نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


عمال غزة يصارعون من أجل البقاء في مواجهة معدلات فقر وبطالة قياسية




غزة - عماد الدريملى - تقطعت السبل بأحمد فلاح وهو شاب من سكان مدينة غزة في الحصول على وظيفة منذ سنوات في القطاع المنهك من الحصار والعنف ليجد نفسه مضطراً إلى اتخاذ مقابر الموت سبيلاً للحياة.


عمال غزة يصارعون من أجل البقاء في مواجهة معدلات فقر وبطالة قياسية.
عمال غزة يصارعون من أجل البقاء في مواجهة معدلات فقر وبطالة قياسية.
فمنذ ساعات صباح كل يوم يضرب أحمد /27 عاماً/ موعداً مع موتى مقبرة الشيخ رضوان في شمال غزة وهو يتجول بين قبورها حاملاً فأس حديدية على أمل الحصول على فرصة حفر قبر جديد أو خدمة أحد زوار المقابر باقتناء الماء أو حتى التنظيف من حول فقيدهم.

ورغم إحساسه بالتعب الناجم عن الظروف الصعبة التي يواجهها والدخل المادي الهزيل الذي يجنيه من وراء مهنته استمر أحمد في مهنته "غير المألوفة" لأكثر من ثلاث سنوات كمنظف للقبور يزيل الحشائش والأتربة ويرش الماء على القبور ليقابل بدعوات الأهالي ومكافأة رمزية تعينه على حياته.

وكان فلاح يعمل في مجال البناء في غزة قبيل فرض الحصار الإسرائيلي وتفاقم البطالة في قطاع غزة وهو يقول "العمل لخدمة الموتى والقبور كان خيارا مستحيلا لكنه أفضل بكثير من البطالة الدائمة وعدم الحصول حتى على رغيف الخبز".

وفي كل يوم ينظر العمال الفلسطينيون في قطاع غزة لأوضاعهم بكثير من الحسرة وهم يكابدون معدلات قياسية من الفقر والبطالة.

وبات هؤلاء بعد سنوات من الحصار والعنف في هذا الشريط الساحلي الذي يقطنه مليون ونصف نسمة أسرى للبطالة وانعدام أفق الحصول على حياة كريمة سوى انتظار المساعدات الإنسانية.

ويشتكى عمران خلف /41 عاماً/ من أوضاع اجتماعية متدهورة يعانيها منذ أربعة أعوام منذ منعه من العودة للعمل داخل إسرائيل ليظل حبيس البطالة من تلك الفترة وهو الذي يعيل أسرة مكونة من تسعة أفراد.

ويقول بنبرات من الاستياء والألم الشديدين " لا يعلم ظروفنا سوى الله. نحن العمال لا أحد يطرق لحالنا رغم أننا الأكثر تضررا ومعاناة من الحصار لأننا ببساطة بتنا بدون عمل وبالتالي بدون مصدر رزق تماما". ويتابع " يبدو أننا سنعتاد على الحياة اعتمادا على كبونة (مساعدة) من هنا أو هناك".

بدوره يقول العامل المتعطل سامي الصادق" إن سياسة الإهمال واللامبالاة من قبل المؤسسات والحكومات الفلسطينية قد حولت العمال إلى عبيد يعملون في أشغال لا تليق بهم وبقدراتهم الجسمانية".

وأشار إلى أنه ومنذ انقطاعه عن العمل في سوق العمل الإسرائيلية مارس العمل في أكثر من موقع، لكنها من دون استثناء لا تتناسب وإمكاناته.

وقال الصادق /39 عاماً/ إنه وبالرغم من جهوده المضنية للبحث عن عمل لـم يتمكن طوال الثلاث سنوات الماضية من العمل أكثر من 10% من مجموع تلك الأيام".

ويؤكد العامل محمد جميل في مطلع الأربعينيات من عمره والذي كان يملك ورشة للصناعة واضطر لإغلاقها بعد الحصار، أن مستوى الـمعيشة والحياة لأسرته قد تدهور بشكل كبير، مضيفاً إن عائلته ومنذ تعطله عن العمل قبل ثلاث سنوات حرمت من أصناف كثيرة من المأكل والمشرب والملبوسات وكانت تعتمد على الغذاء الرخيص واللحوم المجمدة وتستخدم الملابس والأحذية الـمستعملة.

ويشتكي جميل من مرض القولون العصبي، لافتاً إلى أن الأطباء أرجعوا سبب إصابته بالمرض إلى التفكير والقلق. ويبلغ عدد المتعطلين عن العمل في قطاع غزة 200 ألف عامل نتيجة إغلاق المعابر والحصار الإسرائيلي المفروض منذ أكثر من ثلاثة أعوام.

ووفقاً للتعريف الموسع للبطالة ومعايير منظمة العمل الدولية فقد بلغت نسبة الأفراد الذين لا يعملون (سواء كانوا يبحثون عن عمل أو لا يبحثون) 8ر44% في قطاع غزة حسب نتائج مسح القوى العاملة دورة الربع الرابع للعام 2008.

كما تظهر نتائج دراسات فلسطينية مسحية أن أعلى نسبة للبطالة كانت تتركز بين فئات الشباب المختلفة بواقع 40.2% للفئة العمرية 15-24 عاماً تليها الفئة العمرية 25-34 عاما بواقع 25.5%.

وكل هذه الأرقام تضاعفت وتبقي مرشحة لمزيد من التصاعد كما يقول مسؤولون فلسطينيون منذ فرضت إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة منتصف حزيران/يونيو 2006 الماضي أثر سيطرة حركة حماس على الأوضاع فيه.
وفقاً للتعريف الموسع للبطالة ومعايير منظمة العمل الدولية بلغت نسبة الأفراد الذين لا يعملون فى غزة 8ر44%.

كما فاقمت حرب مدمرة شنتها تل أبيب على القطاع بتاريخ 27كانون أول/ ديسمبر واستمرت 22 يوماً من أزمة عمال غزة أثر التدمير والشلل الكبيرين اللذين أصابا مرافق القطاع الاقتصادية وبنيته التحتية.

ويقول محمد الطباع المسؤول في الغرفة التجارية الفلسطينية في غزة إن قطاع العمال تلقى ضربة قاسمة نتيجة الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عامين حيث توقفت جميع الأنشطة الاقتصادية عن الإنتاج نتيجة إغلاق جميع المعابر المؤدية لقطاع غزة وعدم سماح إسرائيل بدخول المواد الخام اللازمة لتشغيل المصانع

وأشار إلى أن عدد العاملين في القطاع الصناعي بلغ قبل فرض الحصار الإسرائيلي 35 ألف عامل وانخفض بعد الحصار ليصل إلى أقل من 1400 عامل في مختلف القطاعات الصناعية حيث أغلقت 96% من المنشآت الصناعية والبالغ عددها 3900 منشاة قبل الحصار نتيجة عدم توفر المواد الخام وباقي المنشات التي استمرت في العمل تعمل فقط بطاقة إنتاجية لا تتجاوز 15% في مجال الصناعات الغذائية.

وذكر أن القطاعات الصناعية الأساسية في القطاع تأثرت حيث تم إغلاق ما يزيد عن 500 مصنع ومنجرة للأثاث وفقدان أكثر من 5000 عامل أعمالهم، وأغلق نحو 600 مصنع وورشة خياطة وتعطل نحو 15 ألف عامل، وتعطل عن العمل نحو 5000 عامل يعملون في قطاع الصناعات المعدنية والهندسية.

كما تم إغلاق جميع المصانع بمنطقة غزة الصناعية وتعطل نحو 2500 عامل عن العمل كانوا يعملون لدى تلك المصانع والتي كانت تعتمد على تصدير منتجاتها للخارج.

وأضاف أنه نتيجة لعدم دخول مواد البناء وتوقف الصناعات الإنشائية فقد نحو 3500 عامل وموظف عملهم بقطاع الصناعات الإنشائية كما تعطل عن العمل جميع من يعملون في قطاع البناء و القطاعات المساندة له وشركات المقاولات في قطاع غزة.

من جهته يقول سمير عبد الله وزير العمل والتخطيط الفلسطيني إن البطالة تعتبر المعضلة الاقتصادية والاجتماعية الأخطر والتحدي الأكبر الذي يواجه السلطة الفلسطينية وشركاءها منذ العام 2000 "حيث أصبح تفاقمها يشكل واحداً من التهديدات الخطيرة على المشروع الوطني لأنها تجبر الآلاف الفلسطينيين وخاصة الخريجين على الهجرة إلى خارج وطنهم بحثاً عن العمل ولقمة العيش".

وأوضح عبد الله في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن "تفاقم مشكلة البطالة التي نعاني منها نتجت بالأساس عن السياسات والإجراءات العدائية لإسرائيل الأمر الذي أضعف قدرتنا على فتح فرص عمل جديدة".

وأضاف: أن الإجراءات الإسرائيلية لم تتوقف عند طرد عمالنا من السوق الإسرائيلية بل ألحق دماراً واسعا في البني التحتية والمنشآت الخاصة والعامة في اجتياح 2002 في الضفة الغربية، واجتياح غزة في نهاية العام 2008، وساهم في تعطيل الاستثمار والتجارة الداخلية والخارجية، وألحق خسائر فادحة في كافة القطاعات، وأدخل الاقتصاد الفلسطيني في حالة الركود المستمر"

وبيّن أن هذا أدى إلى إغلاق الآلاف من الوظائف بسبب إقفال الكثير من المؤسسات، وانخفاض استغلال الطاقات الإنتاجية في المؤسسات التي نجحت في الحفاظ على أبوابها مفتوحة، ما زاد من تفاقم مشكلة البطالة، وضاعف من انعكاساتها السلبية التي برزت في انضمام عشرات الآلاف من الأسر العمالية إلى جيش الفقراء وتزايد معدلات الهجرة.

ورأى الوزير الفلسطيني أن مفتاح معالجة مشكلة البطالة أو التخفيف من حدتها لا يمكن أن يتحقق دون نقل الاقتصاد الفلسطيني من حالة الركود إلى حالة النمو بل تحقيق معدلات نمو مرتفعة لفتح فرص عمل كافية لاستيعاب الملتحقين الجدد بسوق العمل.


عماد الدريملى
الثلاثاء 18 غشت 2009