نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


كيف استطاعت درعا إفشال انتخابات الأسد؟





شكّلت محافظة درعا خلال الأيام الماضية حالة خاصة من تحدي النظام فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية التي جرت الأربعاء، حيث كانت من بين المحافظات الأقل تفاعلاً مع هذه الانتخابات، على الرغم من أنها تخضع لسيطرة النظام رسمياً، بعد توقيع فصائل المعارضة فيها اتفاقية المصالحة قبل 3 سنوات.


فقد كان لافتاً مستوى التفاعل الشعبي مع الدعوات التي وجهت لمقاطعة الانتخابات والمشاركة في الفعاليات التي تندد بها، فشهدت معظم مدن وبلدات حوران مظاهرات وإضرابات قبل موعد التصويت، بينما اقتصرت المشاركة في الاقتراع على عدد محدود جداً من السكان.

وفي تقرير لمركز جسور للدراسات صدر الخميس، بلغت نسبة التفاعل مع العملية الانتخابية في محافظة درعا 12 في المئة، وهذه النسبة تشمل قدرة النظام على نشر مراكز تصويت، بالإضافة إلى عدد المشاركين ممن يحق لهم الاقتراع من السكان المقيمين في المحافظة.

أما في ما يتعلق بنسبة المشاركة الفعلية في الانتخابات، فهي لا تتجاوز الخمسة في المئة حسب تقديرات الناشط مؤيد أبا زيد، الذي أكد ل"المدن"، أن هذه النسبة أمكن التوصل لها بعد مراقبة مجريات التصويت في مختلف انحاء المحافظة الأربعاء.

وأضاف "إذا أخذنا بالاعتبار أن 30 في المئة من سكان درعا مهجرون، وأن نحو تسعين في المئة من المقيمين لم يشاركوا في هذه الانتخابات حسب المتابعة والرصد وإحصاء عدد المراكز التي تم تفعليها، فيمكن القول إن نسبة المشاركة كانت بين 5-7 في المئة في أحسن الأحوال"، مع الإشارة إلى أن نصف المشاركين على الأقل صوتوا مكرهين، وكانت أعلى نسب الإقبال في درعا المحطة التي لم يتمكن النظام رغم ذلك من إقامة سوى مركزين انتخابيين فيها، وكذلك في إزرع والصنمين وجباب، وهي المناطق التي تبسط فيها قواته سيطرة كاملة عليها.

وتقسّم مصادر في درعا، راقبت سير الانتخابات، المشاركين في التصويت من أبناء حوران إلى ثلاث فئات: الأولى هي فئة المؤيدين للنظام ممن توجهوا إلى مراكز الاقتراع عن قناعة، وهم في الغالب من البعثيين، والثانية هم من الموظفين والطلاب المجبرين على المشاركة، أما الفئة الثالثة فتتعلق بمن صوتوا خوفاً أو تحت التهديد.

وكان لافتاً خلال الأيام الماضية ظهور درعا كحالة استثنائية بين المناطق التي وقعت اتفاقيات مصالحة قضت بتهجير المعارضين منها أو استسلامهم، وبينما كان واضحاً تمكن النظام من ممارسة سلطاته الكاملة على بقية المناطق، وظهر ذلك من خلال الفعاليات التي أقيمت فيها دعماً للعملية الانتخابية وتأييداً لبشار الأسد، كان واضحاً الفشل الذريع الذي مُني به في درعا.

ولم يقتصر تحدي الحورانيين للنظام على المظاهرات الضخمة التي خرجت في مختلف أنحاء المنطقة، والإضربات التي عمت معظم المدن والبلدات فيها، بل كان لافتاً الهجمات التي استهدفت بعض المراكز الانتخابية قبل انطلاق عمليات التصويت، ما أجبر النظام على إغلاقها أو دفع الراغبين بالمشاركة في التصويت إلى التوجه لمناطق أخرى.

كما استبقت فعاليات مدنية معارضة في المحافظة الانتخابات بإصدار بيانات تدعو لمقاطعتها، وكان أبرز الجهات التي عبرت عن هذا الموقف اللجنة المركزية لدرعا، التي تمثل سكان المحافظة في التفاوض والتواصل مع النظام والقوات الروسية في سوريا، وكذلك تجمع عشائر درعا وغيرها.

ويرى أمين عام المجلس السوري للتغيير حسان الأسود أن الأسباب التي جعلت من درعا حالة استثنائية بين المناطق التي استعاد النظام سيطرته عليها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، هي أن الغالبية العظمى من أبناء المحافظة هم من المعارضين الجذريين للنظام، بالإضافة إلى تمكن غالبية القوى المدنية والعسكرية من أبناء درعا من الحفاظ على وجودها وحضورها على الرغم من توقيع اتفاقية التسوية عام 2018.

ويضيف في تصريح ل"المدن"، أنه "يمكن القول إن درعا مثلت وضعاً خاصاً بالمقارنة مع المناطق التي وقعت اتفاقيات تسوية مماثلة مع النظام بعد التدخل العسكري الروسي إلى جانبه"، وهذا ما كان واضحاً بالمقارنة مع القنيطرة أو مناطق في ريف دمشق أو في ريف حمص على سبيل المثال، و"السبب الأول برأيي هو أن عمليات التهجير لم تكن ضخمة كما حدث في تلك المناطق، ما أبقى على نسبة معارضة غالبة في حوران".

وعليه، يتابع الأسود أن "قوى المعارضة المدنية تمكنت من الحفاظ على وجودها بشكل فاعل إلى حد كبير، وهو ما ينطبق أيضاً على القوى العسكرية التي حافظت على سلاحها الفردي وبقائها في مناطقها حسب شروط اتفاقية المصالحة، إلى جانب طبيعة المحافظة وتركيبتها السكانية العشائرية التي تتيح نسبة عالية من التضامن والتفاعل بين السكان". ويرى أن هذه الأمور مجتمعة "جعلت النظام بحالة توتر دائم في تعامله مع درعا، ويخشى من أي تصرف يمكن أن يؤدي إلى تفجر الثورة فيها من جديد، وهذا ما كان واضحاً منذ اليوم الأول لعودة النظام إلى حوران التي يرى أبناؤها أنهم إن كانوا قد خسروا المعركة العسكرية فإنهم لن يسلموا للنظام بشكل نهائي".

تلقى النظام صفعة قوية وجهتها إليه محافظة درعا خلال الانتخابات الرئاسية حيث شكّل الحراك الشعبي الرافض لها، والمقاطعة الواسعة التي قوبلت بها ضربة لسعى النظام من أجل إظهار استعادة السيطرة الكاملة على البلاد، كما أفشلت محاولاته إظهار إقبال شعبي على التصويت في انتخابات محسومة النتائج سلفاً لصالح الأسد.
--------
المدن

عقيل حسين
الجمعة 28 ماي 2021