حاكمٌ موتور، يرى في نفسه خليفةً للمسلمين، وأن هذا التكليف ابتلاءٌ من ربِّ العالمين له، فنفسه الزكية تعفُّ عن المناصب والسلطة والأضواء، ويضع ساعة أوميغا غالية الثمن على معصمه الأيمن، هل يبدو هذا المشهد جديدا عليكم؟ تذكروا أيها السادة، راجعوا أنفسكم، هل يبدو البغدادي الموتورَ الوحيدَ في ذاكرتكم المزدهرة، لماذا نخص الرجل دون غيره بسخريتنا، ألا ندعو للمساواة والعدل، ماذا عن بقية الموتورين الأغبياء من زملائه «الخلفاء» في الساحة العربية، أولئك الذين ابتلاهم الله بمصيبة تحمل مسؤوليتنا، وحكمنا، وإدارة شؤوننا، الرجال الأشاوس الذين عافت أنفسهم السلطة والجاه والحكم والمناصب، وألزمهم تفويضنا بها وبصداعها، لماذا يكون البغدادي نشازا في ساحة تزخر بالمجانين أمثاله، ويستثنى الرجل بحجة لباسه وعدم عصريته! هل كان الأول في هذا الميدان، وهذه الصفات؟
والبغدادي، أميرُنا المنصور، له رأي، وهل يعيبُ الرجالَ آراؤهم وإن اختلفنا معها!، فالخليفة، سدَّده الله، يرى أننا في ضلال، وأن الأمة ضائعة، وبلا مشروع، وأن خصومه، ممن لا يؤمنون برأيه، ليسوا إلا مأجورين وخونة وكفاراً وعملاء، أو متخاذلين في أضعف الأحوال، وإنه الوحيد الذي بيده إنقاذنا وأماننا وعزتنا ونصرنا، ما العيب في ذلك، وهل من بين زملاء البغدادي من لا يرى ذلك، كما يراه الخليفة بالضبط، كل أقران البغدادي من الخلفاء يكفرون خصومهم ويُخوِّنونهم ويقمعونهم ويسجنونهم، ويقتلونهم إن لزم الأمر، لماذا انتفضنا لما قال «الخليفة» نصرهُ الله ذلك، أحرامٌ على بلابله الدوح، حلالٌ للطير من كل جنس! البغدادي يكفِّر، وأولئك يُرهْبِنون.
ماذا بعد؟ العصابات الهمجية المحيطة بالرجل؟ وهل يبدو الموتور الأول ممن تحيط به العصابات الهمجية، هل منظر البلطجية من رجال أمن ومثقفين ورجال أعمال، يحيطون بسيدهم، منظرٌ غريبٌ وجديدٌ علينا! ألا نقع في الظلم حين نستخدم المشهد الأكثر رواجاَ في عالمنا العربي كاتهام للرجل، ثم ماذا؟ جهلة متعصبون متطرفون قتلة، وهل هذه الفرقة جديدة علينا، لماذا لا نكون أمناء مع أنفسنا، ونقبل بالرجل وعصابته كما قبلنا بألف عصابة من قبله، لماذا نحرمه من حق إنشاء دولة تخصه، واستيعاب ما فاض من جنون في عالمنا العربي، ألا يحق للرجل أن يجرب حظه معنا، ونحن أكبر معمل حيواني للتجريب في التاريخ الحديث والمعاصر، لماذا نكون قساة غلاظ القلوب مع مشروع جنوني جديد، ونحن من عاش آلاف السنين في دوامة الجنون والاستهبال واللا بشرية!
بقي شبهة العمالة، وكون الخليفة وداعشه ومشروعه صناعة أجهزة مخابراتية، يا عيب الشوم كما يقول أهل الشام، وهل ثمة من لم يكن للأجنبي يدٌ في صناعته من حولنا! أيها الناس، ارفعوا أيديكم عن داعش وخليفتها، واقبلوا بهم دولة جديدة عضوا في جامعتنا العربية المصونة، احذفوا بعض القمامة القديمة من ذاكرتكم، وافسحوا المجال لقمامة جديدة، هذا كل ما يجب فعله، والطاعة والولاء لمن وقع في قبضة الدولة الجديدة، كما فعل المقبوض عليهم من قبل
---------------------
العرب القطرية