على بعض تلك الأسئلة وغيرها أجرى "برنارد جورتزمان من مجلس العلاقات الخارجية حوارًا مع ستيفن كوك أحد أبرز باحثي مجلس العلاقات الخارجية في دراسات الشرق الأوسط لاسيما الصراع العربي الإسرائيلي.
وفي هذا الحوار رأى كوك أن الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة لم تكن مستغربة، مرجعًا ذلك لتجدد إطلاق الصورايخ على جنوب إسرائيل من قطاع غزة من جهة، وإلى البيئة الأمنية والسياسية الإسرائيلية من جهة أخرى. ويرى كوك أنه ليس لدى الإدارة الراحلة "إدارة الرئيس بوش الابن" ولا الإدارة الجديدة "إدارة باراك أوباما" شيء يمكن أن تفعله. ويضيف أن لهذه الهجمات جُلَّ التأثير على منطقة الشرق الأوسط في صورتها الكلية، وعلى المصالح الأمريكية في المنطقة مع تزايد قوى الممانعة والمقاومة بالمنطقة، حسب التصنيف الأمريكي، وفي وقت تسعى فيه طهران إلى تحقيق كثيرٍ من المكاسب جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع، وهذا من شأنه أن يفرض القضية الفلسطينية على إدارة أوباما الجديدة.
أثارت الهجمات الجوية الإسرائيلية ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة دهشة كثيرين. فقد أسفرت تلك الهجمات في أسبوعها الأول عن مقتل أكثر من ثلاثمائة شخص، من بينهم عديد من المدنيين، كردٍ انتقامي على إطلاق صواريخ المقاومة الفلسطينية على إسرائيل من القطاع، وفي الأسبوع الثاني من الهجمات بدأت القوات الإسرائيلية عمليات الاجتياح البري للقطاع. ما تعليقكم على هذا؟
لم تُثر الهجمات الجوية الإسرائيلية ولا الاجتياح البري للقطاع دهشتي؛ لجملة من الأسباب، أولها: انتهاء اتفاق التهدئة بين الطرفين. ثانيها: أنه مع انتهاء التهدئة بدأت الجماعات المسلحة الفلسطينية بما فيها حماس المتواجدة في القطاع بإمطار إسرائيل بصواريخها. فبعد أسبوع من انتهاء وقف إطلاق النار أُستهدفت إسرائيل بما يقرب من مائتي هجمة من القوى المسلحة الفلسطينية. ثالثًا: أن الإسرائيليين كانوا منخرطين في عملياتهم العسكرية الخاصة بالقطاع والضفة الغربية، ولذا كان الطرفان (الإسرائيلي وجماعات المقاومة الفلسطينية) على علم بالنهاية؛ مما دفع كلاًّ منهما للسعي إلى الحصول على نتائجها بأكثر سرعة. ومن ثم لم يكن من المستغرب أن تشن إسرائيل هجمات على قطاع غزة ولاسيما بعد أن وعدت حماس بمواصلة إطلاق الصورايخ واستهداف الإسرائيليين.
هناك كثير من الكتابات داخل واشنطن وخارجها عكفت على تحليل أسباب تلك الهجمات الإسرائيلية، التي تعد الأعنف ضد الفلسطينيين منذ فترة طويلة. فالبعض يراها أنها محاولة لرد الاعتبار إلى الجيش الإسرائيلي بعد هزيمته في حربه ضد حزب الله اللبناني في يوليو وأغسطس من عام 2006، وقد عبر عن هذا الرأي مراسل صحيفة النيويورك تايمز بالقدس. هذا وترجع بعض التحليلات تلك الهجمات إلى أسباب انتخابية تسبق انتخابات الكينسيت المقرر لها الشهر المقبل (فبراير 2009). فضلاً عن بعضها الذي يشير إلى أن إسرائيل تريد استغلال المرحلة الانتقالية لنقل السلطة وقبل وصول الإدارة الجديدة لشن هجماتها ضد الفلسطينيين. وفي ظل تعدد وجهات النظر
حول الأسباب الكامنة وراء تلك الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين، ما تلك الأسباب من وجهة نظرك؟.
في حقيقة الأمر يمكن إرجاع الهجمات الإسرائيلية إلى كل تلك الأسباب التي أوردتها في سؤالك. ولكني أعتقد أن أول وأهم سبب لتلك الهجمات هو أن المواطن الإسرائيلي تحت تهديد صواريخ الجماعات المسلحة الفلسطينية منذ فترة. فقبل اتفاق وقف إطلاق النار أُمطرت إسرائيل خلال السنوات الماضية بما يقرب من ثلاثة آلاف صاروخ. وليس هناك حكومة يمكن أن تتخلى عن مسئولياتها الأساسية من حماية مواطنيها حيال تعرضهم لتهديدات. وهذا هو السبب الرئيس من وجهة نظري للهجمات الجوية بل والبرية الإسرائيلية ضد البنى التحتية لحركة حماس وكافة القوى المسلحة التي تنشط في القطاع.
والسبب الثاني والمهم أيضًا في تلك الهجمات والذي لا يقل أهمية عن الأول هو قرب موعد انتخابات الكينسيت الإسرائيلي. حيث يتعرض الائتلاف الذي يقوده أيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي وزعيم حزب العمل، وتسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية والزعيمة الجديدة لحزب كاديما لانتقادات من اليمين لاسيما زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، والمتقدم في استطلاعات الرأي والذي عارض الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من قطاع غزة الذي اتخذه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ومؤسس حزب كاديما، إرئييل شارون.
وهو الأمر الذي يعطي الائتلاف الحاكم فرصة للعب على وتر أمن المواطن الإسرائيلي من أجل الفوز في الانتخابات القادمة. وسوف تُظهر الفترة القادمة كيف ستنعكس نتائج الهجمات الإسرائيلية في استطلاعات الرأي العام السياسية داخل إسرائيل. ومن هذا المنطلق يصعب إهمال الجوانب السياسية للهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة. ولكن ما أُؤكد عليه هو أن السبب الرئيس لتلك الهجمات يكمن في تعرض الإسرائيليين في الجنوب لهجمات صواريخ الجماعات المسلحة الفلسطينية منذ فترة ليست بقصيرة.
وسبب آخر لتلك الهجمات هو أن قوات الدفاع الإسرائيلية تهدف من تلك الهجمات تعويض أدائها المتواضع في حرب 2006 مع حزب الله اللبناني، فهناك عدد من كبار المسئولين الإسرائيليين المدنيين والعسكريين يرون أنها فرصة لاستعادة الردع الإسرائيلي، الذي ضعف بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000 ومن غزة في عام 2005.
وفي هذا الحوار رأى كوك أن الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة لم تكن مستغربة، مرجعًا ذلك لتجدد إطلاق الصورايخ على جنوب إسرائيل من قطاع غزة من جهة، وإلى البيئة الأمنية والسياسية الإسرائيلية من جهة أخرى. ويرى كوك أنه ليس لدى الإدارة الراحلة "إدارة الرئيس بوش الابن" ولا الإدارة الجديدة "إدارة باراك أوباما" شيء يمكن أن تفعله. ويضيف أن لهذه الهجمات جُلَّ التأثير على منطقة الشرق الأوسط في صورتها الكلية، وعلى المصالح الأمريكية في المنطقة مع تزايد قوى الممانعة والمقاومة بالمنطقة، حسب التصنيف الأمريكي، وفي وقت تسعى فيه طهران إلى تحقيق كثيرٍ من المكاسب جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع، وهذا من شأنه أن يفرض القضية الفلسطينية على إدارة أوباما الجديدة.
أثارت الهجمات الجوية الإسرائيلية ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة دهشة كثيرين. فقد أسفرت تلك الهجمات في أسبوعها الأول عن مقتل أكثر من ثلاثمائة شخص، من بينهم عديد من المدنيين، كردٍ انتقامي على إطلاق صواريخ المقاومة الفلسطينية على إسرائيل من القطاع، وفي الأسبوع الثاني من الهجمات بدأت القوات الإسرائيلية عمليات الاجتياح البري للقطاع. ما تعليقكم على هذا؟
لم تُثر الهجمات الجوية الإسرائيلية ولا الاجتياح البري للقطاع دهشتي؛ لجملة من الأسباب، أولها: انتهاء اتفاق التهدئة بين الطرفين. ثانيها: أنه مع انتهاء التهدئة بدأت الجماعات المسلحة الفلسطينية بما فيها حماس المتواجدة في القطاع بإمطار إسرائيل بصواريخها. فبعد أسبوع من انتهاء وقف إطلاق النار أُستهدفت إسرائيل بما يقرب من مائتي هجمة من القوى المسلحة الفلسطينية. ثالثًا: أن الإسرائيليين كانوا منخرطين في عملياتهم العسكرية الخاصة بالقطاع والضفة الغربية، ولذا كان الطرفان (الإسرائيلي وجماعات المقاومة الفلسطينية) على علم بالنهاية؛ مما دفع كلاًّ منهما للسعي إلى الحصول على نتائجها بأكثر سرعة. ومن ثم لم يكن من المستغرب أن تشن إسرائيل هجمات على قطاع غزة ولاسيما بعد أن وعدت حماس بمواصلة إطلاق الصورايخ واستهداف الإسرائيليين.
هناك كثير من الكتابات داخل واشنطن وخارجها عكفت على تحليل أسباب تلك الهجمات الإسرائيلية، التي تعد الأعنف ضد الفلسطينيين منذ فترة طويلة. فالبعض يراها أنها محاولة لرد الاعتبار إلى الجيش الإسرائيلي بعد هزيمته في حربه ضد حزب الله اللبناني في يوليو وأغسطس من عام 2006، وقد عبر عن هذا الرأي مراسل صحيفة النيويورك تايمز بالقدس. هذا وترجع بعض التحليلات تلك الهجمات إلى أسباب انتخابية تسبق انتخابات الكينسيت المقرر لها الشهر المقبل (فبراير 2009). فضلاً عن بعضها الذي يشير إلى أن إسرائيل تريد استغلال المرحلة الانتقالية لنقل السلطة وقبل وصول الإدارة الجديدة لشن هجماتها ضد الفلسطينيين. وفي ظل تعدد وجهات النظر
حول الأسباب الكامنة وراء تلك الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين، ما تلك الأسباب من وجهة نظرك؟.
في حقيقة الأمر يمكن إرجاع الهجمات الإسرائيلية إلى كل تلك الأسباب التي أوردتها في سؤالك. ولكني أعتقد أن أول وأهم سبب لتلك الهجمات هو أن المواطن الإسرائيلي تحت تهديد صواريخ الجماعات المسلحة الفلسطينية منذ فترة. فقبل اتفاق وقف إطلاق النار أُمطرت إسرائيل خلال السنوات الماضية بما يقرب من ثلاثة آلاف صاروخ. وليس هناك حكومة يمكن أن تتخلى عن مسئولياتها الأساسية من حماية مواطنيها حيال تعرضهم لتهديدات. وهذا هو السبب الرئيس من وجهة نظري للهجمات الجوية بل والبرية الإسرائيلية ضد البنى التحتية لحركة حماس وكافة القوى المسلحة التي تنشط في القطاع.
والسبب الثاني والمهم أيضًا في تلك الهجمات والذي لا يقل أهمية عن الأول هو قرب موعد انتخابات الكينسيت الإسرائيلي. حيث يتعرض الائتلاف الذي يقوده أيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي وزعيم حزب العمل، وتسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية والزعيمة الجديدة لحزب كاديما لانتقادات من اليمين لاسيما زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، والمتقدم في استطلاعات الرأي والذي عارض الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من قطاع غزة الذي اتخذه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ومؤسس حزب كاديما، إرئييل شارون.
وهو الأمر الذي يعطي الائتلاف الحاكم فرصة للعب على وتر أمن المواطن الإسرائيلي من أجل الفوز في الانتخابات القادمة. وسوف تُظهر الفترة القادمة كيف ستنعكس نتائج الهجمات الإسرائيلية في استطلاعات الرأي العام السياسية داخل إسرائيل. ومن هذا المنطلق يصعب إهمال الجوانب السياسية للهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة. ولكن ما أُؤكد عليه هو أن السبب الرئيس لتلك الهجمات يكمن في تعرض الإسرائيليين في الجنوب لهجمات صواريخ الجماعات المسلحة الفلسطينية منذ فترة ليست بقصيرة.
وسبب آخر لتلك الهجمات هو أن قوات الدفاع الإسرائيلية تهدف من تلك الهجمات تعويض أدائها المتواضع في حرب 2006 مع حزب الله اللبناني، فهناك عدد من كبار المسئولين الإسرائيليين المدنيين والعسكريين يرون أنها فرصة لاستعادة الردع الإسرائيلي، الذي ضعف بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000 ومن غزة في عام 2005.