كما بات معروفا على نطاق واسع، وعلى المستوى العالمي، كانت انطلاقة ثورة الكرامة (الثورة السورية) في 18 آذار ٢٠١١ ضمن سلسلة الربيع العربي، وقد حملت الجماهير المشاركة منذ اندلاعها قيم “الحلم” من سلمية وإنسانية وعدالة ومواطنة، وما لبثت أن التحقت مدن وقرى الوطن السوري للمطالبة للتغيير السلمي والذي لم يستطع الحفاظ على سلميته، ولم يتسن لهذا الحراك أن يصنع قادته، بسبب القمع والقتل والاعتقال، وما نتج عن ذلك حيث إستطاع (النظام) أن يجر الحراك إلى مستنقع السلاح الذي أصبح كارثيًا، ليس فقط على الثورة الوليدة، بل على عموم سورية والسوريين، ومدخلًا للتدخل الخارجي وارتهان البلد ومقدراته ضمن تواجد أكثر من خمسة جيوش أجنبية ومناطق نفوذ ومليشيات مسلحة أجنبية ونظام تحول إلى فصيل مسلح يمسك بما تبقى من أجهزة الدولة بما تبقى تحت سيطرته تحت حماية قوى خارجية .
في هذه السطور لن أتحدث عن كامل الجغرافيا السورية، بل سأتناول الجنوب السوري درعا مهد الثورة، المنطقة التي لم تلين ولم تستسلم على الرغم من التسويات تحت الرعاية الروسية، إلا أنها مازالت تحتفظ بمناطق خارج سيطرة النظام كليا وهي منطقة درعا البلد ومدينة طفس ومدينة بصرى الشام والريف الشرقي.
على الرغم من محاولات النظام مدعومًا بقوات روسية ومليشيات إيران وحزب الله لإعادة السيطرة على هذه المناطق وخاصة درعا البلد لما لها من رمزية “شرارة الثورة”، غير أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل وهذا جعل النظام يتبع سياسة التضييق ومنع الخدمات كنوع من معاقبة المحافظة ككل وخاصة أبناء المناطق الواقعة خارج سلطته الفعلية .
استمر النظام بإتباع سياسة الترغيب والترهيب لتجنيد عملاء وتنفيذ عمليات الاغتيالات والتصفية بحق المناهضين، كما أطلق يد إيران وحزب الله لتنتشر المخدرات والحشيش مما يسهل إيجاد أعوان ومأجورين لتنفيذ مخططاتهم التي تستهدف بنية المجتمع و بناءه .
استمر الحال بين تفجير واغتيال واعتقال دون استقرار، ولا حد أدنى من قيام الدولة بواجباتها الوطنية تجاه المواطنين .
وقد قام النظام بحجب الخدمات متذرعاً بعدم السيطرة ، وحتى إذا حانت مسرحية إنتخابات الرئاسة بدأ يروج لها وأن بعض القرى تحضر المضافات (للعرس الوطني)، ليفاجأ يوم الانتخاب بمقاطعة واسعة جدًا من أبناء المحافظة وهذا ما جعله يخطط للمزيد من المحاصرة والضغوط انتقامًا.
تعي السلطات السورية أهمية هذه المنطقة سياسيًا وجغرافيًا حيث موقعها على حدود الجولان السوري المحتل، والذي مازال يرسل الرسائل للكيان الصهيوني بأن أمنه من أمن النظام وضرورة الحفاظ عليه .
وبواقع الحال، تعد المنطقة الجنوبية من سورية منطقة ذات أهمية استراتيجية وأمنية كبرى خاصة في ظل الصراع العربي-الصهيوني وفي ظل فرض العديد من المعادلات الإقليمية والدولية انطلاقًا من هذا الواقع وهذا ما دفع النظام لأن يستميت للسيطرة على هذه المنطقة فهي عربون حكمه لسورية ! ودفعه ذلك للاستعانة بحلفائه الذين تنافسوا أيضًا على السيطرة والنفوذ فيها في حين لم تستطع روسيا السيطرة إلا إنها تحتفظ بوجود رمزي من خلال مايسمى الفيلق الخامس الموالي لروسيا ويحميه إتفاق كيري لافروف لعام ٢٠١٧.
في حين عززت إيران وجودها غير العلني من خلال مليشيات حزب الله، ومن يجندهم من السوريين ومن خلال نفوذها لدى بعض القطع العسكرية لجيش النظام .
جميع هذه القوى تتنافس على الرغم من تحالفاتها، في إطار المحاولة لتقوية الموقف التفاوضي لكل قوة، حيث تسعى كل منها لتكون صاحبة القرار. وقد استخدمت كل الوسائل للوصول إلى ذلك بما في ذلك (التنظيمات الاٍرهابية) الغريبة عن نسيج المنطقة .
لا يمكن إنكار أهمية هذه المنطقة أيضًا على الأمن القومي العربي، فعلاوة على أنها على حدود الجولان فهي أيضًا على حدود المملكة الأردنية الهاشمية وعلى الطريق الدولي إلى أقطار الخليج العربية كافة، ولا يخف على أحد كميات المهربات التي تم كشفها من قبل السلطات الأردنية والسعودية وسلطات الإمارات والكويت هذا فقط على منحى واحد .
الأمر الذي يجعلنا نفكر جليا لمراجعة واقع هذه المنطقة من سورية ضمن حل سياسي وضمن أولوية ألا تقع فريسة للأجندات الأجنبية بالدرجة الأولى، والمعادية والتي تمثل خطرًا استرتيجياً على المنطقة، ويجعلها رهينة ومحل مساومة في ملفات أخرى من جانب آخر.
هذا يفرض علينا أن ندق ناقوس الخطر في ظل شبه تعطل للمنظمة العربية الرسمية “جامعة الدول العربية” وذلك بسبب الموقف من نظام الأسد بعد اندلاع الثورة .
لكن القضية هي أكبر من خلاف وجهات نظر، هي قضية تهم كل العرب وخاصة لارتباطها بالقضية المركزية وهي القضية الفلسطينية، وهذا يعني بالضرورة ارتهان المنطقة من جهة وتعريض الدول والشعوب العربية لخطر الابتزاز وخطر اندلاع مواجهات، لسنا من يقرر فيها وليست لمصلحتنا أيضا، مخاطر تضعف الموقف العربي في مواجهة قضايانا العادلة وحضورنا الدولي والإقليمي .
هذا ما يدفعنا إلى التوجه للدول العربية للتحرك بإيجابية وأخذ الدور الذي تقتضيه المصلحة العربية المشتركة ومصلحة الشعب السوري، ومن خلال تطبيق قرارات الأمم المتحدة التي تخص الحل السياسي في سوريا وأهمها القرار ٢٢٥٤ .
-------------
موقع منصة القاهرة
في هذه السطور لن أتحدث عن كامل الجغرافيا السورية، بل سأتناول الجنوب السوري درعا مهد الثورة، المنطقة التي لم تلين ولم تستسلم على الرغم من التسويات تحت الرعاية الروسية، إلا أنها مازالت تحتفظ بمناطق خارج سيطرة النظام كليا وهي منطقة درعا البلد ومدينة طفس ومدينة بصرى الشام والريف الشرقي.
على الرغم من محاولات النظام مدعومًا بقوات روسية ومليشيات إيران وحزب الله لإعادة السيطرة على هذه المناطق وخاصة درعا البلد لما لها من رمزية “شرارة الثورة”، غير أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل وهذا جعل النظام يتبع سياسة التضييق ومنع الخدمات كنوع من معاقبة المحافظة ككل وخاصة أبناء المناطق الواقعة خارج سلطته الفعلية .
استمر النظام بإتباع سياسة الترغيب والترهيب لتجنيد عملاء وتنفيذ عمليات الاغتيالات والتصفية بحق المناهضين، كما أطلق يد إيران وحزب الله لتنتشر المخدرات والحشيش مما يسهل إيجاد أعوان ومأجورين لتنفيذ مخططاتهم التي تستهدف بنية المجتمع و بناءه .
استمر الحال بين تفجير واغتيال واعتقال دون استقرار، ولا حد أدنى من قيام الدولة بواجباتها الوطنية تجاه المواطنين .
وقد قام النظام بحجب الخدمات متذرعاً بعدم السيطرة ، وحتى إذا حانت مسرحية إنتخابات الرئاسة بدأ يروج لها وأن بعض القرى تحضر المضافات (للعرس الوطني)، ليفاجأ يوم الانتخاب بمقاطعة واسعة جدًا من أبناء المحافظة وهذا ما جعله يخطط للمزيد من المحاصرة والضغوط انتقامًا.
تعي السلطات السورية أهمية هذه المنطقة سياسيًا وجغرافيًا حيث موقعها على حدود الجولان السوري المحتل، والذي مازال يرسل الرسائل للكيان الصهيوني بأن أمنه من أمن النظام وضرورة الحفاظ عليه .
وبواقع الحال، تعد المنطقة الجنوبية من سورية منطقة ذات أهمية استراتيجية وأمنية كبرى خاصة في ظل الصراع العربي-الصهيوني وفي ظل فرض العديد من المعادلات الإقليمية والدولية انطلاقًا من هذا الواقع وهذا ما دفع النظام لأن يستميت للسيطرة على هذه المنطقة فهي عربون حكمه لسورية ! ودفعه ذلك للاستعانة بحلفائه الذين تنافسوا أيضًا على السيطرة والنفوذ فيها في حين لم تستطع روسيا السيطرة إلا إنها تحتفظ بوجود رمزي من خلال مايسمى الفيلق الخامس الموالي لروسيا ويحميه إتفاق كيري لافروف لعام ٢٠١٧.
في حين عززت إيران وجودها غير العلني من خلال مليشيات حزب الله، ومن يجندهم من السوريين ومن خلال نفوذها لدى بعض القطع العسكرية لجيش النظام .
جميع هذه القوى تتنافس على الرغم من تحالفاتها، في إطار المحاولة لتقوية الموقف التفاوضي لكل قوة، حيث تسعى كل منها لتكون صاحبة القرار. وقد استخدمت كل الوسائل للوصول إلى ذلك بما في ذلك (التنظيمات الاٍرهابية) الغريبة عن نسيج المنطقة .
لا يمكن إنكار أهمية هذه المنطقة أيضًا على الأمن القومي العربي، فعلاوة على أنها على حدود الجولان فهي أيضًا على حدود المملكة الأردنية الهاشمية وعلى الطريق الدولي إلى أقطار الخليج العربية كافة، ولا يخف على أحد كميات المهربات التي تم كشفها من قبل السلطات الأردنية والسعودية وسلطات الإمارات والكويت هذا فقط على منحى واحد .
الأمر الذي يجعلنا نفكر جليا لمراجعة واقع هذه المنطقة من سورية ضمن حل سياسي وضمن أولوية ألا تقع فريسة للأجندات الأجنبية بالدرجة الأولى، والمعادية والتي تمثل خطرًا استرتيجياً على المنطقة، ويجعلها رهينة ومحل مساومة في ملفات أخرى من جانب آخر.
هذا يفرض علينا أن ندق ناقوس الخطر في ظل شبه تعطل للمنظمة العربية الرسمية “جامعة الدول العربية” وذلك بسبب الموقف من نظام الأسد بعد اندلاع الثورة .
لكن القضية هي أكبر من خلاف وجهات نظر، هي قضية تهم كل العرب وخاصة لارتباطها بالقضية المركزية وهي القضية الفلسطينية، وهذا يعني بالضرورة ارتهان المنطقة من جهة وتعريض الدول والشعوب العربية لخطر الابتزاز وخطر اندلاع مواجهات، لسنا من يقرر فيها وليست لمصلحتنا أيضا، مخاطر تضعف الموقف العربي في مواجهة قضايانا العادلة وحضورنا الدولي والإقليمي .
هذا ما يدفعنا إلى التوجه للدول العربية للتحرك بإيجابية وأخذ الدور الذي تقتضيه المصلحة العربية المشتركة ومصلحة الشعب السوري، ومن خلال تطبيق قرارات الأمم المتحدة التي تخص الحل السياسي في سوريا وأهمها القرار ٢٢٥٤ .
-------------
موقع منصة القاهرة