العرض الذي بلغت تكلفته 220 دينار تونسي دون إحتساب الدعاية الإعلامية المكلفة جدا لم يستقطب الحضور الجماهيري المتوقع، ومن حضر أظنه قد أصيب بخيبة أمل، فالجمهور الذي حفظ أشعار الشابي وتتبع خطواته وحركاته في فيلم ثلاثون للفاضل الجعايبي وفي أكثر من شريط وثائقي كان ينتظر عرضا مثيراأو فكرة جديدة تليق بالشاعر الخالد، لكننا رأينا الشابي يرقص ويغني أشعاره فوق مسرح قرطاج وسط جيش من الراقصات والراقصين نصف عاريين وهو يرتدي زيا تقليدا ويعتمر الشاشية الحمراء.
"الصباح الجديد" أو ما سمي بالدراما الغنائية افتقد لعناصر كثيرة مثل الابهار والملابس وضعف الخط الدرامي الذي تقطع وسط أشعار الشابي المغناة، لذلك بدت اللوحات باهتة جدا لولا موسيقى رشيد يدعس التي أنقذت العرض نوعا ما وغطت على ثغرات كثيرة.
"الصباح الجديد" أو ما سمي بالدراما الغنائية افتقد لعناصر كثيرة مثل الابهار والملابس وضعف الخط الدرامي الذي تقطع وسط أشعار الشابي المغناة، لذلك بدت اللوحات باهتة جدا لولا موسيقى رشيد يدعس التي أنقذت العرض نوعا ما وغطت على ثغرات كثيرة.
الشابي وسط راقصتين محتشمتين ...خاص بالهدهد تصوير صالح الحبيبي
سبع لوحات صورت حياة الشابي، ستة منها ركزت على الجانب الاجتماعي والسياسي للشابي وهو الجانب المفقود في حياته وهذه حقيقة موثقة، فالشابي كان بعيدا عن القضايا السياسية والاجتماعية ولا يمكن مقارنته برفيقه المناضل الطاهر الحداد أو محمد علي الحامي وقد امتحن في قضايا عديدة وأظهر أنه انسان خجول ورومنسي منعزل، يميل للعيش مع الطبيعة ويفضل السير في الغابات وحيدا ويبدع شعرا فقط، وقد كان يكتب الرسائل لأصدقائه في العاصمة تونس مثل الطاهر الحداد و مصطفى خريف يعبر لهم عن عجزه في المشاركة فيما يقومون به.
ففي حفل تقديم كتاب الطاهر الحداد "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" في الثلاثينات من القرن الماضي كان الشابي أحد الذين وجهت له الدعوة لحضور ذلك الحفل، الشابي ردّ برسالة دونتها لجنة الاحتفال وهي إحدى الرسائل التي تشكك في نضاليته، يقول فيها :"لجنة الاحتفال المحترمة تحية لجميعكم وسلاما وبعد، فإني أشارككم قلبيا في حفلتكم التكريمية المباركة، وأشكر لكم سعيكم الجميل وإني آسف لعدم استطاعتي الحضور شخصيا، إذ ما فائدة حضوري إذا لم أصرح بما تشيج به نفسي من أفكار وما يطفح به قلبي من عواطف، لقد حجر علي الطبيب كما تعلمون مباشرة أي عمل فكري فلم أستطع أن أخط كلمة أشارككم بها في هذا الاحتفال".
كيف يكتب الشابي رسالة يعتذر فيها ولا يخط كلمة واحدة يشارك بها صديقه الاحتفال بكتابه الذي أثار ضجة في ذلك الحين ومازال.
ففي حفل تقديم كتاب الطاهر الحداد "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" في الثلاثينات من القرن الماضي كان الشابي أحد الذين وجهت له الدعوة لحضور ذلك الحفل، الشابي ردّ برسالة دونتها لجنة الاحتفال وهي إحدى الرسائل التي تشكك في نضاليته، يقول فيها :"لجنة الاحتفال المحترمة تحية لجميعكم وسلاما وبعد، فإني أشارككم قلبيا في حفلتكم التكريمية المباركة، وأشكر لكم سعيكم الجميل وإني آسف لعدم استطاعتي الحضور شخصيا، إذ ما فائدة حضوري إذا لم أصرح بما تشيج به نفسي من أفكار وما يطفح به قلبي من عواطف، لقد حجر علي الطبيب كما تعلمون مباشرة أي عمل فكري فلم أستطع أن أخط كلمة أشارككم بها في هذا الاحتفال".
كيف يكتب الشابي رسالة يعتذر فيها ولا يخط كلمة واحدة يشارك بها صديقه الاحتفال بكتابه الذي أثار ضجة في ذلك الحين ومازال.
مشهد للشابي في حفل افتتاح قرطاج ..خاص بالهدهد تصوير صالح الحبيبي
يبقى الشابي شاعر الحياة والحب والوطن فبصوت واحد مازال العالم العربي يردد :"اذا الشعب يوما أراد الحياة/ فلا بد أن يستجيب القدر" وبصوت واحد مازال النقاد العرب يرددون جملتهم الشهيرة : "جميع الشعراء الذين قبله ومعه وبعده، تمّ الإعتراف بهم ولكنهم دونه حتى يظهر شاعر يفوقه" لكنه لم يكن مناضلا سياسيا .
على ما يبدو أن المزايدة بالوطنية واستغلال الأسماء بدت سمة ثقافة هذا العصر للكسب المادي والاستخفاف بالجمهور وهذا ما لم يكن عليه الحال في حقب أخرى
على ما يبدو أن المزايدة بالوطنية واستغلال الأسماء بدت سمة ثقافة هذا العصر للكسب المادي والاستخفاف بالجمهور وهذا ما لم يكن عليه الحال في حقب أخرى