لا داعي للبحث عن أجوبة، ربما تكفي قراءة تقرير أعده «معهد بروكينغز» عن عمليات التطهير الكيفية التي أجراها المالكي والتي استهدفت معظم الضباط السنة الأكثر احترافية التي قامت الولايات المتحدة بتدريبهم. كينيت بولاك الذي أعد التقرير يقول إن التطهير بدأ عام 2009 على خلفية افتراض رئيس الحكومة أن الجيش الاحترافي غير المسيس بشكل كبير يشكل تهديدًا له وللمشروع الإيراني الذي ينفذه في العراق عاملا على إلحاقه وترسيخه كقاعدة جسر حيوي لجبهة المقاومة التي تمتد إلى جنوب لبنان عبر سوريا.
يقول بولاك إن المالكي استبدل بالقادة السنة موالين من الضباط الشيعة على خلفية اتهامات زائفة بأنهم داعمون سريون لنظام صدام حسين الساقط، وفي هذا السياق لا بد من أن يكون كيري الذي يعلمنا أن الجيش العراقي لم يقاتل، قد قرأ في طريقه إلى بغداد ما كتبته صحيفة «واشنطن بوست» من أن المالكي استخدم كل صلاحياته رئيسا للوزراء لاستهداف خصومه السياسيين، فاستعدى العشائر السنّية في المحافظات الشمالية والغربية التي كانت عاملا حاسما في إلحاق الهزيمة بتنظيم القاعدة عام 2007 عبر مجالس «الصحوة» التي شكّلت بالتعاون مع الأميركيين وسارع المالكي إلى حلّها وإلغائها!
والسؤال يبقى مطروحًا رغم كل هذا، فعلى افتراض أن الجيش العراقي كان ميليشيا ترتبط برئيس الحكومة، فلماذا لم يأمر المالكي بمقاتلة تنظيم داعش الإرهابي التكفيري، الذي قيل إنه تمكن من السيطرة على أكثر من 100 ألف كيلومتر مربع في خمسة أيام، رغم أن هناك تأكيدات جازمة بأن عدد أفراده لا يتجاوز خمسة آلاف؟ وعندما يؤكد الضباط الأميركيون أنه لا يمكن تحريك أي جندي عراقي إلا بأمر من مكتب المالكي مباشرة فأين كانت أوامر التصدي لـ«داعش»؟
والأسئلة تستولد الأسئلة، فعندما يقول ديريك هارفي المستشار الاستخباري للجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الأميركية السابق في العراق، إن جوهر الأمر سياسي وما نواجهه اليوم ليس «القاعدة»، إن رئيس الوزراء يريدنا أن نركز على «داعش» بوصفها تمثل التهديد الرئيسي، ولكن عمق ما نراه ونعرفه من حيث الأساس هو عرب سنة عراقيون زهقوا وضاقوا ذرعًا بسياسات المالكي الإقصائية والمذهبية. فعلا عندما يقول هارفي هذا الكلام فلماذا ينساق باراك أوباما وجون كيري إلى تبني وتكرار رواية المالكي والقادة الإيرانيين من أن ما يجري في العراق هو حركة إرهابية تكفيرية مجرمة من الألف إلى الياء؟
وإذا كان القسم الظاهر من جبل الجليد العراقي «داعشيا» ويمثل، كما يقول الجميع، وباء من التطرف الدموي الذي يهدد المنطقة كلها، فلماذا يتم التعتيم على حقيقة أن في خلفية التحرك عشائر وشرائح في المجتمع العراقي طفح كيلها من ممارسات المالكي، فحملت السلاح ضد جيشه الذي لم يقاتل، إن كان جيشه فعلا؟ وهذا مدعاة لتساؤلات خطيرة تتصل بالرغبة في دفع العراق ليكون بوابة «دومينو» أو مسلسل التقسيم الذي يصب في أهداف استراتيجية كبرى تخطط للعراق والمنطقة كلها منذ زمن بعيد.
وعندما تقول هيلاري كلينتون إن المالكي فشل كزعيم وتصفه مجلة «الفورين بوليسي» بأنه سمم العراق، ويقال في الكونغرس إنه كارثة، من حق المراقب أن يلمس الضحالة في تصريحات جون كيري بعد الاجتماع معه عندما اكتفى بالحديث عن أن الدفاع عن العراق يعتمد على تشكيل حكومة جديدة شاملة جميع المكونات الوطنية في أسرع وقت، في حين تمسك المالكي بالبقاء رئيسًا للحكومة على خلفية نتائج الانتخابات ورغم المعارضة الشاملة التي تواجهه من القيادات الشيعية العراقية قبل السنّية والكردية.
والسؤال الأهم إذا كانت أميركا وإيران والمالكي تحاول أن تخفي انتفاضة العراقيين السنة والأكراد وراء قناع «داعش» الكريه فلماذا تذهب الأمور المبيّتة حتى بواشنطن إلى حد السعي لإسباغ الداعشية على السنة عمومًا في المنطقة؟
---------------------
الشرق الاوسط
يقول بولاك إن المالكي استبدل بالقادة السنة موالين من الضباط الشيعة على خلفية اتهامات زائفة بأنهم داعمون سريون لنظام صدام حسين الساقط، وفي هذا السياق لا بد من أن يكون كيري الذي يعلمنا أن الجيش العراقي لم يقاتل، قد قرأ في طريقه إلى بغداد ما كتبته صحيفة «واشنطن بوست» من أن المالكي استخدم كل صلاحياته رئيسا للوزراء لاستهداف خصومه السياسيين، فاستعدى العشائر السنّية في المحافظات الشمالية والغربية التي كانت عاملا حاسما في إلحاق الهزيمة بتنظيم القاعدة عام 2007 عبر مجالس «الصحوة» التي شكّلت بالتعاون مع الأميركيين وسارع المالكي إلى حلّها وإلغائها!
والسؤال يبقى مطروحًا رغم كل هذا، فعلى افتراض أن الجيش العراقي كان ميليشيا ترتبط برئيس الحكومة، فلماذا لم يأمر المالكي بمقاتلة تنظيم داعش الإرهابي التكفيري، الذي قيل إنه تمكن من السيطرة على أكثر من 100 ألف كيلومتر مربع في خمسة أيام، رغم أن هناك تأكيدات جازمة بأن عدد أفراده لا يتجاوز خمسة آلاف؟ وعندما يؤكد الضباط الأميركيون أنه لا يمكن تحريك أي جندي عراقي إلا بأمر من مكتب المالكي مباشرة فأين كانت أوامر التصدي لـ«داعش»؟
والأسئلة تستولد الأسئلة، فعندما يقول ديريك هارفي المستشار الاستخباري للجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الأميركية السابق في العراق، إن جوهر الأمر سياسي وما نواجهه اليوم ليس «القاعدة»، إن رئيس الوزراء يريدنا أن نركز على «داعش» بوصفها تمثل التهديد الرئيسي، ولكن عمق ما نراه ونعرفه من حيث الأساس هو عرب سنة عراقيون زهقوا وضاقوا ذرعًا بسياسات المالكي الإقصائية والمذهبية. فعلا عندما يقول هارفي هذا الكلام فلماذا ينساق باراك أوباما وجون كيري إلى تبني وتكرار رواية المالكي والقادة الإيرانيين من أن ما يجري في العراق هو حركة إرهابية تكفيرية مجرمة من الألف إلى الياء؟
وإذا كان القسم الظاهر من جبل الجليد العراقي «داعشيا» ويمثل، كما يقول الجميع، وباء من التطرف الدموي الذي يهدد المنطقة كلها، فلماذا يتم التعتيم على حقيقة أن في خلفية التحرك عشائر وشرائح في المجتمع العراقي طفح كيلها من ممارسات المالكي، فحملت السلاح ضد جيشه الذي لم يقاتل، إن كان جيشه فعلا؟ وهذا مدعاة لتساؤلات خطيرة تتصل بالرغبة في دفع العراق ليكون بوابة «دومينو» أو مسلسل التقسيم الذي يصب في أهداف استراتيجية كبرى تخطط للعراق والمنطقة كلها منذ زمن بعيد.
وعندما تقول هيلاري كلينتون إن المالكي فشل كزعيم وتصفه مجلة «الفورين بوليسي» بأنه سمم العراق، ويقال في الكونغرس إنه كارثة، من حق المراقب أن يلمس الضحالة في تصريحات جون كيري بعد الاجتماع معه عندما اكتفى بالحديث عن أن الدفاع عن العراق يعتمد على تشكيل حكومة جديدة شاملة جميع المكونات الوطنية في أسرع وقت، في حين تمسك المالكي بالبقاء رئيسًا للحكومة على خلفية نتائج الانتخابات ورغم المعارضة الشاملة التي تواجهه من القيادات الشيعية العراقية قبل السنّية والكردية.
والسؤال الأهم إذا كانت أميركا وإيران والمالكي تحاول أن تخفي انتفاضة العراقيين السنة والأكراد وراء قناع «داعش» الكريه فلماذا تذهب الأمور المبيّتة حتى بواشنطن إلى حد السعي لإسباغ الداعشية على السنة عمومًا في المنطقة؟
---------------------
الشرق الاوسط