تدرج امنستي في بيان مُفصل، أسماء 23 طفلًا والملابسات المحيطة بمقتلهم نتيجة الاستخدام غير المشروع للقوة خلال الاحتجاجات- امنستي
“تجاهلت السلطات الإيرانية بشكل متكرر جميع الدعوات إلى وقف الاستخدام غير المشروع للقوة ومقاضاة المسؤولين عن عمليات القتل غير المشروع والاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة بحق المتظاهرين والمارة والأشخاص المحرومين من حريتهم. إنَّ ثمن هذا الإفلات الممنهج من العقاب يُدفع من دم الناس، بمن فيهم الأطفال. يتعين على الدول الأعضاء المشاركة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عقد جلسة خاصة بشكل عاجل واعتماد قرار بإنشاء آلية دولية للتحقيق والمساءلة بخصوص إيران”.
وينتمي عشرة أطفال من الضحايا الأطفال المسجلين إلى الأقلية البلوشية المقموعة في إيران، وقتلوا على أيدي قوات الأمن في 30 سبتمبر/أيلول، اليوم الأكثر دموية في حملة القمع في زاهدان في محافظة سيستان وبلوشستان. وتظهر الأدلة التي جمعتها منظمة العفو الدولية أن سبعة على الأقل من الأطفال الذين قتلوا في زاهدان قد أصيبوا بطلقات نارية في القلب أو الرأس أو أعضاء حيوية أخرى.
ووفقًا لمصادر مطلعة وأدلة سمعية وبصرية قامت المنظمة بفحصها، أصيب أحد الأطفال، جواد بوشه، البالغ من العمر 11 عامًا، في مؤخرة رأسه، جرّاء إطلاق قوات الأمن الذخيرة الحية خلال حملة قمع عنيفة على احتجاج أقيم بعد صلاة الجمعة خارج مركز الشرطة بالقرب من مصلى قريب. وقد خرجت الرصاصة من خده الأيمن محدثةً ثغرة كبيرة.
وقُتل بقية الأطفال الـ13 في محافظات طهران (5)، وأذربيجان الغربية (4)، والبرز (1)، وكرمانشاه (1)، وكهكيلويه وبوير أحمد (1)، وزنجان (1). وكان اثنان من الأطفال القتلى يحملان الجنسية الأفغانية- صبي عمره 14 عامًا يدعى محمد رضا سروري، وفتاة عمرها 17 عامًا تدعى ستاره تاجيك.
نشر السلطات لسرديات زائفة
في 7 أكتوبر/تشرين الأول، نشر محامي محمد رضا سروري الذي قُتل برصاص قوات الأمن خلال احتجاجات في مدينة شهر ري بمحافظة طهران في 21 سبتمبر/أيلول، نسخة من شهادة دفن الطفل على الإنترنت والتي حددت سبب الوفاة على أنه “نزيف وتهتك في الأنسجة الدماغية” ناجم عن “إصابته بمقذوف سريع الحركة”. وكتب المحامي أنه شعر بضرورة مشاركة الوثيقة الرسمية نظرًا لترويج السلطات الرسمية لسرديات زائفة عبر وسائل الإعلام الحكومية وتصريحات المسؤولين التي تعزو بشكل متزايد وفاة الأطفال الذين قتلوا على أيدي قوات الأمن إلى “الانتحار”.وأطلقت قوات الأمن الكريات المعدنية والذخيرة الحية على امیر مهدي فرخي بور، 17 عامًا، أثناء الاحتجاجات في طهران في 28 سبتمبر/أيلول. ووفقًا لمصادر مطلعة، فقد توفي متأثرًا بجروح ناجمة عن إصابته بأعيرة نارية في صدره، في الوقت الذي أجبر فيه مسؤولون من المخابرات والده على تسجيل بيان مصور يفيد بأن ابنه توفي في حادث سيارة، مهددين بقتل بناته أو إيذائهن إذا رفض الإدلاء بالبيان.
ومن الأمثلة الأخرى على جهود التستر التي تبذلها الدولة حالة فتاتين تبلغان من العمر 16 عامًا هما نیکا شاکرمي وسارینا اسماعیل زاده، اللتين قُتلتا بعد أن قامت قوات الأمن بضربهما بشدة على رأسيهما ما أفضى إلى موتهما. وأخضعت المخابرات وقوات الأمن عائلتي الفتاتين للمضايقة والترهيب الشديدين لإجبارهم على تسجيل بيانات مصورة تكرر السردية الرسمية التي تفيد “بانتحار” الطفلتين بالقفز من على أحد الأسطح.
تعود جذور الموجة الأخيرة من عمليات القتل في صفوف المحتجين إلى أزمة عميقة تتمثل بالإفلات المنهجي من العقاب عن الجرائم الأشد خطورة بموجب القانون الدولي السائد منذ فترة طويلة في إيران. وهذه الأزمة، بالنظر إلى حجم وجسامة انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في الماضي ويستمرّ ارتكابها، لم تُعالج على نحو كافٍ من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وهناك حاجة ماسة إلى إنشاء آلية دولية للتحقيق والمساءلة لجمع ودمج وحفظ وتحليل الأدلة على الجرائم الأشد خطورة بموجب القانون الدولي المرتكبة في إيران وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بطريقة تفي بالمعايير العامة للمقبولية في الإجراءات الجنائية والمساعدة في التحقيق مع المشتبه في تحملهم المسؤولية الجنائية ومقاضاتهم.
واختتمت هبة مرايف قائلة: “تمارس السلطات الإيرانية المضايقة والترهيب بحق أسر الضحايا بشكل ممنهج لإخفاء حقيقة أن يديها ملطخة بدماء الأطفال. وتؤكد هذه الأساليب المشينة أكثر مدى نطاق وانحطاط حملة القمع التي تشنها السلطات الإيرانية، وتقدم دليلًا إضافيًا على أن جميع سُبل الحقيقة والعدالة مغلقة على المستوى المحلي”.
خلفية
كشفت منظمة العفو الدولية عن إصدار الهيئة العسكرية الأعلى في إيران تعليمات إلى قادة القوات المسلحة في كافة المحافظات بـ “التصدي بلا رحمة” للمتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع في أعقاب وفاة مهسا (جينا) أميني أثناء احتجازها من قبل شرطة الآداب الإيرانية. وقد وثّقت المنظمة الاستخدام الواسع وغير المبرر للقوة المميتة والأسلحة النارية من قبل قوات الأمن الإيرانية التي إما قصدت قتل المتظاهرين، أو أقلّه كان حريًّا بها أن تكون أكيدة إلى حدّ معقول من أنَّ استخدامها للأسلحة النارية سيؤدي إلى وقوع ضحايا.وسبق للسلطات الإيرانية أن ردت على الاحتجاجات بأنماط مماثلة من الاستخدام غير القانوني للقوة، بما في ذلك القوة المميتة، التي أسفرت على سبيل المثال عن مقتل مئات المتظاهرين والمارة، بمن فيهم 21 طفلًا على الأقل، خلال احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني 2019.