نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


جمهورية "سوق السنّة" الديمقراطية







في مدينة خالد بن الوليد، وفي حيّ عكرمة المخزومي، وتحديداً عند دوّار النزهة، وعلى حائط مسبح صحارى العائلي، نشأتْ ظاهرة "سوق السُنّة" لأول مرة، ربما لأن مدينة حمص دخلت في مرحلة الثورة المسلحة قبل غيرها من المدن السورية. وربما بسبب التنوّع الطائفي فيها، وهذه الفسيفساء الرائعة التي أنجبتْ لنا أبشع المجازر، وأدّت إلى انقسام عمودي في المجتمع منذ بداية الثورة.


 

لا بدّ من التذكير بماهيّة "سوق السنّة"، فبعد أنْ يقوم الجيش الأسدي الباسل بـ"تطهير" أحياء المدينة من المسلّحين والإخونجيين والسلفيين والوهّابيين والإرهابيين والتكفيريين والعراعير، وعملاء بندر وحمد والظواهري وابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وأمريكا واسرائيل وحلف الناتو وبرنار هنري ليفي. يقوم الجيش الأسدي الباسل وميليشيات الشبيحة التي تمّتْ مأسستُها تحت مسمّى "جيش الدفاع الوطني"، بسرقة ونهب البيوت التي تقع تحت أيديهم. تبدأ السرقات بالأجهزة الكهربائية، وتمتدّ إلى الملابس، ولا تنتهي بفكّ صنابير المياه ونزع الأشرطة الكهربائية من داخل الجدران. ليتمّ بيعها فيما بعد على بسطات "سوق السنة". هو ظاهرة لا تختلف عن ما يسمّى عادةً بسوق الحرامية، لكن، كيف لنا أن نصفَ الجيش الباسل و"جيش الدفاع الوطني" بالحرامية؟؟ إذن، لا بدّ أنّ نجد له تسمية أرقى! نعم إنّ تسمية "سوق السنة" مناسبة، خاصةً أنها تنطوي على تبرير طائفي لجريمة السرقة، أي عذر أقبح من ذنب.

يحدث في "سوق السنة"، أنْ تشتري سيّدة كريمة كيساً من البرغل المسروق، فتجد في داخله أساورَ ذهبية، تعود للسيدة غير الكريمة التي أخفتْ أساورها في كيس البرغل، خوفاً من اقتحام الجيش الباسل لبيتها ونهبه. ويحدث في "سوق السنة" أنْ يشتري أحد الرجال الكرام تلفزيوناً مسروقاً من بسطة جاره الكريم، فيعطيه معه هديةً صغيرة، عبارة عن شاشة صغيرة لن يشتريها أحد، ليكتشف المشتري أنها جهاز (آيباد) وسعره ضعف سعر التلفزيون المسروق.

يشكّل "سوق السنة" التعبير الأمثل عن عقلية نظام الأسد، فهو نظام بدأ بعملية سطو مسلّح على القيادة القطرية لحزب البعث، تبعها سطو مسلّح على منصب رئاسة الجمهورية، ثم السطو على الجيش وأجهزة الأمن وكافة مؤسسات الدولة، وتحويلها تدريجياً من ملكيّة الدولة إلى ملكية الحزب الواحد، ثم ملكية الطائفة الكريمة، وأخيراً ملكية العائلة الحاكمة. وها هي العائلة الحاكمة تعرض سوريا بأكملها للبيع في سوق الحرامية، ويتكالب عليها الزبائن من الشرق والغرب، لاقتسام البضائع المعروضة في "سوق السنة" الذي أصبح بحجم سوريا.

ما فعله نظام الأسد في سوريا خلال أربعين عاماً، لم يكن سوى تحويل البلد إلى "سوق سنة"، فنظام الأسد ليس نظاماً ريعياً كما يعتبره بعض المفكرين، إذ هو يختلف عن نظام صدام حسين أو نظام معمر القذافي، لأن هذه الأنظمة كانت تسطو على مقدّرات الدولة وخصوصاً النفط، وتوزّع جزءاً من عائداتها على الشعب لإطعامه وإسكاته وكسب ولائه. أما نظام الأسد فهو نظام غير ريعي، هو نظام (تشليح وتشبيح) يقوم على سرقة مقدّرات الدولة ومنها النفط الذي يذهب إلى جيوب عائلة الأسد ولا يدخل في الموازنة العامة للدولة، وسرقة أراضي الناس بفرض قوانين اللاستملاك واستكمال تطبيق "الإصلاح الزراعي"، وإعطاء الأراضي المسروقة للشبيحة العاملين في الجيش والشرطة والأمن والجمارك والتشليح والتهريب، ليقيموا عليها مستوطناتٍ تحيط بالمدن إحاطةَ السوار بالمعصم، وذلك بتفكيرٍ عسكري بحت. كما يعتاش النظام على فرض الضرائب والأتاوات على الصناعيين والتجار والحرفيين، ويسلّط عليهم شبيحة جمع الضرائب، الذين يفضّلون قبضَ الرشاوى من التجار عوضاً عن تكليفهم ضريبياً، وهذا ما يريده النظام تماماً، أنْ تذهب الأموالُ إلى جيوب شبيحته المتسلّطين ولا تدخل في المالية العامة للدولة. إذنْ هو نظام يقوم على السرقة والنهب والتشليح والتشبيح، هو نظام "سوق السنة".

يحدث في جمهورية "سوق السنة"، أن يبيع حافظ الأسد الجولان لاسرائيل مقابل بقائه في الحكم. ويحدث أن يبيع رفعت الأسد احتياطي سوريا من الذهب، لتهبط العملة السورية إلى أدنى مستوياتها، لا مشكلة طالما أن سوريا هي مزرعة أخيه، هي "سوق السنة" الكبير المعروض للبيع. ويحدث أن يبيع عبد الحليم خدام تراب سوريا ليدفن فيه النفايات النووية السامة، ويحدث أن يبيع بشار الأسد الاقتصاد السوري إلى ابن خاله رامي مخلوف، صاحب (شركة شام القابضة) التي تملك 60% من الاقتصاد السوري حسبَ تصريح الأخير. وذلك بشكل مخالف للدستور الذي ينصّ على ملكية الشعب، وعلى الاقتصاد الاشتراكي لا اقتصاد السوق الحر، وهو نفس الدستور الذي تمّ تعديله ليناسبَ عمر الوريث القاصر.

يُذكر أن جمهورية "سوق السنة" تمتلك السلاح الكيماوي لمواجهة اسرائيل، السلاح الذي كلّف ملايين الدولارات المسروقة من جيوب الشعب السوري، لكن بشار الأسد باعه في "سوق السنة" خوفاً من احتمال الضربة الأمريكية المحدودة. كما يحدث أن يبيع بشار الأسد احتياطي سوريا من النفط والغاز لروسيا وبعقود طويلة الأمد، مقابل استمرار تزويده بالسلاح الضروري لقتل الشعب.

أهلاً بكم، في جمهورية "سوق السنة" الديمقراطية الشعبية الاشتراكية العظمى!

---------------
اورينت نت

عبد الكريم بدرخان
الثلاثاء 18 مارس 2014