وفي هذا السياق، علم "العربي الجديد" أن منظمة فاعلة في أوروبا وجّهت دعوات لشخصيات سورية معارضة، أقرب للمستقلة ولا تنتمي إلى أجسام سياسية، لحضور مؤتمر سيُعقد في العاصمة الألمانية برلين بين 30 يوليو/تموز الحالي والأول من شهر أغسطس/ آب المقبل، لـ"بحث سبل حل الأزمة السورية". وأشار مصدر مطلع، تحدث لـ"العربي الجديد"، إلى أن المؤتمر سيشهد حضوراً دبلوماسياً من قِبل بعض الدول التي تُعرف بأصدقاء الشعب السوري، ويتوقع أن تشارك فيه شخصيات معارضة مرموقة، كرياض حجاب (رئيس الوزراء المنشق) والرئيس الأسبق للائتلاف الوطني المعارض معاذ الخطيب، والمعارض السوري المعروف برهان غليون، فيما أشار المصدر إلى أن المحامي والحقوقي أنور البني هو من يقوم بتوجيه الدعوات للمؤتمر.
لكن البني أكّد في اتصال مع "العربي الجديد" أنه مدعوّ إلى المؤتمر وليس داعٍياً إليه، ولا علاقة له بعملية التنظيم، مؤكداً أن الدعوة وصلت إليه من منظمة تسمى "شبكة التفاعل التنموي"، مشيراً إلى أن ليس لديه الكثير عن التفاصيل والأجندات التي ستُبحث في المؤتمر. وعندما عرض "العربي الجديد" على البني العنوان المقرر للمؤتمر، وهو "بحث سبل حل الأزمة السورية"، علّق البني بأن الحل لم يعد في يد السوريين، لكن المؤتمر قد يكون لتبادل الأفكار وعرض وجهات النظر والحديث بحرية بين السوريين. وأكد عقد المؤتمر في الفترة التي أشار إليها المصدر، من دون معرفته بالشخصيات المدعوّة.
وأشار البني إلى أن الجهة المنظمة للمؤتمر أبدت رفضها الحديث عن الموضوع في الإعلام، مضيفاً: "ربما لا يريدون أن يكون للإعلام دور سلبي في التعاطي مع الفكرة، كونهم يريدون لهذا المؤتمر أو الاجتماع أن يجمع سوريين ليتكلموا بصدق ووضوح بعيداً عن الكلام المنمق والدبلوماسي المصدر للإعلام".
ولم يتمكن "العربي الجديد" من التواصل مع منظمة "شبكة التفاعل التنموي" لعدم حضورها الفاعل في الشأن السوري. ومن خلال البحث عبر الوسائط المفتوحة، تبين أن الشبكة تأسست في عام 2013 على يد مجموعة من الناشطين السوريين الشباب لمساعدة اللاجئين السوريين في لبنان، وتوثيق جرائم حقوق الإنسان التي يرتكبها النظام السوري والأطراف المتحاربة الأخرى، من دون أن تكون لها أي سابقة في لعب دور سياسي، أو تنظيم نشاط من هذا النوع. ويدير الشبكة الناشط السوري ماهر أحمد الإبراهيم، الذي لا تتوفر عنه كذلك معلومات مهمة.
أما معاذ الخطيب، ورداً على سؤال لـ"العربي الجديد" عما إذا ما كان تلقى دعوة في هذا الخصوص، فأجاب بأنه تلقى خلال الفترة الماضية العديد من الدعوات لحضور اجتماعات ومؤتمرات تضم شخصيات معارضة سورية، ولا يعرف ما إذا كانت دعوة الشبكة إحداها، وأتته بشكل شخصي، مشيراً إلى أنّ حراكاً واضحاً من قبل أطراف وشخصيات مختلفة تسعى إلى جمع أكبر عدد من السوريين لتبادل الأفكار في التعقيد الحاصل، يتطور إلى ما يشبه هذه المؤتمرات أو الاجتماعات.
من جهته، قال برهان غليون لـ"العربي الجديد" إنه لم يتلقَ أي دعوة لحضور مؤتمر أو اجتماع لشخصيات سورية معارضة "لا بحضور دبلوماسي غربي ولا شرقي". وأضاف: "لا أعتقد أن هناك أي مسعى جدي من قبل الدول المعنية بالقضية السورية سلباً وإيجاباً لدراسة آفاق جديدة أو قديمة للحل السوري"، مشيراً إلى أنه على العكس "هناك تشويش وتسميم إعلامي مستمر لتدويخ السوريين، وضرب صدقية وجدية المعارضة وبعض شخصياتها، وتعزيز إحباط الجمهور السوري ودفعه للاستسلام".
وتواصل "العربي الجديد" مع مكتب حجاب، من دون حصوله على إجابات حول تلقيه دعوة للمؤتمر من عدمه. وبناء على ذلك، ستبقى معطيات ونتائج هذا المؤتمر رهن ما سيخرجه المنظمون له أو الحاضرون فيه بعد إتمامه في الفترة المقررة، وهذا ما أكده المحامي أنور البني بقوله إن الجهة المنظمة ربما ستؤجل الحديث عن مشروعها في الإعلام إلى حين خروج النتائج ومن ثم الحديث عنها.
في سياق قريب، كان من المفترض أن يعقد اليوم الأربعاء في مدينة جنيف السويسرية مؤتمر لشخصيات معارضة تحت عنوان "مؤتمر سوري - سوري لاستعادة السيادة"، كان يتم التجهيز له من قبل شخصيات فاعلة، على أن يكون الحضور على مستوى المستقلين وليس بحسب انتماءاتهم السياسية، لكن يبدو أن الاستعدادات لم تكتمل لعقد هذا المؤتمر من قبل المنظمين.
وكانت مصادر قد أكدت لـ"العربي الجديد" في وقت سابق أن الشخصيات المعارضة التي تُحضّر للمؤتمر المذكور تأخذ منحى مستقلاً، على الأقل في الفترة الحالية، من بينها اللواء مصطفى الحاج علي وهيثم مناع وخالد المحاميد وآخرون، وستتم دعوة شخصيات معارضة من دمشق وكذلك من شمال شرقي سورية عبر استهداف شخصيات كردية. وبحسب المصادر، فإن حرص المنظمين ينصبّ على أن يكون الحاضرون ممثلين عن كافة المكونات السورية على المستوى المذهبي والعرقي، مع تجنيب تمثيل المكونات السياسية للحسبان في طريقة دعوة الشخصيات.
وتقف وراء الدعوة لهذا المؤتمر "المبادرة الوطنية السورية"، التي تأسست عام 2019. ونتيجة هذه المبادرة، تم تشكيل لجنة تحضيرية لعقد مؤتمر تحت عنوان "المؤتمر السوري العام لاستعادة السيادة والقرار"، على أن يجمع أكبر عدد من الشخصيات التي تمثل الشرائح السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفنية وغيرها، بحسب أحد مؤسسيها آصف دعبول، الذي تحدث لـ"العربي الجديد" قبل نحو شهر، حين تم تحديد موعد مبدئي للمؤتمر في 20 و21 من الشهر الحالي. واعتبر دعبول حينها، أنهم يأملون أن "يسد هذا المؤتمر فراغاً في الحالة السورية بعد فشل الأجسام المعارضة الموجودة حالياً بالتعبير عن تطلعات السوريين وعدم القدرة على التفاعل مع القوى الدولية والمؤثرين في القضية السورية، ولا سيما في إطار الحل السياسي الذي يعد عقيماً". ويعول المنظمون للمؤتمر، بحسب ما أكد دعبول، على "أن ينتج عنه جسم سياسي يسد الفراغ الحاصل". لكن إلى الآن، لم يُكتب للمؤتمر الانعقاد لظروف مجهولة.
---------------
العربي الجديد