فالتحرك الجماعي ضد إيران في مجلس الأمن سوف يحرج أصدقاء طهران الدوليين، خصوصاً موسكو وبكين وبعض عواصم الاتحاد الأوروبي الطامعة في دخول أسواق الطاقة الإيرانية... هذه الدول ستكون مقيدة في موقفها وستضطر إلى التغاضي عن التحركات العقابية الدولية، حيث لا يمكن لها الدفاع مباشرة عن تصرفات طهران، كما أنها لن تدخل في مواجهة مع شركائها التقليديين الذين سيضعون خطواتهم ضمن معركة حماية الاقتصاد العالمي.
التصعيد الإيراني في هذه المرحلة يرتبط بتحولات داخلية وخارجية، وعلى الأرجح أن طهران معنية بإعطاء صورة مبكرة لطبيعة المرحلة السياسية الداخلية، وتطبيق خياراتها الثورية مباشرة، فالطرف المسيّر للدولة الذي فرض على الإيرانيين اختيار إبراهيم رئيسي رئيساً، خطط مبكراً لتطابق الشكل مع المضمون في طبيعة واحدة للنظام، بعد أن وصلت لعبة النظام بطبيعتيه «الثورة والدولة» إلى نهايتها ولم تغير من طريقة التعامل الدولي مع إيران، خصوصاً في ملفها النووي.
حرب الناقلات، وتصاعد الضربات في سوريا، ودخول الحدود اللبنانية سريعاً على خط التماس في المواجهة الإيرانية المفتوحة مع المنطقة... كل ذلك دفاعاً عمّا تعدّها طهران امتيازات توسعية تريد إبعادها عن مفاوضات نووية بدأت تراوح في مكانها، وفشلت جولاتها العديدة في التوصل إلى اتفاقيات مبدئية بعدما طالبت طهران بأكثر مما تستطيع الإدارة الأميركية الجديدة إعطاءه، خصوصاً أن المفاوض الإيراني يعاني من هاجس ترمبية جديدة تعيد رفع شعار «إلغاء الاتفاق مجدداً»، لذلك وضع شرطاً أساسياً بضرورة ضمان عدم الانسحاب الأميركي مستقبلاً من الاتفاق.
عقد كثيرة تدفع بإيران إلى التصعيد مرتبطة بوضعها الاقتصادي الذي يعاني من عقوبات قاسية لا تبدو إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن متعجلة في رفعها، لذلك دخلت طهران في تطبيق فعلي لشعار: «نفطنا مقابل نفطكم» من خلال استهداف منشآت نفطية في السعودية وناقلات بترول تابعة لشركات عالمية بهدف الضغط اقتصادياً على هذه الدول من أجل دفعها للضغط على واشنطن لعلها تخفف القيود التجارية والاقتصادية التي وضعتها على تجارة الطاقة مع إيران.
اقتراب المواجهة من العلن ظهر في التصعيد الأخير على حدود لبنان الجنوبية، فالأزمة الأمنية في لبنان والخوف من اندلاع مواجهة جديدة مع إسرائيل يشكلان هاجساً داخلياً للأوروبيين القلقين دوماً من موجات جديدة من اللاجئين (اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين) عبر سواحل المتوسط، فالاستقرار الهش في لبنان نتيجة أزمة اقتصادية صعبة، وعدم سيطرة الدولة على قرار السلم والحرب، يمكّنان الطرف القادر على تحريك جبهة الجنوب من تحريك الموقف الدولي المتصلب ضد السلطة اللبنانية الموالية لطهران، والتنبيه بأن الدفع إلى مغامرة عسكرية في لبنان يعني نهاية ما تبقى من لبنان الذي نعرفه.
وعليه؛ فإن «حرب الظلال» أو «معارك الوكلاء» من العراق إلى سوريا مروراً بلبنان واليمن ومياه الخليج العربي، ومن الممكن أن تنتقل إلى مياه المتوسط، باتت على بعد خطوات أو أيام أو أسابيع من أن تصبح مباشرة، خصوصاً إذا كان بعض الأطراف يتعمد الوصول إلى هذا التحول الاستراتيجي، بهدف التوصل إلى حل ما يأتي دائماً عندما تصل الحلول التفاوضية إلى حائط مسدود.
-----------
الشرق الاوسط
عيون المقالات
حلقة برباغندا إيران انتهت مدة صلاحيتها
26/11/2024
- د. منى فياض
الفرصة التي صنعناها في بروكسل
26/11/2024
- موفق نيربية
(هواجس إيران في سوريا: زحمة موفدين…)
24/11/2024
- محمد قواص
مستقبل لبنان بعهدة شيعته!
23/11/2024
- فارس خشان
هل تخشى إيران من الأسد أم عليه؟
23/11/2024
- ضياء عودة
المهمة الفاشلة لهوكستين
23/11/2024
- حازم الأمين
نظام الأسد وحرب النأي بالنفس عن الحرب
21/11/2024
- بكر صدقي
الأسد الحائر أمام الخيارات المُرّة
17/11/2024
- مالك داغستاني
العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب
17/11/2024
- العميد الركن مصطفى الشيخ
إنّه سلام ما بعده سلام!
17/11/2024
- سمير التقي
تعيينات ترامب تزلزل إيران ورسالة خامنئي للأسد تتعلق بالحرب التي لم تأتِ بعد
17/11/2024
- عقيل حسين
هذا التوجس التركي من اجتياح إسرائيلي لدمشق
16/11/2024
- عبد الجبار عكيدي
السوريات في الحياة الأوروبية والتجارب السياسية
15/11/2024
- ملك توما
هل دقّت ساعة النّوويّ الإيرانيّ؟
13/11/2024
- أمين قمورية
بشـار الأسـد بين علي عبدالله صـالـح وحسـن نصر الله
13/11/2024
- فراس علاوي
“وقف الحروب” اختبارٌ لترامب “المختلف”
13/11/2024
- عبد الوهاب بدرخان
( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )
13/11/2024
- عبد الباسط سيدا*
قنبلة “بهتشلي”.. ماذا يحدث مع الأكراد في تركيا؟
13/11/2024
- كمال أوزتورك
طرابلس "المضطهدة" بين زمنين
13/11/2024
- د.محيي الدين اللاذقاني
حين تمتحن سورية تلك النبوءات كلّّها
12/11/2024
- ايمن الشوفي
|
طهران... نهاية حرب الظلال
|
|
|