نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


حزب البعث من الفكر القومي الاشتراكي الى الفكر الاسلاموي الداعشي





تأسس حزب البعث العربي عام 1947 غداة استقلال سورية، بالطبع كان حزب البعث العربي يحمل "رسالة قومية"، التي كانت في الحقيقة رسالة قوموية، ذو بعد رومانسي، بعيدة كل البعد عن أي فكر قومي، ليردفها في بداية خمسينات القرن المنصرم، واثر اندماجه بالحزب العربي الاشتراكي، باشتراكية هيولية، لم تكن ايضا نتاج فكر اشتراكي بل نتيجة اشتراكية شعبوية، قادها أكرم الحوراني في دفاعه عن فلاحي حماة ضد " الاقطاع "، الذي تبين فيما بعد بأنه لم يكن كذلك، بل كانوا عبارة عن مزارعين وملاكي أراض وعمال زراعين.


 
ركب العسكر البعث منذ بداياته، فكانت الكلمة الفصل في البعث للضباط، الذين ادانوا بالولاء بالدرجة الاولى لاكرم الحوراني أكثر منه للبعث.
اسقطت القوى العسكرية الوحدوية الانفصال، بعد ان كان الضباط البعثيين في العراق قد اسقطوا حكم عبد الكريم قاسم، وانقض العسكر البعثيون على القوى الوحدوية لينفردوا بالسلطة في سورية ايضاً، لتكتشف القوى البعثية المدنية بان لا برنامج سياسي او اقتصادي لديها لممارسة الحكم في كلا القطرين، فتوالت المؤتمرات القطرية في العراق اولاً وفي سورية ثانية، ليطلعوا ببرامج مرحلية، وصولاً الى المؤتمر القومي السادس ذي البعد الفكري اليساري، ولكن العسكر انقض على مقررات المؤتمر القومي السادس في كل من العراق وسورية.
مع سقوط البعث في العراق، بقي البعث في السلطة في سورية، وعقد البعثيون مؤتمراً قومياً سابعاً، أضعف العسكر بموجبه قيادته القومية، وكان هذا المؤتمر بداية تراجع البعد القومي العربي للبعث، لتسقط هذه القيادة بالضربة القاضية في صبيحة 23 شباط 1966، ليتراجع البعد القومي لصالح البعد القطري، رغم قيادة قومية هزيلة.
مع هذه الدولة القطرية كان هناك خطر جديد يهدد الدولة السورية، الا وهو بداية الممارسة الطائفية في الحزب والدولة والمجتمع، حيث كان العسكر المنتمون الى الطائفة العلوية، وخاصة الاخوة الاسد، يمارسون طائفية بغيضة جعلت باقي مكونات الشعب السوري تشمئز من هذه الممارسات. بالطبع لابد من التأكيد بأن ليس كل الطائفة العلوية كانت مع هذه الممارسات، فقد رفضها المخلصون منهم أسوة بالمجتمع السوري بكل مكوناته.
1970 انفرد حافظ الاسد بالسلطة، ليحول البعث الى كاريكاتور حزب قومي، ولكي يكسب الناس اعلن دستوراً على قياسه، ولكنه أعلن اسلامية الدولة السورية في المادة الثالثة والرابعة من الدستور، ولكي تنطبق عليه المادة الثالثة منه، لجأ الاسد الاب الى الامام موسى الصدر، الذي اعطاه شهادة بانه مسلم، كون العلويين شيعة. ومن يدري فقد يكون الثمن الذي قبضه موسى الصدر هو سماح الاسد بسياسة التشيع، التي كانت جمعية الامام المرتضى بزعامة جميل الاسد، عتلة سياسة التشيع هذه.
مارس حافظ الاسد سياسة تقديم المخلصيين من طائفته للمراكز الاساسية في القيادات الامنية والقيادات العسكرية، فكان القرار دائما في يد المستزلمين له من ابناء الطائفة، وهذا ما دفع القوم الاكثري من الشعب السوري الى ردة فعل، ارتموا خلالها في احضان الاخوان المسلمين، أي الهروب الى الفكر الديني، على حساب الفكر الديموقراطي الذي وضع شبابه في سجون النظام لسنوات مديدة بلا محاكمات، وهم الذين كان من المفروض فيهم التصدي للفكر الديني.
دخل الاسد في صراع مع القوى الاسلامية، وبطش بهم بطريقة بربرية، فشهدت المدن السورية العديد من المجازر التي ارتكبها النظام، لم تكن مجزرة المشارقة في حلب الا بدايتها، تلتها مجزرة سجن تدمر التي نفذت نتيجة محاولة اغتيال حافظ الاسد عام 1980 ووصولا الى مجزرة حماة الشهيرة عام 1982 حيث استبيحت المدينة ودمر قسمها الاكبر وكل بيوت العبادة من مساجد وكنائس، ولا زال الكثيرون يختلفون حول عدد ضحاياها الذي بلغ عشرات الألوف من البشر، بالاضافة الى حالات الاغتصاب والسرقة والنهب الذي مارسته سرايا الدفاع بقيادة السفاح رفعت الاسد.
بعد استتباب الامور للاسد، لم يكتفي هذا الأخير بضرب القوى الاسلامية، بل ضرب كل القوى المعارضة لنظامه ايضاً، وبعدها اتجه الى استرضاء القوى الاسلامية، ليرضي دول الخليج وعلى رأسها الممكلة العربية السعودية، وذلك بالاكثار من بناء الجوامع وترخيص المدارس والكليات الشرعية، ودعم تأسيس القبيسيات ومكنها من السيطرة على معظم المدارس الخاصة في دمشق، كما ان الاجهزة الامنية غضت الطرف عن نشاطهن في البيوت حيث أخذن يغسلن دماغ النسوة من امهات واخوات وبنات، لينشروا النقاب في المجتمع السوري حيث تراجع دور المرأة السورية من أمرأة رائدة الى امرأة مختبئة وراء ايدولوجية دينية انغلاقية.
مات حافظ الاسد وورثه ابنه بشار، وكان خطاب قسمه مكان تفاؤل للمثقفين، ولكن لم تمر اشهر الا وكانت السجون تغص بالقوى الديموقراطية، لتعود القبضة الامنية من جديد وبشكل اكثر فساداً واكثر قمعا من عهد ابيه.
احتل الامريكيون العراق عام 2003، وأخذت الاجهزة الامنية السورية تصدر "المجاهدين" الى العراق، حيث لعب محمد غول اغاصي الملقب بابي القعقاع دوراً بارزاً بتدريب المجاهدين لارسالهم الى العراق، حيث دعموا هناك منظمة الزرقاوي التابعة للقاعدة، ومن كان يتراجع منهم كانت السجون السورية تعج بهم.
15 اذار 2011 كانت بداية الثورة السورية السلمية، اصم الطاغية الاسدي اذنيه عن مطالب الاصلاح، واصدر مجموعة كبيرة من مراسيم العفو العام، لم يخرج بموجبها الا المتطرفين الاسلامويين، ليلعبوا الدور المطلوب منهم، في نشر التطرف الاسلاموي في كل انحاء سورية، حيث اردفهم المالكي بمتطرفين من عنده، حيث سهل هروبهم من السجون العراقية ليأتوا ويقاتلوا في سورية، حيث اعلنوا عن تأسيس الدولة الاسلامية في العراق والشام والمعروفة بداعش.
سهل نظام الاسد لداعش احتلال الرقة ومحاولة السيطرة على دير الزور وآبار النفط، وعندما انقلبت هذه الدولة على المالكي واحتلت الموصل، عادت الى سورية مدججة بالسلاح الثقيل لتحكم سيطرتها بشكل كامل على محافظة الرقة، باسقاطها الفرقة السابعة عشر ومطار الطبقة العسكري وابار النفط في دير الزور الخ... من الانتصارات على جيش النظام السوري.
تكشف للجميع بأن معظم قيادات داعش هي عراقية، وكلهم من كبار ضباط الجيش العقائدي للبعث العراقي، جيش صدام حسين، الذين اختفوا في سورية بعد سقوط نظام طاغيتهم في بغداد، ليتحالفوا مع جماعة الزرقاوي لتشكيل قوة عسكرية اسلاموية متطرفة.
خلاصة القول تراجع البعث من العمق القومي العربي الى العمق الاسلاموي المتطرف، الذي يزيد الشرخ الطائفي والعنصري في كل من المجتمعين العراقي والسوري.
-----------
الحضارة
 

بهنان يامين
الجمعة 28 نونبر 2014