الخبز الفرنسي يباع في الأسواق الشعبية مع الخبز التقليدي
ولشدة إفراطهم في تناول الخبز وبقيّة مشتقات القمح الليّن الطريّ والصلب المعجنات كالمكرونة والكسكسي حاز التونسيون المرتبة الأولى عالميا في استهلاك هذه المواد. وجاء في تقرير حديث حول استهلاك القمح ومشتقاته في العالم أن معدل ما يتناوله التونسي الواحد من هذه المواد يبلغ نحو 260 كيلوجراما سنويا مقابل متوسط استهلاك عالمي بنحو 123 كيلوجراما.
وتوقّع التقرير الذي أصدره عام 2008 معهد " فابري" الأمريكي المختص في "بحوث السياسات الغذائية والزراعية" أن يحافظ التونسيون على ريادتهم العالمية في هذا المجال خلال السنوات العشر القادمة وأن يرتفع معدل استهلاك الفرد الواحد منهم إلى 265 كيلوجراما عام 2018 مقابل متوسط استهلاك عالمي بأكثر من 127 كيلوجراما خلال نفس الفترة.
ويجمع التونسيون على أنهم شعب "خبزيست" في إشارة إلى إفراطهم في أكل الخبز الذي بإمكان كل شرائح المجتمع شراءه لرخص ثمنه. ويعرف التونسي بنهمه الشديد للخبز الفرنسي إذ يتناوله في فطور الصباح وفي الغداء والعشاء وحتى مع الوجبات التي ينصح بعدم أكل الخبز معها كالمعجّنات المشتقة من الحبوب مثل الكسكسي والمكرونة. وتوزّع غالبية المطاعم التونسية سلّة من خبز "الباغيت" مع كل ما تقدمه لعملائها من وجبات سواء استدعى تناولها أكل الخبز معها أم لا. كما تتألف الساندويتشات التي تبيعها محلات الأكلات السريعة وبشكل أساسي من نصف "باغيت" تحشى بالسلطة ولحم التونة أو غيرهما.
تصنع" الخبزة" و" الباغيت" المدعومتان من القمح الليّن دون سواه ومن الزيوت النباتية وهما مادتان تستوردهما تونس بالعملة الصعبة. وأفاد المعهد الوطني للإحصاء أن تكاليف استيراد القمح الليّن بلغت عام 2008 حوالي 519 مليون دينار ) 397 مليون دولار) فيما فاقت قيمة واردات الزيوت النباتية 560 مليون دينار 428 ) مليون دولار).
ولإشباع نهم مواطنيها للخبز الفرنسي تستورد تونس سنويا كميات تتراوح بين 600 و 800 ألف طن من القمح الليّن تتزوّد بها وبشكل رئيسي من فرنسا وايطاليا وأوكرانيا وروسيا. وخلال عام 2008 أنتجت البلاد حوالي 190 ألف طن فقط من القمح الليّن ولجأت إلى استيراد حوالي 4 أضعاف هذه الكمية لسد حاجات مواطنيها المتزايدة منها. وقد أعلنت الحكومة عام 2008 ، وفي خطوة لتشجيع المزارعين على إنتاج القمح اللين وللحد من التوريد، أنها ستشتري من الفلاحين محاصيلهم بالأسعار المعمول بها في السوق العالمية.
كانت شراهة التونسيين الكبيرة للخبز الفرنسي واعتمادهم عليه بشكل رئيسي في معيشتهم وراء اندلاع واحدة من أعنف الثورات في تاريخ تونس المستقلة تعرف باسم "ثورة الخبز" أو "أحداث الخبز". فقد ثار الشعب التونسي المسالم على الرئيس السابق الحبيب بورقيبة بعد أن أعلنت حكومته يوم 27 كانون أول/ ديسمبر 1983 زيادة أسعار الخبز ومشتقات الحبوب بناء على توصيات صندوق النقد الدولي بهدف المحافظة على توازنات الاقتصاد التونسي. وأسفرت مصادمات عنيفة بين رجال الأمن ومتظاهرين غاضبين عن مقتل ما لا يقل عن 70 شخصا ما دفع الحكومة إلى إعلان حالة الطوارئ وفرض حظر التجول في البلاد. ولم يهدأ الثائرون إلا يوم 6 كانون ثان/ يناير 1984 حين ظهر بورقيبة على شاشة التلفزيون الرسمي وأعلن بنفسه إلغاء الزيادة في الأسعار. وتبقي الحكومة إلى اليوم على دعم أسعار"الخبزة " و"الباغيت" باعتبارهما من المواد الغذائية الأساسية و"الحساسة" في البلاد.
وقال مراقبون إن السلطات التونسية كانت جدّ مترددة قبل أن تعلن عام 2007 زيادة في أسعار الخبز لسد العجز المالي الناجم عن التهاب أسعار القمح اللين في الأسواق العالمية. وقد اختارت الحكومة الإبقاء على أسعار الخبز القديمة لكنها خفضت من وزن "الخبزة" من 450 إلى 400 جرام و"الباغيت" من 250 إلى 220 جراما.
ولا تزال"الخبزة" تباع منذ سنوات بـ 240 مليما 0.18 ) دولارا) و"الباغيت" بـ 190 مليما 0.14 ) دولارا ( في بلد يبلغ فيه متوسط الدخل الفردي السنوي 4912 دينارا (3759 دولارا) . وينفق التونسيون يوميا أكثر من مليون و125 ألف دينار (حوالي 860 ألف دولار) لشراء الخبز والباغيت.
أدخل الاستعمار الفرنسي (1956 /1881) صناعة الخبز الفرنسي إلى تونس التي ظل أهلها يقتاتون قرونا طويلة من خبز " الطابونة" و" الغنّاي" و"الملّة"... وهي أنواع من الخبز التقليدي، رقيقة ومستديرة الشكل، تصنعها النساء في أفران منزلية صغيرة وقودها الحطب أو أوراق الأشجار الجافة (النخيل والزيتون).
قال محمد بوعنان رئيس " الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز" في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن تونس تعدّ اليوم حوالي 2600 مخبزة تنتج يوميا ما لا يقل عن 3.5 ملايين "خبزة " و1.5 مليون "باغيت".
ولفت إلى أن جيشا من الخبازين قوامه 26 ألف رجل يستيقظون يوميا منذ ساعات الفجر الأولى لإعداد " الخبزة " و" الباغيت" للتونسيين. وأضاف أن فرقا مختصة من ثلاث وزارات (الصحة والتجارة والداخلية) تراقب باستمرار مدى احترام المخابز للقانون (النظافة وأوزان الخبز وعدم التلاعب بالدقيق المدعوم) باعتبار الخبز مادة حساسة.
وأطلقت السلطات التونسية عام 2008 حملة واسعة النطاق تم خلالها غلق حوالي 85 مخبزة بعد أن اكتشفت أن أصحابها يستعملون الدقيق المدعوم لصناعة الحلويات أو يبيعونه للفنادق والمحلات المتخصصة في صناعة الحلويات.
ويباع الخبز داخل المخابز كما تنشط تجارته في المحلات التجارية وفي بعض الأسواق الشعبية الكبرى.
وقال بوعنان:"الخبز مادة سريعة التلف إذ يصبح يابسا بعد مضيّ نحو 5 ساعات على صنعه فلا يقبل عليه المواطنون الذين يفضلون شراءه ساخنا فور خروجه من الفرن". وقدّر المتحدث كمّية الخبز "البايت" الذي تخسره مخابز البلاد يوميا بنحو 260 ألف خبزة. وقال" نضطرّ لبيع كيس فيه 100 قطعة من الخبز البايت سعرها الحقيقي 24 دينارا لتجار علف المواشي بـ 4 دنانير فقط.. إنها خسارة فادحة".
رغم أن الخبز الفرنسي المدعوم يظل الأكثر مبيعا واستهلاكا في تونس إلا أن عدة أنواع أخرى من الخبز التقليدي الذي يصنع في المنازل عادت لتنافسه في أسواق البلاد. ويعد خبز" الطابونة" ( فرن تقليدي من الطين وقوده الحطب) و"الغنّاي" (صحن طيني واسع توقد تحته النار وتطهى داخله رقائق من الخبز) من أبرز أنواعه. وأصبحت عائلات بأكملها تعيش من بيع هذا النوع من الخبز.
وبالرغم من ازدهار صناعة الخبز الفرنسي في تونس فلا توجد في البلاد أي مدرسة خاصة بـ" الفرنش بريد " (French bread)إذ توارث أغلب الخبازين هذه الصناعة عن أبائهم أو تعلموها عن خبازين آخرين.
وأعلن الخبّاز التونسي الشاب أنيس بوعبسة المقيم بفرنسا والحائز على الجائزة الكبرى لأفضل باغيت في باريس عام 2008 أنه ينوي إقامة مدرسة للخبز الفرنسي في تونس.
وقال بوعبسة الذي اختاره الإيليزيه مزودا رئيسيا للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالباغيت طوال عام كامل (من شباط/فبراير 2008 إلىشباط/ فبراير 2009) في تصريحات صحفية:"عندما أعود كل صيف لقضاء العطلة في تونس أول شيء افتقده هو الخبز الفرنسي الجيد".
وتوقّع التقرير الذي أصدره عام 2008 معهد " فابري" الأمريكي المختص في "بحوث السياسات الغذائية والزراعية" أن يحافظ التونسيون على ريادتهم العالمية في هذا المجال خلال السنوات العشر القادمة وأن يرتفع معدل استهلاك الفرد الواحد منهم إلى 265 كيلوجراما عام 2018 مقابل متوسط استهلاك عالمي بأكثر من 127 كيلوجراما خلال نفس الفترة.
ويجمع التونسيون على أنهم شعب "خبزيست" في إشارة إلى إفراطهم في أكل الخبز الذي بإمكان كل شرائح المجتمع شراءه لرخص ثمنه. ويعرف التونسي بنهمه الشديد للخبز الفرنسي إذ يتناوله في فطور الصباح وفي الغداء والعشاء وحتى مع الوجبات التي ينصح بعدم أكل الخبز معها كالمعجّنات المشتقة من الحبوب مثل الكسكسي والمكرونة. وتوزّع غالبية المطاعم التونسية سلّة من خبز "الباغيت" مع كل ما تقدمه لعملائها من وجبات سواء استدعى تناولها أكل الخبز معها أم لا. كما تتألف الساندويتشات التي تبيعها محلات الأكلات السريعة وبشكل أساسي من نصف "باغيت" تحشى بالسلطة ولحم التونة أو غيرهما.
تصنع" الخبزة" و" الباغيت" المدعومتان من القمح الليّن دون سواه ومن الزيوت النباتية وهما مادتان تستوردهما تونس بالعملة الصعبة. وأفاد المعهد الوطني للإحصاء أن تكاليف استيراد القمح الليّن بلغت عام 2008 حوالي 519 مليون دينار ) 397 مليون دولار) فيما فاقت قيمة واردات الزيوت النباتية 560 مليون دينار 428 ) مليون دولار).
ولإشباع نهم مواطنيها للخبز الفرنسي تستورد تونس سنويا كميات تتراوح بين 600 و 800 ألف طن من القمح الليّن تتزوّد بها وبشكل رئيسي من فرنسا وايطاليا وأوكرانيا وروسيا. وخلال عام 2008 أنتجت البلاد حوالي 190 ألف طن فقط من القمح الليّن ولجأت إلى استيراد حوالي 4 أضعاف هذه الكمية لسد حاجات مواطنيها المتزايدة منها. وقد أعلنت الحكومة عام 2008 ، وفي خطوة لتشجيع المزارعين على إنتاج القمح اللين وللحد من التوريد، أنها ستشتري من الفلاحين محاصيلهم بالأسعار المعمول بها في السوق العالمية.
كانت شراهة التونسيين الكبيرة للخبز الفرنسي واعتمادهم عليه بشكل رئيسي في معيشتهم وراء اندلاع واحدة من أعنف الثورات في تاريخ تونس المستقلة تعرف باسم "ثورة الخبز" أو "أحداث الخبز". فقد ثار الشعب التونسي المسالم على الرئيس السابق الحبيب بورقيبة بعد أن أعلنت حكومته يوم 27 كانون أول/ ديسمبر 1983 زيادة أسعار الخبز ومشتقات الحبوب بناء على توصيات صندوق النقد الدولي بهدف المحافظة على توازنات الاقتصاد التونسي. وأسفرت مصادمات عنيفة بين رجال الأمن ومتظاهرين غاضبين عن مقتل ما لا يقل عن 70 شخصا ما دفع الحكومة إلى إعلان حالة الطوارئ وفرض حظر التجول في البلاد. ولم يهدأ الثائرون إلا يوم 6 كانون ثان/ يناير 1984 حين ظهر بورقيبة على شاشة التلفزيون الرسمي وأعلن بنفسه إلغاء الزيادة في الأسعار. وتبقي الحكومة إلى اليوم على دعم أسعار"الخبزة " و"الباغيت" باعتبارهما من المواد الغذائية الأساسية و"الحساسة" في البلاد.
وقال مراقبون إن السلطات التونسية كانت جدّ مترددة قبل أن تعلن عام 2007 زيادة في أسعار الخبز لسد العجز المالي الناجم عن التهاب أسعار القمح اللين في الأسواق العالمية. وقد اختارت الحكومة الإبقاء على أسعار الخبز القديمة لكنها خفضت من وزن "الخبزة" من 450 إلى 400 جرام و"الباغيت" من 250 إلى 220 جراما.
ولا تزال"الخبزة" تباع منذ سنوات بـ 240 مليما 0.18 ) دولارا) و"الباغيت" بـ 190 مليما 0.14 ) دولارا ( في بلد يبلغ فيه متوسط الدخل الفردي السنوي 4912 دينارا (3759 دولارا) . وينفق التونسيون يوميا أكثر من مليون و125 ألف دينار (حوالي 860 ألف دولار) لشراء الخبز والباغيت.
أدخل الاستعمار الفرنسي (1956 /1881) صناعة الخبز الفرنسي إلى تونس التي ظل أهلها يقتاتون قرونا طويلة من خبز " الطابونة" و" الغنّاي" و"الملّة"... وهي أنواع من الخبز التقليدي، رقيقة ومستديرة الشكل، تصنعها النساء في أفران منزلية صغيرة وقودها الحطب أو أوراق الأشجار الجافة (النخيل والزيتون).
قال محمد بوعنان رئيس " الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز" في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن تونس تعدّ اليوم حوالي 2600 مخبزة تنتج يوميا ما لا يقل عن 3.5 ملايين "خبزة " و1.5 مليون "باغيت".
ولفت إلى أن جيشا من الخبازين قوامه 26 ألف رجل يستيقظون يوميا منذ ساعات الفجر الأولى لإعداد " الخبزة " و" الباغيت" للتونسيين. وأضاف أن فرقا مختصة من ثلاث وزارات (الصحة والتجارة والداخلية) تراقب باستمرار مدى احترام المخابز للقانون (النظافة وأوزان الخبز وعدم التلاعب بالدقيق المدعوم) باعتبار الخبز مادة حساسة.
وأطلقت السلطات التونسية عام 2008 حملة واسعة النطاق تم خلالها غلق حوالي 85 مخبزة بعد أن اكتشفت أن أصحابها يستعملون الدقيق المدعوم لصناعة الحلويات أو يبيعونه للفنادق والمحلات المتخصصة في صناعة الحلويات.
ويباع الخبز داخل المخابز كما تنشط تجارته في المحلات التجارية وفي بعض الأسواق الشعبية الكبرى.
وقال بوعنان:"الخبز مادة سريعة التلف إذ يصبح يابسا بعد مضيّ نحو 5 ساعات على صنعه فلا يقبل عليه المواطنون الذين يفضلون شراءه ساخنا فور خروجه من الفرن". وقدّر المتحدث كمّية الخبز "البايت" الذي تخسره مخابز البلاد يوميا بنحو 260 ألف خبزة. وقال" نضطرّ لبيع كيس فيه 100 قطعة من الخبز البايت سعرها الحقيقي 24 دينارا لتجار علف المواشي بـ 4 دنانير فقط.. إنها خسارة فادحة".
رغم أن الخبز الفرنسي المدعوم يظل الأكثر مبيعا واستهلاكا في تونس إلا أن عدة أنواع أخرى من الخبز التقليدي الذي يصنع في المنازل عادت لتنافسه في أسواق البلاد. ويعد خبز" الطابونة" ( فرن تقليدي من الطين وقوده الحطب) و"الغنّاي" (صحن طيني واسع توقد تحته النار وتطهى داخله رقائق من الخبز) من أبرز أنواعه. وأصبحت عائلات بأكملها تعيش من بيع هذا النوع من الخبز.
وبالرغم من ازدهار صناعة الخبز الفرنسي في تونس فلا توجد في البلاد أي مدرسة خاصة بـ" الفرنش بريد " (French bread)إذ توارث أغلب الخبازين هذه الصناعة عن أبائهم أو تعلموها عن خبازين آخرين.
وأعلن الخبّاز التونسي الشاب أنيس بوعبسة المقيم بفرنسا والحائز على الجائزة الكبرى لأفضل باغيت في باريس عام 2008 أنه ينوي إقامة مدرسة للخبز الفرنسي في تونس.
وقال بوعبسة الذي اختاره الإيليزيه مزودا رئيسيا للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالباغيت طوال عام كامل (من شباط/فبراير 2008 إلىشباط/ فبراير 2009) في تصريحات صحفية:"عندما أعود كل صيف لقضاء العطلة في تونس أول شيء افتقده هو الخبز الفرنسي الجيد".