كان هناك حاجة ماسة لوجود بيادق اسرائيلية تسيطر على مركز الرقعة و توقف حركات المقاومة الفلسطينية و اللبنانية الحقيقية, وكان لا بد من تلوين تلك البيادق الاسرائيلية بألوان عربية مقاومة و ممانعة كي تحتل ذلك المركز و تنهي أي شكل من أشكال المقاومة ضد اسرائيل .
فكان الأسد بالنسبة لأسرائيل نعمة لا مثيل لها,....كتلة من النذالة و الخيانة و العطش للمال و السلطة يدعمها مقومين نادرين هما امتلاكه لمخزون احتياطي طائفي و مكر سياسي اجرامي يفوق الخيال.
دخل لبنان فأنهى أي دور للمقاومة الحقيقية و أخرج الفلسطينيين و أصطنع حزب الله و ألبسه ثياب المقاومة ليكون جداراً عازلاً يحمي اسرائيل. بالطبع كان لابد من بعض التمثيليات و بعض المساحيق و بعض المساكين الذين صدقوا هذه الكذبة ليتم التضحية بهم من أجل "القضية" .و من وقت لآخر و حين تحتاج اسرائيل للتخلص من فائض السلاح لديها قبل أن يفسد,و ربما أيضاً من أجل تأكيد الخدعة و ابقاء العرب تحت رحمة "المقاومة", يقوم حزب الله بفتح الابواب لاسرائيل و اعطاءها الذرائع من أجل أن تدخل و تقصف و تعيد لبنان الى حضيرة "الممانعة" من جديد .
بعد أن اكتملت التمثيلية لم يبقى سوى اعادة عرضها كل يوم على العقل السوري و اللبناني كي يصدقها و لا يفكر بالاعتراض و الا فانه سيصبح عدواً للمقاومة و الوطن !
الاسرائيليين هم من جاؤوا به و قدموا له صفقة لا يستطيع من مثله رفضها
(( سوريا لك بدون رقيب, فلسطين لنا بدون مقاومة )),ثم افلتوا له اللجام....
لا أمريكا, لا روسيا,لا رقابة دولية, لا صحافة عالمية,لا رأي عام عالمي,لا منظمات حقوق انسان....فراح يفتت سوريا الوطن, يستعبد أهلها و يقتل شرفائها و يسجن مثقفيها و ينفي رجالها و يعيد بناءها ليجعلها مزرعة له و لأبنائه من بعده, بدون أي رقيب أو حسيب....
هذا بالاضافة الى استغلال كامل لحجة الصراع العربي-الاسرائيلي التي منحته الحق في سرقة سوريا كما يشاء و بناء جيش هدفه الظاهر مقاومة اسرائيل بينما كان في الحقيقة موجود لسبب واحد فقط و هو الدفاع عن نظام الأسد!
كل هذا حدث مع رضا و قبول دولي مفضوح و تعتيم اعلامي منقطع النظير !
هل تعلمون أن مجازر حماة التي استمرت لأسابيع, لم نرى منها أي فيلم مصور أو حتى صوراً واضحة و لم نسمع عن أي وسيلة اعلام غربية دخلت حماة و نقلت أخبارها, بالرغم من أنهم يدخلون كل لحروب مهما كانت خطيرة ....هل سألت نفسك لماذا؟؟
اسرائيل ثم أمريكا و روسيا ثم من يسير ورائهم من الدول الغربية الاخرى , كلهم يعلمون بالضبط ماذا فعل نظام الأسد بالشعب السوري خلال الأربعين عاماً الماضية. و يعلمون كل تفاصيل اجرامه في حماة و لديهم كل تفاصيل استبداده و سرقته للمال السوري و اضطهاده للشعب السوري و كل وسائل تعذيبه.....لكنهم سكتوا عليه اربعون عاماً , و السبب بكل بساطة هو لأنه يعمل صبياً لدى اسرائيل.
بعد احتلال أمريكا للعراق و حين بدأت تهدد بالدخول الى سوريا, كان بعض الأصدقاء يتحدثون بخوف عن احتمال دخول امريكا للعراق...لكنني و الله كنت أقول لهم : لا تخافوا, لن يفعلوا شيئاً كهذا, و اذا حدث و دخلوا , فستكون لفترة قصيرة و لمسافة قليلة ثم يخرجون من أجل أن يقدموا للأسد دفقة جديدة من الممانعة و المقاومة و يجعلوا منه بطلاً كما فعلوا مع ابيه في حرب تشرين.
أما عن أيران,فهي الضلع الثالث في مثلث المؤامرة هذا, و ما مواقفها منذ نهاية حربها مع العراق سوى تكريساً لدورها في تلك اللعبة. راجع ما حدث في العراق و لبنان و سوريا في السنوات الثلاثين الأخيرة في ضوء هذا التحالف الشيطاني الأسرائيلي-الأسدي-الايراني و انت تجد ان بامكانك تفسير كل شيء, كل شيء بما فيه تشرذم المقاومة الفلسطينية و ضعفها.
الأسد هو ربيب اسرائيل و خادمها. علينا أن نعي هذه الحقيقة لندرك بعمق أن درب ثورتنا لن يكون سهلاً, فنحن لا نحارب الأسد و أيران و كلابهما في العراق و لبنان و حسب....نحن نحارب بالاضافة الى كل هذا, ارادة دولية متماسكة بلبنة اسرائيلية. و هذه الارادة -كما نرى- لديها القدرة على التحكم "بأشقائنا" و "أصدقائنا" و "بعض معارضينا", و لديها أيضاً القدرة على خلق المتسلقين و اللصوص و الفطريات التي تعيش على جروحنا و تقوم بخلط الأوراق في صفوفنا....!!
من أجل الانتصار في معركة كهذه سنحتاج الى روح وطنية سورية قوية متجددة,و العمل بشكل أكثر جدية و اخلاصاً و صدقاً و ذكاء.....!!
ثورتنا لا تشبه أي ثورة في تاريخ البشرية....انها ثورة على الكثير من أنواع الظلم و القهر و الطغيان...أحدها فقط هو الأسد !!
سنحتاج للعمل كثوريين حقيقيين نذروا أنفسهم للحق و الحرية. اذ لن يمكننا أن نُحدث اختراقاً حقيقياً في هذا الواقع السياسي الدولي و الاقليمي الذي يؤثر بشكل مباشر على الواقع العسكري دون أن نكون منظمين و موحدين,نحمل أهدافاً وطنية-انسانية واضحة ...و نحمل معها فكراً ناضجاً يمتلك آليات تنفيذ تلك الأهداف !
هذا العالم المتواطيء لن يسمح لنا بالانتصار على الأسد قبل أن نسمح نحن لأنفسنا أولاً بالأنتصار على أنفسنا !!
ثورتنا لا تشبه أي ثورة في تاريخ البشرية....انها ملحمة...!!