الحريري قال إن هذه الوثائق متوفرة فقط لدى “الائتلاف” باعتباره “ممثلًا وحيدًا عن الشعب السوري”، إلا أن هذا التمثيل الذي تطرق له لم يحظَ خلال مسيرة المؤسسة السياسية على تصديق كامل من السوريين.
فبعد أن حظي “الائتلاف” باعتراف جزئي من دول عديدة خلال سنوات تشكيله الأولى، حتى إنه اعتُبر الممثل الرسمي للشعب السوري في جامعة الدول العربية وبعض الدول مثل تركيا وقطر، يحمّله العديد من السوريين مسؤولية سوء إدارة المكاسب السياسية التي حصل عليها وخسارتها، ولو بشكل جزئي فيما بعد.
وتطغى حالة من عدم الرضا على سياسة “الائتلاف”، وخصوصًا في الفترة الأخيرة، بعد أن تلقّى أحد الصحفيين السوريين تهديدًا صريحًا في ريف حلب الشمالي، على خلفية مادة صحفية نُشرت في موقع “المركز الصحفي السوري” تنتقد سياسة الحريري، بحسب المركز.
وتتجلى هذه الحالة واضحة في ردود فعل سوريين على ما تنشره منصات “الائتلاف” الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى الخدمية منها، فحتى المشاريع الخدمية التي يحاول إقامتها في الداخل السوري تُقابَل بالشتائم والانتقادات.
في هذا الملف، تبحث عنب بلدي في أسباب رفض سوريين لـ”الائتلاف السوري المعارض” بصفته الجهة التي تمثلهم، وتناقش مع محللين سياسيين الأسباب التي أفقدت هذه المؤسسة ثقة السوريين، ومدى الحاجة إليها كجهة تمثلهم، وتسلّط الضوء على ملفات إشكالية واجهها “الائتلاف” خلال سنوات عمله.
“الائتلاف” يخالف مواثيق عمله
أُعلن من العاصمة القطرية الدوحة، في 11 من تشرين الثاني 2012، عن الاتفاق النهائي على توحيد صفوف المعارضة السورية تحت لواء كيان جديد هو “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”.
وجاء توقيع الاتفاق على تشكيل هذا الكيان بعد أسبوع من المشاورات بين أطياف المعارضة السورية ودبلوماسيين عرب وغربيين في الدوحة، إذ بدأت المشاورات في 4 من تشرين الثاني عام 2012، بقيادة “المجلس الوطني” الذي كان يعدّ أكبر كيانات المعارضة السورية آنذاك.
ونص “ميثاق الثورة السورية” المعمول به من قبل “الائتلاف” على العديد من النقاط منذ بداية تأسيسه حتى الآن، كانت أولاها تأييد شعار “واحد واحد واحد، الشعب السوري واحد”، تأكيدًا على وحدة الشعب السوري بجميع أطيافه الدينية والقومية منها.
ويدعو “الائتلاف” في خطابه السوريين، سواء في المناطق الخاضعة لفصائل المعارضة السورية أو في المناطق الخاضعة للنظام وسلطات الأمر الواقع، وفي دول اللجوء والاغتراب، “إلى اصطفاف وطني هدفه إنقاذ الوطن ومواجهة التحديات الخطيرة التي يواجهها، والحفاظ على وحدته الجغرافية، والسياسية، والاجتماعية، وتفعيل الحراك الثوري والمقاومة الشعبية بأشكالها وصورها كافة، بما في ذلك العمل على إخراج القوات الأجنبية، والميليشيات الطائفية العابرة للحدود، ومقاومة التفريط بسيادة الوطن ومصالحه والعبث بثقافته ولغته وعقائده”.
لكن انتقادات جديدة طالت “الائتلاف”، مؤخرًا، على خلفية تصريحات تناقض هذه المواثيق، كان آخرها مطالبة الرئيس السابق، نصر الحريري، لتركيا بالتدخل العسكري ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، لإخراجها من مدن تل رفعت ومنبج.
وهو أمر اعتبره “المجلس الوطني الكردي”، وهو أحد كيانات “الائتلاف”، “استباحة لسيادة الدولة السورية وتجاوزًا لمبادئ الثورة السورية وقيمها، وإساءة إلى العلاقات بين مكونات (الائتلاف) نفسه”.
وكان “المجلس الكردي” أصدر على خلفية تصريحات الحريري بيانًا، في حزيران الماضي، قال فيه إن دعوة الحريري للرئاسة التركية بالتدخل العسكري في مناطق أخرى من سوريا، تتعارض مع أهداف “الائتلاف” الذي يعمل من أجل تحقيق الحرية للشعب السوري، والحفاظ على استقراره وكرامته في دولة حرة ديمقراطية ذات سيادة.
كما تنص المبادئ الأساسية لـ”الائتلاف” على توحيد الكيانات العسكرية والسياسية، بالإضافة إلى “تشكيل حكومة انتقالية بعد الحصول على اعتراف دولي”، رغم أنه وفي هذا السياق لم تتضح العلاقة بين “الحكومة السورية المؤقتة” و”الائتلاف”، ويجري الحديث دائمًا عن خلافات بين الكيانين.
وبالنظر إلى أن الشرط الأول من مبدأ “الائتلاف” فيما يتعلق بتشكيل الحكومة الانتقالية لم يتحقق، فالخلافات الجانبية لم تعد ذات أهمية كون “الائتلاف” لم يحظَ بالاعتراف الدولي سوى من قطر وتركيا، إذ إنه خسر اعترافه الذي حظي به من قبل دول أوروبية وبعض الدول العربية في مرحلة لاحقة.
هل المعارضة السورية بحاجة إلى “الائتلاف”؟
يُعرف “الخطاب الوطني للائتلاف” هذه المؤسسة بأنها “الممثل الشرعي للشعب السوري”، مشيرًا إلى أنها ليست “حالة معارضة، أو حالة خاصة فقط بالقوى الثورية”.
ويؤمن “الائتلاف” بأنه مسؤول عن جميع السوريين بغض النظر عن مواقفهم ومواقعهم، وأن هدفه في التغيير الشامل والجذري للنظام القائم وإقامة النظام الديمقراطي البديل يتجاوز أبناء الثورة، وقوى المعارضة، إلى عموم الشعب السوري، وأن خطابه يوجّه إليهم جميعًا، داخل سوريا وخارجها.
ويعتقد الباحث والمحلل السياسي السوري نصر اليوسف أن أي عمل جماعي كالثورة السورية يحتاج إلى قيادة واعية توجهه، وفي بداية عمله كان “الائتلاف الوطني” إحدى المؤسسات التي تحمل هذه المقومات، إلا أن تحويل قضايا العديد من أعضائه إلى قضايا تصب في مصالح شخصية، أفقد “الائتلاف” مميزاته كقيادة.
وقال اليوسف في حديث إلى عنب بلدي، إنه من البديهي أن يكون عكس التنظيم هو الفوضى، والغرض من تشكيل مؤسسات قيادية أو تمثيلية لقضايا كبيرة هو تنظيمها، بينما غياب التنظيم والارتهان إلى أوامر داعمي هذه المؤسسات أدى في نهاية المطاف إلى الفوضى، والفوضى لا يمكن أن تنتج أثرًا فعالًا، بحسب اليوسف.
وحقق “الائتلاف” في بداية تأسيسه العديد من المكاسب السياسية التي اعتبرها اليوسف ذات أثر إيجابي في تلك المرحلة، إذ حظي “الائتلاف” باعتراف حوالي 120 دولة له كممثل شرعي عن الشعب السوري، كما حظي بمقعد في “جامعة الدول العربية” كممثل عن السوريين، بينما أُقصي النظام من الجامعة آنذاك.
ويرى اليوسف أن هذه المكاسب إيجابية وفعالة، لكن تلاشيها كان بشكل أسرع من اكتسابها.
وأرجع الباحث ذلك إلى “الوصولية، والانتهازية، والأنانية”، حتى وصل الأمر إلى سحب “الائتلاف” رسميًا من بعض الدول، أو اعتبار هذا الاعتراف غير صالح ولو بشكل غير معلَن.
وعلى الرغم من اعتقاد اليوسف أن لـ”الائتلاف” أثرًا سلبيًا على الثورة السورية، لم يشجع على مفهوم التخلي عنه في الممثلية السياسية للثورة السورية، إذ اعتبر أن التخلي عنه لا يصب في مصلحة الثورة، ولكن “استبداله وإصلاحه هو الخيار الأفضل بالنسبة للسوريين”.
كما يرى الباحث أن على الوجوه السياسية “التي حفظناها وصرنا نعرفها منذ تسع سنوات” أن تفسح المجال لشخصيات جديدة وعناصر جديدة، بدلًا عن تقليب المناصب في الوجوه السياسية ذاتها التي كانت لها تجاربها التي تركت أثرًا سلبيًا على قضية الشعب السوري.
ويجب إعادة صياغة المبادئ التي يعمل بها “الائتلاف” فيما يتماشى مع الوضع الحالي الذي وصلت إليه مجريات الأحداث في سوريا، بحسب اليوسف.
بينما يعتقد الباحث السياسي في مركز “جسور” للدراسات، وائل علوان، أن “الثورة الواسعة” التي انتفض بها الشعب السوري كانت بحاجة إلى التمثيل السياسي الذي يستفيد من جميع الإمكانيات السياسية المحلية والخارجية في إنضاج مشروع وطني جامع يستجيب لأهداف الشعب ومطالبه العادلة.
ولكن ما حصل هو وجود كيان “لم يستطع جمع النخب السياسية السورية بشكل فاعل”، الأمر الذي أدى دائمًا إلى ظهور الانقسامات والخلافات.
كما لم يستطع “الائتلاف” بناء “المشروع الوطني” الذي يحتاج الشعب السوري إلى أن يلتف حوله، وتعريف “الائتلاف الوطني” لنفسه من خلال أدائه كان أنه مؤسسة صنعها المجتمع الدولي لتكون مقابل النظام السوري في عملية الحل السياسي المفروضة عبر المفاوضات، بحسب علوان.
وأضاف أن “الائتلاف” حافظ على مبادئ الثورة من خلال مواقفه وبياناته، لكنه لم يقدم النموذج السياسي الممثل لهذه المبادئ، وما تحتاج إليه هذه المؤسسة أن تكون منصة لعمل النخب السورية السياسية حول مشروع وطني سوري جامع.
واعتبر علوان أن التخلي عن “الائتلاف” لا يُعتبر مكسبًا للسوريين، بل هناك حاجة ملحة وبشكل مستمر للاستفادة من كل ما تملكه المعارضة السورية من نخب ومن إمكانيات وتطويرها وتعديلها بناء على مشروع وطني واضح، يمثل حاجة الناس في سوريا إلى الحرية والعدالة والنظام الجديد القائم على الشفافية والتداول السلمي للسلطة، وعلى تطبيق الديمقراطية وليس فقط ادعاءها.
لا استراتيجية عسكرية
أثبت “الائتلاف الوطني”، الذي حلّ محلّ “المجلس الوطني السوري”، أنه ليس أكثر منه فعالية في توفير قيادة سياسية استراتيجية، وتمكين الإدارة المدنية المحلية، وتأكيد السلطة الموثوقة على الثوار المسلحين، وتقديم الإغاثة الإنسانية، ووضع استراتيجية سياسية لتقسيم النظام، بحسب دراسة بعنوان “المعارضة السورية ومشكلة القيادة” صادرة عن مركز “مالكوم كير-كارينغي” في نيسان 2013.
وقالت الدراسة، إن الشخصيات والفصائل المعارضة في المنفى تنافست على المكانة والموارد بدلًا من أن تتوحّد تحت راية مشتركة، إذ كانت تتوقّع الحصول على التمويل والاعتراف السياسي من المجتمع الدولي.
ويتعيّن على “الائتلاف” تمكين الهياكل القاعدية الأساسية كي تصبح قيادة سياسية حقيقية للمعارضة داخل سوريا، وتحويل تركيزه باتجاه التعامل صراحة مع الأطياف السياسية ومؤسّسات الدولة الرئيسة بغرض فصلها عن النظام، إذا كان يأمل في تحقيق التغيير الديمقراطي الدائم، بحسب الدراسة.
كما تناولت الدراسة افتقار “الائتلاف” لاستراتيجية عسكرية وقارنتها باستراتيجية “المجلس الوطني” السابقة.
ومنذ تأسيسه، كان “المجلس الوطني السوري” يعارض التدخل العسكري الخارجي في سوريا وتسليح المعارضة، ولكن في شباط 2012، تراجع المجلس عن موقفه في العلن، واعتبر قادة “المجلس الوطني” هذا مطلبهم الرئيس، ولكنهم أقرّوا بعيدًا عن الأنظار، بأن التدخّل العسكري الدولي في سوريا لن يحدث.
وبينما اعتبرت الدراسة التي نشرها المركز أن تشكيل “الائتلاف” جاء لإصلاح فشل “المجلس الوطني” في اتباع استراتيجية عسكرية ناجحة فيما يتعلق بربط الجانب العسكري بالجانب السياسي في الثورة السورية، كان تشكيل “الائتلاف” استنساخًا لتجربة “المجلس الوطني”، التي خرجت في نهاية الأمر بالنتائج ذاتها.
وفي نهاية الأمر أصبحت الاستراتيجية العسكرية المتبعة هي فصيلين عسكريين كبيرين، هما “الجيش الوطني السوري” الذي يمثل سياسة تركيا في المنطقة ولو بشكل نسبي، و”هيئة تحرير الشام” المصنفة على قوائم الإرهاب، والتي تدّعي على الدوام أنها تحمل مشروعها الخاص الذي يمثلها عبر وسائل الإعلام، ويختلف اختلافًا جذريًّا عن الوقائع على الخريطة السورية.
وعمدت “تحرير الشام” إلى تشكيل ما صار يُعرف بحكومة “الإنقاذ”، التي عرقلت مشاريع “الحكومة السورية المؤقتة” في مناطق رئيسة بالشمال السوري مثل محافظة إدلب وريفها، باستثناء مشاريع تعليمية تمررها منظمات المجتمع المدني العاملة في المنطقة.
مشكلات ميدانية وإدارية واجهها “الائتلاف”
أُثيرت العديد من القضايا حول “الائتلاف السوري” خلال السنوات الأخيرة، باعتباره الجسم السياسي المعارض الناطق بقضايا ومشكلات السوريين، مع التساؤل عن دوره في إحداث تلك المشكلات، ومدى قدرته على معالجتها، في الوقت الذي كان يعوّل فيه السوريون على مؤسسات مدنية، تحمل روح الثورة، وتتحلى بالشفافية وتنبذ البيروقراطية والروتين الذي تتعامل به مؤسسات النظام السوري.
مماطلة بالتعامل مع الشهادات
ومن أبرز هذه القضايا الإشكالية لدى “الائتلاف”، المماطلة التي يتعرض لها الشخص عند محاولة تصديق الشهادات الدراسية (كشرط لدخول المدارس أو الجامعات التركية).
ويجري تصديق الشهادات السورية من خلال مركز “خدمة المواطن” الذي افتتحته “الحكومة السورية المؤقتة”، وهي الجناح التنفيذي لـ”الائتلاف السوري المعارض”، في مدينة غازي عينتاب، جنوبي تركيا، عام 2016.
ويتعرض اللاجئ السوري في تركيا عند محاولة تصديق أوراقه وشهاداته الدراسية، لاستئناف تحصيله العلمي في تركيا، للتأخير والمماطلة، ما قد يتسبب بتفويت العام الدراسي على الطالب، بالإضافة إلى غياب المسؤولية واحتمالية ضياع الأوراق وفقدانها لدى مكتب “خدمة المواطن”.
وخلال مجموعة شهادات سابقة حصلت عليها عنب بلدي، أكد علاء الدين وهو طالب سوري مقيم في تركيا اتباعه كل الشروط المطلوبة لتصديق شهادته الدراسية، إلا أن مكتب “خدمة المواطن” يستحدث شروطًا “جديدة غير واقعية”، بحسب وصفه.
وتعتبر قضية تصديق الشهادات من أكثر القضايا إلحاحًا وأهمية، لارتباطها بمصير الطالب وإمكانية متابعة تحصيله العلمي، وحمايته من خطر الانقطاع عن الدراسة الذي واجه الكثير من الطلاب السوريين.
جوازات لا تفضي إلى مكان
يضاف إلى مشكلة الشهادات العلمية وتصديقها، إصدار جوازات سفر مزوّرة لشخصيات معارضة من سفارة “الائتلاف السوري” في العاصمة القطرية الدوحة.
هذا الموضوع الذي ارتبط بشقين، اقتصادي يتعلق بالمتاجرة، وأمني مرتبط بتهريب مطلوبين إلى تركيا، نفاه “الائتلاف السوري” خلال بيان أصدره في 24 من تشرين الأول عام 2018.
وجاء في البيان، “إن ما نشرته وسائل إعلام حول قيام السفارة في الدوحة باستصدار جوازات سفر مزوّرة تحمل سمات رسمية، للمساعدة في تهريب ونقل بعض المطلوبين الإرهابيين إلى تركيا غير صحيح جملة وتفصيلًا”.
وسبق هذا البيان بأيام، نشر إذاعة “شام إف إم” المحلية صورة لجواز سفر قالت إنه جواز سوري باسم معارضة إماراتية.
الإذاعة نقلت عن مصدر في إدارة الهجرة والجوازات السورية أن رقم الجواز يعود لمواطن سوري، مشيرة إلى أن المعارضة الإماراتية غادرت عبر الجواز نفسه من قطر إلى تركيا.
ورغم محاولة “الائتلاف” إصدار جوازات سفر للسوريين خارج سوريا من خلال مكاتبه في قطر وتركيا، فإن التوصل إلى جوازات سفر سورية صادرة عن “الائتلاف” ومعترف بها باء بالفشل، لعدم وجود نية حقيقية لدى الدول للاعتراف بشرعية هذا الكيان، وفق ما قاله رئيس “الائتلاف السوري” السابق، نصر الحريري، الذي كان رئيسًا لـ”هيئة التفاوض العليا” حينها.
واعترف الحريري بإصدار آلاف الجوازات في تركيا قبل أن يتبيّن أنها مزوّرة.
واتُّهم أمين عام “الائتلاف” الأسبق، نذير الحكيم، حينها بالمسؤولية عن إصدار تلك الجوازات التي تسببت بتوقيف أصحابها في مطارات دول مختلفة بتهمة التزوير.
وتسببت الجوازات الصادرة في اسطنبول عن مكتب الحكيم بالملاحقة القانونية لنحو 37 ألف شخص، حصلوا على جوازات سفر “الائتلاف”، وفق ما ذكره بيان لحملة أطلقها السوريون عبر منصة “آفاز”، وطالبوا خلالها بمعاقبة الحكيم بتهمة “الاحتيال”، وإصدار جوازات مزوّرة.
اختلاس وعلاج في غير مكانه
في أيلول من عام 2014، فارق 15 طفلًا الحياة في بلدة جرجناز بريف إدلب، جراء استخدام خاطئ لعقار “أتراكوريوم”، عوضًا عن المذيب الصحيح للقاح الحصبة الألمانية، خلال حملة تلقيح الأطفال ضد الحصبة في ريف إدلب.
هذا الخطأ الدوائي قابله “الائتلاف المعارض” بإقالة كل من وزير الصحة في “الحكومة المؤقتة” حينها، عدنان حزوري، وعدد من موظفي “وحدة التنسيق” وقطاع الصحة في “الحكومة المؤقتة”، إضافة إلى رئيسة “وحدة تنسيق الدعم”، سهير الأتاسي، التي اعترضت على قرار الإقالة، الذي سرعان ما سُحب، لتعود إلى ممارسة وظيفتها.
وفي آذار من عام 2015، أعلنت الأتاسي استقالتها من إدارة “وحدة تنسيق الدعم”، بعد عامين من تكليفها بهذه المهمة من قبل “الائتلاف السوري المعارض”.
وعبر خطاب استقالة نشرته عبر حسابها في “فيس بوك”، بيّنت الأتاسي سبب استقالتها، معتبرة أنها قدمت كل ما تستطيع تقديمه خلال العامين الماضيين (قبل استقالتها).
ووُجهت اتهامات لـ”وحدة التنسيق الدعم” التي أسسها “الائتلاف السوري” في كانون الأول عام 2012، بالفساد المالي عدة مرات، من قبل ناشطين ومعارضين، كما أبدت شركة “ديلويت” للمحاسبة المالية تحفظاتها على مبلغ مليون دولار أمريكي غير مرصودة في بيانات “الوحدة” لعام 2013.
استقالات “بالجملة”
تزامنت المشكلات الميدانية التي واجهها “الائتلاف” مع مشكلات إدارية، تجلت باستقالات جماعية من صفوفه في نيسان 2018.
وعلى خلفية التناقضات بين مكوناته، وابتعاده عن أهدافه المرسومة حين تشكيله في تشرين الثاني 2012، في العاصمة القطرية، الدوحة، استقال المعارضان السوريان جورج صبرا وسهير الأتاسي، بالإضافة إلى الرئيس السابق، خالد خوجة، الذي ربط استقالته بالأسباب التي ذكرتها الأتاسي وصبرا.
وذكر صبرا في معرض شرحه لأسباب استقالته التي قدمها لرئيس “الائتلاف” ولأعضاء الهيئة العامة، أنه (الائتلاف) “لم يعد ائتلافنا الذي ولد في تشرين الثاني 2012، وحمل أمانة الإخلاص لمبادىء الثورة وأهداف الشعب”.
واعتبر صبرا أن طرائق العمل والتدابير المعتمدة لا تحترم الوثائق والقرارات، ولا تلتزم بإرادة الأعضاء والرؤية الوطنية السورية المستقلة، بالإضافة إلى التناقضات الجارية بين مكوناته وأعضائه.
أما الأتاسي فربطت استقالتها بخسارة المؤسسات الرسمية لقوى الثورة والمعارضة التحدي الذي فرضه عليها المجتمع الدولي.
وقالت إن الدول وضعت الكيانات المعارضة أمام ازدواجية الخضوع أو الزوال، فاختار بعضها أولوية البقاء والتعايش، وتصدّع البعض الآخر فافتقد الكيان المؤسساتي، وأصبح عبارة عن مجموعة كيانات تتراشق علنًا البيانات والتصريحات السياسية المتضاربة.
وقدّم “الائتلاف” نفسه عند تأسيسه كمظلة جامعة للمعارضة ضد النظام السوري، إلا أنه قوبل بانتقادات واتهامات واسعة تتعلق بأدائه السياسي وعدم استيعابه لجميع أطياف المعارضة.
وتزامنت الاستقالات التي لم تحدَّد أسبابها القريبة على وجه الدقة مع تفعيل المسار السياسي في “جنيف” في تلك الفترة.
------------
عنب بلدي