وكبر الطفل الصغير وحلم بأن يكون رجل كابوي ولكنه أراد المزيد، كما قال في أحد المشاهد، فأصبح قناصا بعد أن رأى القاعدة تهدد أميركا وتفجر سفارتها في نيروبي ثم تقوم بعملية 11 سبتمبر.
ترك زوجته وطفليه وذهب إلى العراق ليقوم بالمهمة رغم عتب الزوجة وقلقها وحاجتها الى وجوده بجانبها، والمفارقة أنه مات في النهاية على يد واحد من المحاربين القدامى الذين يساعدهم في أميركا بعد نهاية مهمته في العراق.
الأشرار الأشباح
كعادة موجة أفلام الحرب على الإرهاب الأخيرة لا وجود لشخصيات الخصوم الأشرار، هم فقط أهداف للقتل أو المطاردة. تراهم في شوارع الفلوجة التي يرابط فيها القناص ليحمي فيها رفاقه ويحمي وطنه وأسرته كما يذكّر المشاهد كل حين.
الأشرار الأشباح هي سمة أفلام أميركية ظهرت في السنوات الأخيرة. فقط اقتل عدوك لأنه شرير ويستحق مصيره ولا داعي لأن تشرح للمشاهد الكثير لأن الإعلام والساسة قاما مسبقا بالمهمة. لا تشبه هذه الموجة من الأفلام ومنها «القناص الأميركي»، سينما هوليوود السبعينات التي تنتقد الحلم الأميركي وقيم الأسرة الأميركية الزائفة أو تشكك في صدق التاريخ الرسمي أو سينما الفعل السياسي التي تفضح عدوانية أميركا في فيتنام، هذا الفيلم تحديدا هو نقيض كل ذلك. بل هو تكريس لكل ما سبق.
خراف وذئاب
كريس كايل، الذي قام بدوره برادلي كوبر، بطل الفيلم هل كان بطلا حقا؟ ربما سيكون هناك شك كبير بذلك لدى المشاهدين لو قرأوا كتابه الذي أُخذ عنه الفيلم. هو ليس ذلك الأميركي المؤمن بضرورة حماية الأخيار من الأشرار أو الخراف من الذئاب. تاريخه يقول إنه ربما هو نفسه واحد من هؤلاء الأشرار عندما يكتب «أن أنا لا أبالغ أو أكذب إذ أقول أن قتل العراقيين كان متعة بالنسبه لي». هذا إلى سجل حافل بالقتل في أميركا نفسها لم يستطع أحد التحقق من صحته، ولكن في سياق ما قدمه الفيلم من أحداث تحصر العمليات بحرب بين القاعدة والجيش الأميركي لن يكون لدى المشاهد خيار سوى تصديق هذه البطولة.
فيلم وطني
«القناص الأميركي» ليس أكثر من فيلم وطني يحتفي بأبطال الواجب الذين لبوا نداء الوطن، ولكنه محمل بإشارات مريبة كبدء الفيلم بصوت أذان، إضافة الى عملية القتل الأولى للقناص التي يكون هدفها طفلاً وأمّاً يحملان قنابل، يبدوان كأبرياء ولكن الرسالة الضمنية هي أنهما قد يبدوان كذلك بالنسبة لك فلا تتعاطف معهما لأن الحقيقة مختلفة.
من مشهد والد القناص وحديثه معه عن الشر والخير يحاول الفيلم أن يرسل رسالة مسبقة بأن ما هو آت ليس إلا قتل أخلاقي لا يستوجب من المشاهد أن يكوّن وجهة نظر أخرى عنه مع ملاحظة أن مشهد البطل في طفولته وحديث أبيه معه هو نقيض مشهد الأم والابن الإرهابيين، هناك يربون أبناءهم على الخير وهنا أم تربي ابنها على الإرهاب. لا شخصيات لسياسيين أميركيين ولا قادة عسكريين كبارا في الفيلم، وكأن الدافع للذهاب الى العراق كان من داخل البطل نفسه فعلا ومن عمليات القاعدة ضد أميركا لا من حرب منظمة رتب لها السياسيون وشحنوا لها بكل اتجاه، فالبطولات الفردية تلهب مشاعر المتفرجين بشكل أكبر.
تمجيد البطل
كلينت إيستوود مخرج الفيلم معروف بأنه يقف في صف اليمين المحافظ الذي دافع عن هذا الفيلم ضد هجوم اليساريين أمثال مايكل مور وغيره. ولكن إيستوود عندما قدم فيلم «أعلام الآباء» قدم بعده فيلم «رسائل إيوجيما» ليروي القصة من وجهة نظر معسكري الحرب، الأميركي ثم الياباني، كان يطرح موضوع الحرب بمقاربة إنسانية، ربما لأن الخصم بنظره كان يستحق أن نفهمه وأن نسمع روايته، ولكن ما قدمه في «القناص الأميركي» ليس فيلما حربيا بمعناه التفصيلي، بل هو فيلم موضوعه الحرب ليمجد بطلا من أولئك الأبطال الذين يحبهم الشعب الأميركي، ووافق وضعا دوليا مناسبا بانتشار الإرهاب على يد داعش وبوكو حرام وغيرهما، لذلك لا غرابة في أن يحقق إيرادات عالية في أميركا. أما مسألة أن يفوز بأوسكار أفضل فيلم وهو المرشح لستة أوسكارات فربما يؤثر في ذلك الانتقادات التي وجهت الى الفيلم من الداخل الأميركي ومن منظمات حقوقية أميركية وعربية رأت فيه إساءة للعرب والمسلمين.
----------
القبس
ترك زوجته وطفليه وذهب إلى العراق ليقوم بالمهمة رغم عتب الزوجة وقلقها وحاجتها الى وجوده بجانبها، والمفارقة أنه مات في النهاية على يد واحد من المحاربين القدامى الذين يساعدهم في أميركا بعد نهاية مهمته في العراق.
الأشرار الأشباح
كعادة موجة أفلام الحرب على الإرهاب الأخيرة لا وجود لشخصيات الخصوم الأشرار، هم فقط أهداف للقتل أو المطاردة. تراهم في شوارع الفلوجة التي يرابط فيها القناص ليحمي فيها رفاقه ويحمي وطنه وأسرته كما يذكّر المشاهد كل حين.
الأشرار الأشباح هي سمة أفلام أميركية ظهرت في السنوات الأخيرة. فقط اقتل عدوك لأنه شرير ويستحق مصيره ولا داعي لأن تشرح للمشاهد الكثير لأن الإعلام والساسة قاما مسبقا بالمهمة. لا تشبه هذه الموجة من الأفلام ومنها «القناص الأميركي»، سينما هوليوود السبعينات التي تنتقد الحلم الأميركي وقيم الأسرة الأميركية الزائفة أو تشكك في صدق التاريخ الرسمي أو سينما الفعل السياسي التي تفضح عدوانية أميركا في فيتنام، هذا الفيلم تحديدا هو نقيض كل ذلك. بل هو تكريس لكل ما سبق.
خراف وذئاب
كريس كايل، الذي قام بدوره برادلي كوبر، بطل الفيلم هل كان بطلا حقا؟ ربما سيكون هناك شك كبير بذلك لدى المشاهدين لو قرأوا كتابه الذي أُخذ عنه الفيلم. هو ليس ذلك الأميركي المؤمن بضرورة حماية الأخيار من الأشرار أو الخراف من الذئاب. تاريخه يقول إنه ربما هو نفسه واحد من هؤلاء الأشرار عندما يكتب «أن أنا لا أبالغ أو أكذب إذ أقول أن قتل العراقيين كان متعة بالنسبه لي». هذا إلى سجل حافل بالقتل في أميركا نفسها لم يستطع أحد التحقق من صحته، ولكن في سياق ما قدمه الفيلم من أحداث تحصر العمليات بحرب بين القاعدة والجيش الأميركي لن يكون لدى المشاهد خيار سوى تصديق هذه البطولة.
فيلم وطني
«القناص الأميركي» ليس أكثر من فيلم وطني يحتفي بأبطال الواجب الذين لبوا نداء الوطن، ولكنه محمل بإشارات مريبة كبدء الفيلم بصوت أذان، إضافة الى عملية القتل الأولى للقناص التي يكون هدفها طفلاً وأمّاً يحملان قنابل، يبدوان كأبرياء ولكن الرسالة الضمنية هي أنهما قد يبدوان كذلك بالنسبة لك فلا تتعاطف معهما لأن الحقيقة مختلفة.
من مشهد والد القناص وحديثه معه عن الشر والخير يحاول الفيلم أن يرسل رسالة مسبقة بأن ما هو آت ليس إلا قتل أخلاقي لا يستوجب من المشاهد أن يكوّن وجهة نظر أخرى عنه مع ملاحظة أن مشهد البطل في طفولته وحديث أبيه معه هو نقيض مشهد الأم والابن الإرهابيين، هناك يربون أبناءهم على الخير وهنا أم تربي ابنها على الإرهاب. لا شخصيات لسياسيين أميركيين ولا قادة عسكريين كبارا في الفيلم، وكأن الدافع للذهاب الى العراق كان من داخل البطل نفسه فعلا ومن عمليات القاعدة ضد أميركا لا من حرب منظمة رتب لها السياسيون وشحنوا لها بكل اتجاه، فالبطولات الفردية تلهب مشاعر المتفرجين بشكل أكبر.
تمجيد البطل
كلينت إيستوود مخرج الفيلم معروف بأنه يقف في صف اليمين المحافظ الذي دافع عن هذا الفيلم ضد هجوم اليساريين أمثال مايكل مور وغيره. ولكن إيستوود عندما قدم فيلم «أعلام الآباء» قدم بعده فيلم «رسائل إيوجيما» ليروي القصة من وجهة نظر معسكري الحرب، الأميركي ثم الياباني، كان يطرح موضوع الحرب بمقاربة إنسانية، ربما لأن الخصم بنظره كان يستحق أن نفهمه وأن نسمع روايته، ولكن ما قدمه في «القناص الأميركي» ليس فيلما حربيا بمعناه التفصيلي، بل هو فيلم موضوعه الحرب ليمجد بطلا من أولئك الأبطال الذين يحبهم الشعب الأميركي، ووافق وضعا دوليا مناسبا بانتشار الإرهاب على يد داعش وبوكو حرام وغيرهما، لذلك لا غرابة في أن يحقق إيرادات عالية في أميركا. أما مسألة أن يفوز بأوسكار أفضل فيلم وهو المرشح لستة أوسكارات فربما يؤثر في ذلك الانتقادات التي وجهت الى الفيلم من الداخل الأميركي ومن منظمات حقوقية أميركية وعربية رأت فيه إساءة للعرب والمسلمين.
----------
القبس