نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


اعتذار مزدوج للسير سايكس والمسيو جورج - بيكو





يوم أمس، بينما كانت ترد تقارير متضاربة عن سقوط بلدة معلولا بأيدي جيش النظام السوري ومقاتلي حزب الله وحلفائهما، وترد تسريبات عن قرب انسحاب الثوار من أحياء حمص المحاصرة، أبلغني صديق خلال حوار معه عن حال دائرة شؤون الشرق الأوسط في إحدى كبريات الجامعات البريطانية.


 
الصديق قال لي إن تلك الدائرة التي دعمتها إحدى الدول العربية الخليجية غدت اليوم أحد المراكز الأكاديمية المرموقة التي تهيمن عليها إيران، وأنها تخدم مصالح طهران وترعى توجهاتها ومنظورها. وأنا كنت على علم، من قبل هذا الحوار، بوجود باحث شاب في تلك الجامعة يكاد يعتبر دوره الأكبر، إن لم يكن الأوحد في هذه الدنيا، إسقاط أنظمة دول الخليج، وله مؤلفات ومقالات عدة بهذا الشأن.
هذه الجامعة العالمية الوقورة التي موّلت مركزها «الشرق أوسطي» أموال العرب الخليجيين.. تعمل اليوم على التحريض عليهم وإحداث القلاقل والاضطرابات في دولهم. ولكن وضع هذه الجامعة لا ينفصل عن أمور أخرى آن الأوان لإدراك مخاطرها، وإلا واجهنا مصير أبي عبد الله الصغير في آخر أيام العرب في الأندلس. ففي اليوم نفسه، أي يوم أمس، تلقيت على بريدي الإلكتروني رسالة مثيرة – يؤسفي القول إنها لم تفاجئني البتة – تتحدث عن موضوع انفصال كردستان عن العراق.
الرسالة الموقّعة باسم مركز يصف نفسه بأنه «مؤسسة بحثية تعمل على تسليط الضوء على القضايا التنموية التي تهمّ شعوب العالم عامة، والشعوب العربية على وجه الخصوص. ويقوم (...) بدراسات بحثية لصالح بعض المؤسّسات والمراكز والحكومات ويساهم في حلقات البحث الدولية بهدف تحقيق التنمية العالمية». وفيها توقع «المركز انفصال إقليم كردستان عن العراق وإعلان الدولة الكردية». وأوضح أن الظروف المحيطة بإقليم كردستان وعجزه عن «تحمل الضغوط المالية من بغداد في عدم صرف الموازنة والسماح بتصدير النفط ستدفع بسلطات الإقليم لإعلان الدولة الكردية والانفصال».
كذلك أشار التقرير إلى أن تصدير النفط من الإقليم سيكون أول ملامح الدولة الكردية، خاصةً، بعد إشارات عديدة صدرت من الحكومة التركية تفيد بأنها لا تعارض قيام تلك الدولة. بل إن أنقرة تنظر إلى الإقليم «كحليف استراتيجي، وما زيادة حجم التبادل التجاري إلى أكثر من 10 مليارات دولار ووجود قرابة 1600 شركة تركية في الإقليم، والاستعداد لتصدير النفط (الكردي) إلى تركيا ومنه إلى العالم، إلاّ إشارات صريحة على رضا تركيا على إعلان دولة كردية في شمال العراق». كذلك أشار التقرير إلى أن إيران، بدورها، لا تمانع بقيام الدولة الكردية، لأن طهران تدرك أن ذلك يقلّص من حصة العراق في «أوبك»، ولا سيما، أنها تخطط للعودة بقوة لسوق النفط العالمية بعد رفع العقوبات عنها.
ومضى التقرير قائلا إنه في حين لا تبدو سوريا قادرة على إبداء أي رأي في القضية الكردية بعدما بات أكرادها جزءا من الصراع الدموي فيها، لا تمانع الولايات المتحدة وأوروبا بالانفصال وإعلان دولة كردية مستقلة «لوجود معظم شركاتها النفطية في إقليم كردستان، مع اهتمام واضح بميزات العقود المبرمة مع الإقليم والرغبة في تجاوز عقبة الخلافات بين بغداد وأربيل التي تعرقل وصول الصادرات إلى الأسواق العالمية».
العراق كما نعرفه اليوم آيل إلى الزوال.. إذن.
ولا تبدو سوريا أفضل حالا، إذا ما تابعنا وتيرة القتال الدائر فيها والصمت الدولي المريب على مجازرها، وتصرف النظام وداعميه وكأن الأمور عادية. فما تنمّ عنه التحوّلات الميدانية خلال الأشهر الأخيرة وسط صمت دولي مطبق، هو أن التقسيم الفعلي لسوريا جارٍ على قدم وساق، مع ضم لبنان – بثقله الشيعي العسكري والأمني والسياسي – إلى شطر سوريا الغربي، وترك الشمال موزعا بين الفلكين التركي والكردي، والشرق مسرحا لـ«مقتلة» الجماعات الجهادية السنّية، وفي مقدّمها «داعش»، التي تتصرف وكأن غايتها الفعلية تسهيل تقسيم بلاد الشام وتسريع وضعها تحت «الانتداب»، إن لم يكن الاحتلال، الإيراني. ومن ثَم، فنهاية سوريا، كما عرفناها، ستتبعها حتما نهاية لبنان.. الذي نزف منذ حربه الطاحنة بين 1975 و1990 خيرة أبنائه، وهربت رساميله، ودُمِّر اقتصاده. ثم أنهى نشوء «دولة المقاومة» – أي حزب الله – البقية الباقية من مقوّمات وجوده كدولة ومؤسسات.
ولإكمال مشهد «سايكس – بيكو»... ماذا عن فلسطين والأردن؟
واضح أن الواقع التقسيمي الذي فرض على الضفة الغربية وقطاع غزة لم يأت مصادفة.. بغض النظر عن أي شعارات تحريرية سنصدّق، وأي جهة تآمرت على وحدة الفلسطينيين تمهيدا إلى إنهائهم شعبا وكيانا. وبالأمس سمعت أن أرقام الهجرة من الأردن إلى الغرب مفزعة حقا، وأن نصف هؤلاء المهاجرين من المسيحيين! وهذا مؤشر سيئ جدا لمستقبل بلد سيخسر خلال السنوات القليلة المقبلة خيرة عقوله وخبراته ومستثمريه.
ونصل إلى الخليج واليمن..
ليس سرا أننا ما عدنا بحاجة لمراجعة سيرة سيف بن ذي يزن لتذكّر التمدّد الإيراني في جنوب شبه الجزيرة العربية، وبطبيعة الحال لا يسمح بعض المسؤولين السياسيين والعسكريين الإيرانيين لنا أن ننسى أن الخليج «فارسي» وأن البحرين «إيرانية». بل بعدما ظلت منطقة الخليج في منأى عن محنة التفتت العربي، الذي شهدنا ترجمته رسميا في تقسيم السودان، والذي يذر قرنه نزاعات وجودية في مصر، وفتنا واحتقانات مناطقية ومذهبية وعرقية في ليبيا والجزائر، اهتزّ الانسجام أخيرا داخل المؤسسة العربية الوحيدة «الجامعة» على أسس المصلحة المشتركة لا العواطف الجيّاشة.
إن ما مرّ ويمرّ به مجلس التعاون الخليجي، بل ما يحدث على امتداد العالم العربي، لدليل آخر عن أن ثمة جهات عربية لا تقرأ التاريخ، وهي إن قرأته لا تستوعبه. ولعل هذا بالضبط ما لمّح إليه الرئيس الأميركي باراك أوباما في مقابلته التاريخية مع «بلومبرغ فيو» إذ قال إنه يراهن على الإيرانيين لأنهم «استراتيجيون.. لا يُقدمون على الانتحار».
صحيح سيدي الرئيس، أما نحن.. فنفعل!
-------------------
الشرق الاوسط

اياد ابو شقرا
الاربعاء 16 أبريل 2014