التغييرات في المجتمع السعودي، تتمثل في المشاركة الواسعة النطاق للمواطنين السعوديين في الاقتصاد العالمي، وزيادة دور المرأة السعودية في المجتمع السعودي، وأبرز ما يدل على ذلك تعيين أول امرأة في تاريخ المملكة العربية السعودية في عام 2003 في منصب عميدٍ لإحدى الجامعات بالمملكة، وهو ما يشير بدوره إلي اهتمام المملكة بمنح المرأة فرصة التعليم مثلها مثل الرجل وذلك من أجل تمكينها من المشاركة في الاقتصاد العالمي بقدر يتلاءم مع طبيعة المجتمع السعودي ودورها كربة منزل.




ولاء شعبان
الثلاثاء 21 أكتوبر 2008