وداعش اليوم كانت مجهولة الاصل مثل الحمدانيين قبل ان يحكموا لكن لنعترف قبل ان نواصل خداع أنفسنا وغيرنا أن داعش وقبل احتلال نينوى ٫ وجزء من دير الزور والرقة ظهرت كقوة عسكرية منظمة ومدربة ومسلحة جيدا ٫ وتقف وراءها دولة ٫ وليس بضعة ممولين خليجيين متطرفين كما كان يقال ٫ وبعد ان نتفق على انها ليست تنظيما متطرفا فقط لن نتعب في تحديد الدولة التي تقف خلف تدريب وتسليح هذا الفصيل حين ندقق بالاهداف التي خدمها ويواصل خدمتها ٫ وكل تحركاته ومعاركه تدل على ان ايران هي المستفيد الاول وعليه ليس من الصعب ان نفترض ان داعش هي القوة السرية ٫ والفصيل غير الرسمي من الحرس الثوري الايراني ٫ ولا غرابة في ذلك طبعا ٫ فمعظم الجيوش في العالم عندها فرق وتنظيمات سرية وقوات خاصة ٫ فما المانع ان يكون عند ايران حرس ثوري وحرس داعشي ..؟ وان يكون المدرب والممول والمسلح هو ذاته ٫ فكروا بأقنعة هؤلاء وسترهم لوجوههم وهذا ما لم يفعله رجال القاعدة في افغانستان وباكستان والمغرب العربي ٫ ولا حتى في اليمن الى ما قبل فترة قصيرة من الزمن بالرغم من كثافة تواجدهم العلني في عدة محافظات .
لقد اعترف محافظ نينوى بعد سقوطها بيد داعش وحسب وثائقه المتاحة بان النظام السوري هو الذي يمول داعش ويسلحها ٫ وهذا لا يبدل من الامر شيئا فايران هي الراعية لبشار الكيماوي ولحسن نصرالله ومرتزقة "حالش" وحين توكل للاسد او لنصر الله تمويل وتسليح هذا الفصيل او ذاك فهذا لا يغير من المرجعية الاصلية بحيث تظل طهران هي الام الحقيقية لمعظم تلك الحركات والانظمة وتظل داعش مثلها مثل فيلق القدس تنظيما عسكريا غير معلن الاهداف ولاؤه الاساسي لمموليه ومسلحيه في طهران ودمشق .
ان انسحاب قوات المالكي واجهزة امنه من الموصل اليوم أمام هذا الفصيل الايراني المسلح مسألة لا تحتاج الى تخمين ٫ ولا الى ضرب أخماس في أسداس فايران في دمشق هي ايران في بغداد بمعنى انها هي التي تصدر الاوامر وترسم حدود المعركة ٫ ودور كل طرف بما يلائم تطور خططها ومشروعها على المستويين القريب والبعيد .
وقبل ان نذهب مع الذين يقولون ان عملية الموصل هي رد روحاني السريع على الاتراك بتحريك التوترات عند حدودهم مع العراق لفشله في اقناعهم بمجاراته في الملف السوري لنتذكر ان لايران مشروعها الفارسي قبل روحاني وبعده بل ٫ وقبل الخميني وهذا المشروع المرسوم من ايام الشاه انتعش لفترة مع الخميني لكنه يعاني الان وبعد الثورة السورية وتداعياتها من انتكاسة محتملة ان لم تكن اكيدة .
لقد ادركت طهران على المستوى المنظور ان المالكي الدموي وبشار الكيماوي لا يكفيان لضمان استمرار مشروعها بعد الاخفاقات التي منيا بها خلال اعوام ٫ واضطرارها للتدخل كل مرة للدفاع عنهما وتثبيتهما في كراسيهم المهزوزة ٫ وبعد ان زجت بداعش في سوريا لوقف تدهور بشار ارتاحت قليلا ولم تكن مضطرة لتحريك المالكي مكتفية في تلك المرحلة بتحريك حزب " حالش " اللبناني لذات الغرض ٫ ولما عجز الطرفان عن احداث الفرق المطلوب كان لابد من تحريك الجبهة العراقية لخلط الاوراق من جديد .
ولا بد ان نلاحظ هنا ان داعش حاولت منذ البداية الامساك بالحدود السورية من ناحية حلب ٫ ولما كشف الشعب السوري وجيشه الحر هوية داعش الايرانية ٫ وثار ضدها في ريفي ادلب وحلب تم على الفور فتح معركة الانبار ٫ وظهرت داعش بقوى لا يمكن ان تكون ابدا قوى تنظيم متطرف على الحدود العراقية السورية من طرف دير الزور دون ان يصرف من يقود هذا المخطط ذهنه عن حلب التي أجلها قليلا ٫ والان يتضح انه من يفكر باحتلال الموصل لابد ان تكون في ذهنه حلب فالرابط السياسي بين المنطقتين كان مفهوما من ايام الحمدانيين الذين سيطروا على المنطقتين معا.
على المستوى البعيد وهو الاخطر مما يجري في سوريا والعراق تلعب ايران لعبتها الخبيثة باسلوب اكثر "تقية" مستخدمة فقط الرايات السوداء لداعش و"بوكو حرام" والقاعدة ٫ وهي بكل اسف راية رسول الاسلام " ص "لكنها تستخدم الان في نيجيريا وسوريا والعراق لتجديد الحديث عن فرض الجزية على المسيحيين ٫ وعودة العبودية واسواق النخاسة باعلان بوكو حرام عن استعدادها لبيع الطالبات المختطفات ٫ فاذا اضفت الى ذلك الرؤس المقطوعة والجثث المصلوبة في الرقة تدرك ان الهدف النهائي هو تشويه صورة الاسلام في كل مكان ٫ ولكن ليس اي اسلام بل اسلام اعداء ايران على وجه التحديد .
ومع الوقت ٫ وهيمنة الاعلام المعادي يتم زرع فكرة اساسية بأن هناك اسلاميين الاول اسلام ايران الشيعي ٫ وهو مقبول غربيا والثاني اسلام السعودية وجيرانها السني ٫ وهو الذي يقوم بكل تلك الممارسات المشينة والمدانة عالميا ٫ والسؤال الاساسي هنا هل تجهل الاستخبارات الغربية بعد كل ما جرى ويجري ان داعش فصيلا سريا من الحرس الثوري الايراني …؟ شخصيا اشك بانها لا تعلم ولا استطيع ان ابرهن حاليا انها
تعلم ٫ فوثائق العوالم السرية لا تنشر الا بعد نصف قرن وقد لا تنشر ابدا ٫ فما زلنا الى
اليوم - مثلا - لا نعرف من قتل كينيدي مع انه مضى على اغتياله اكثر من نصف قرن .