اعلاميون تونسيون يطالبون بتطهير المهنة من التجمعيين
الإعلام التونسي لم يستثمر لحظة تاريخية طالما انتظرها صحفيون نسوا أصحابهم القدامى، "ماذا" و"لماذا" "متى" و"كيف" وأين" و"من" وفرض عليهم قراءة استقبل، ودّع، قال، اجتمع، هنأ، وارتضى أن يكون بوقا للسلطة أية سلطة مؤقتة كانت أو دائمة، وكانت النتيجة أداء مخجل جدا لم يرقى لآمال شباب ضحى بحياته لأجل إعلاء قيمة الحرية كشرط أساسي للحياة الكريمة.
المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية الغير معترف بشرعيته كجمعية حقوقية نقابية خلال سلطة العهد البائد، سجل أن أداء الإعلام التونسي حاليا لم يتغير وان انفتح على تحركات العمال والنقابيين وأصبح ينقل بالصوت والصورة وقائع الحركات الاحتجاجية، لكنه غير برئ فهو موجه لخدمة أغراض تمس من شرعية الثورة وتسعى إلى الالتفاف عليها وتمييعها.
الطيب البكوش وزير التربية والناطق الرسمي باسم الحكومة المؤقتة، يؤدي مهمته في الاتجاه المعاكس، فهو يهتم بالأداء الصحفي ويقف وراء تسميات القائمين على الإعلام أكثر من التصريحات التي يقدمها لوسائل الإعلام.
البكوش ذهب إلى أبعد مما يتصور البعض، فقد أعلن قبل أيام وعلى خلفية برنامج إذاعي كشف تورط صهره البشير الحميدي الذي عينه على رأس مؤسسة التلفزة التونسية في شراكة تجارية مع أحد أفراد عائلة الطرابلسي عن تكوين "لجنة مكلفة بضمان المحافظة على أخلاقيات المهنة الصحفية"، تضم في تركيبتها بعض الكفاءات الوطنية وممثلين عن مختلف هياكل المجتمع المدني وللتذكير .
القرار كان مفاجئا لأهل المهنة وقد استنكرته النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، واعتبره الصحفي زياد الهاني سحب بساط من النقابة وسطو على مهامها فضلا أن اللجنة لا تضم خبراء إعلاميين.
رئيس النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين ناجي البغوري، رد على هذا القرار في تصريح "للهدهد الدولية" : "لا ننكر الخلط والتداخل في القيام بالدور الصحفي خاصة ما يتم بثه على الفضائيات، نحن نتابع من ليست لهم صفة صحفية ويقومون بتنشيط حوارات سياسية وفكرية مشوهة.
اليوم آن الأوان لترتيب المشهد الإعلامي التونسي، وعلى وسائل الإعلام أن تتخذ خطا تحريريا واضحا وتعتمد على أصحاب المهنة وتكف عن العادات السيئة من ثلب وشتم، نحن نريد إعلاما حرا بدون رقابة مثل ما هو الحال الآن يكون مسئولا وملتزما وموضوعي ويمكن المواطن من الخبر الحيني و وجهات النظر المختلفة".
يواصل البغوري :"كنقابة نرفض هذا القرار حتى وان صدر من الحكومة لان مهنتنا قادرة على حماية نفسها، طلبنا الملح وقد قدمناه للوزير الأول هو "هيئة وطنية عليا للصحافة" لكننا لا نخفي تخوفنا من عودة أصحاب اللغة الخشبية والدعاية الممجوجة الذين خدموا النظام السابق وكل ما قاموا به هو قلبت الخطاب، نريد شخصيات مستقلة ومهنية تكون على رأس المؤسسات الإعلامية وخاصة العمومية لا نريد الالتفات حتى لا نعود إلى نقطة الصفر".
يقول الباحث محمد المي :"من خلال متابعتي للإعلام التونسي أرى أن الإعلام ازداد سوء وتراجع تراجعا ملحوظا، إذ كان في العهد السابق يستند إلى مبررات من قبيل الدولة لا تريد إعلاما حرا، أو أن هناك أيضا أياد خفية تنسج شبكة الإعلام وتفرض توجها على الخط الإعلامي التحريري.
وقد نصبت هذه التهم إلى أشخاص مثل عبد الوهاب عبد الله مستشار بن علي وأسامة الرمضاني الذي قام بتجنيد مرتزقة في الداخل في الداخل لتبييض صورة بن علي وسياسته وتلميعها حين كان على رأس الوكالة التونسية للاتصال الخارجي وبدد المليارات والهدايا، حتى أن المصريين كانوا يسمون الوكالة "بوكالة البلح" لان الرمضاني كان يغدق عليهم كراتين التمر التونسي" .
ويرى محمد المي أن تلك التهم مجرد أعذار حتى وان كانت صحيحة، ويؤكد بقوله :" التهم مجرد مبررات لتفسير سبب الارتزاق وتعليل الوهن والخور الذي ساد المشهد الإعلامي سواء المكتوب أو المسموع أو المرئي.
من ذلك أننا اليوم في ظل هذه الثورة نلاحظ أولا عودة الصحف الصفراء التي كانت تكيل التهم للمعارضين وتصفهم بأشنع الصفات طالت حتى أعراضهم، هي نفسها اليوم التي تتغنى بالثورة وتصف من قدحتهم برموز النضال والتضحية.
وهذه الصحف تعمل أيضا على تبييض وتلميع صورة رموز العهد القديم بل رموز الفساد السياسي والمالي، إذ نقرأ حوارات لسليم شيبوب وقيس بن علي وأفراد من عائلة الطرابلسي المطلوبين للعدالة، وهنا نضع نقطة استفهام حول الطرق التي تمكن من خلالها هؤلاء من ان يتصدروا هذه المنابر لقول ما قالوه وكم دفعوا لهذه الصحف حتى يبرزوا في صور بريئة.
زد على ذلك أن هذه الصحف تسعى ما أمكنها إلى تلميع صور القائمين على تسيير الحكومة المؤقتة وتبرير تصرفاتهم سواء كانت خاطئة أو صائبة لكأن المهمة الأساسية للإعلام هي خدمة النظام القائم مهما كان نوعه ولعب بوق الدعاية للسلطة التي تحكم قائمة أم زائلة.
أما الفضائيات فهي تجود علينا بين الحين والآخر بمن يريد الظهور بصورة جديدة والحال أن اغلبهم قد نال أوسمة أو ميداليات العهد البائد واصطفوا في القصر الرئاسي للتصفيق والتهليل، وبعضهم دافع عن الأنظمة الديكتاتورية ونظر لها واليوم نجد لهم أطروحات تتعلق بالأنظمة البرلمانية والحكومات التعددية".
الصحفي نصر الدين بن حديد أكد أن مغادرته لقناة نسمة كانت وراء الضغوطات التي مورست في حقه لتبييض صورة التجمع الدستوري الديمقراطي، فقد عمل في قسم الترجمة بقناة نسمة قبل سنة وعاد قبل الأحداث لإعداد برنامج صحفي"مساحة حرة".
ويقول بن حديد :" نسمة ليست قناة سياسة وليس لها هذا العمق، كل ما يقدم فيها من برامج ترفيهية وثقافية، وفي كراس الشروط ممنوع عليها ممارسة السياسة، لكننا مع بداية الأحداث تجندنا للعمل ليلا نهارا ومسكنا بزمام الأمور وقدمنا ملفات حوارية ثرية لكن فجأة تم إبعادي دون إعلامي".
وحول البرنامج الحواري الذي قدمه بن حديد مع بعض الشخصيات الدستورية في عهد بورقيبة والذي لاقى استحسان ورفض الجمهور خاصة حين ظهر عياض الوردني أحد رموز الفساد السياسي في عهد بن علي على شاشة نسمة. حول خلفيات ذلك الحوار تحد نصر الدين بن حديد للهدهد الدولية : "عياض الوردني لم يكن مبرمجا، لكن فتحي الهويدي مستشار الشؤون السياسية في قناة "نسمة" طلب مني وبطريقة لبقة جدا إجراء حوار مع عياض الوردني بتعلة عدم الإقصاء وحرية الرأي، وعلي أن أكون هادئا أثناء محاورته ولكني حين جلست إليه سألت أسئلتي التي أراها طبيعية .
كما طلب مني أيضا إجراء حوار مع محمد الغرياني الأمين العام للتجمع الدستوري الديمقراطي لتبييض صورة التجمع الديمقراطي، وسلموني ورقة بها أسئلة أعتبرها غبية جدا وأتحمل مسؤوليتي في هذا الوصف، لكني سألت الغرياني أسئلة محرجة وقد اعترف بإفلاس النظام السياسي لبن علي، وقد قال بالحرف أن "حزب التجمع انتهى" وأنكر أن يكون للتجمع يد تحرك المليشيات التي تروع التونسيين، بل قال "نحن نتطلع للمشاركة في الحياة السياسية كحزب معارض ضمن اللعبة السياسية، لكن الحوار لم ولن يبث لأنه لم يتم بالطريقة التي أرادها كاتب الدولة للإعلام السابق فتحي الهويدي"...
الصحافية سعاد الصديقي تقول :"بعد سقوط النظام، تعالت أصوات الإعلاميين : الحرية للإعلام لابد من تطوير مجلة الصحافة، لكن الحرية التي نودي بها لم تكن تلك الحرية التي مورست أي تلك القطرة من الحرية القادرة على إضفاء المعنى على الوجود.
فيضان عارم وسيل جارف انخرط فيه الجميع وبدا أن للحرية وجه خفي لا يدركه العامة من أصحاب الوعي البسيط. وجه هدام كفيل بإحداث الفوضى والعنف وفقدان الأخلاقيات المهنية في التعاطي مع المعلومة سواء في الإعلام المكتوب أو السمعي البصري.
انتقلنا من تمجيد النظام إلى تمجيد الثورة، والقبول بكل ما تتمخض عنه دون أداء الدور الذي علينا أن نؤديه في الإسهام في بناء الرأي العام. دون أن تكون للإعلام القدرة على نقل الحدث أولا دون التدخل فيه، ودون القدرة على استضافة أصحاب الرأي والرأي المخالف وإدارة حوار لا ثلب فيه ولا تلاعب بالمشاعر والعقول ثانيا.
أيام الثورة تلون الخطاب الإعلامي من "احتجاجات" إلى "أعمال عنف وسلب وفوضى" إلى "الثورة المجيدة وثورة الكرامة والياسمين".
تلون الخطاب الإعلامي الفاقد للمصداقية منذ البدء لدى الجمهور الواسع من التونسيين زاد في سخط الجماهير وتعطلت لغة الحوار..
لقد مارس النظام السابق القمع السياسي ومارس التضليل والدعاية وكان الإعلام الحر حلقة مفقودة لم تمارس دورا في إنارة الرأي العام. ولم تكن صحيفة الحرية التي عملت في قسمها الثقافي طيلة تسع سنوات أكثر حرية من المناخ العام السائد، كما لم يكن لي كإعلامية حرية اختيار الوجوه الثقافية الأبرز والأكثر إسهاما في الحراك الثقافي العربي والعالمي لمحاورتها، فقد كان الشرط الأساسي ألا يكون المحاور معارضا للنظام، ويمكن تفهم ذلك باعتبار أن الصحيفة حزبية ولها خط تحريري محدد، كما يمكن تفهم الضغوط المسلطة على الإعلام بدءا من مجلة الردع إلى وكالة التحكم في توزيع الإشهار العمومي وغيرها من الآليات التي أحكمت قبضتها على القطاع وكممت الأفواه بالترهيب".
المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية الغير معترف بشرعيته كجمعية حقوقية نقابية خلال سلطة العهد البائد، سجل أن أداء الإعلام التونسي حاليا لم يتغير وان انفتح على تحركات العمال والنقابيين وأصبح ينقل بالصوت والصورة وقائع الحركات الاحتجاجية، لكنه غير برئ فهو موجه لخدمة أغراض تمس من شرعية الثورة وتسعى إلى الالتفاف عليها وتمييعها.
الطيب البكوش وزير التربية والناطق الرسمي باسم الحكومة المؤقتة، يؤدي مهمته في الاتجاه المعاكس، فهو يهتم بالأداء الصحفي ويقف وراء تسميات القائمين على الإعلام أكثر من التصريحات التي يقدمها لوسائل الإعلام.
البكوش ذهب إلى أبعد مما يتصور البعض، فقد أعلن قبل أيام وعلى خلفية برنامج إذاعي كشف تورط صهره البشير الحميدي الذي عينه على رأس مؤسسة التلفزة التونسية في شراكة تجارية مع أحد أفراد عائلة الطرابلسي عن تكوين "لجنة مكلفة بضمان المحافظة على أخلاقيات المهنة الصحفية"، تضم في تركيبتها بعض الكفاءات الوطنية وممثلين عن مختلف هياكل المجتمع المدني وللتذكير .
القرار كان مفاجئا لأهل المهنة وقد استنكرته النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، واعتبره الصحفي زياد الهاني سحب بساط من النقابة وسطو على مهامها فضلا أن اللجنة لا تضم خبراء إعلاميين.
رئيس النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين ناجي البغوري، رد على هذا القرار في تصريح "للهدهد الدولية" : "لا ننكر الخلط والتداخل في القيام بالدور الصحفي خاصة ما يتم بثه على الفضائيات، نحن نتابع من ليست لهم صفة صحفية ويقومون بتنشيط حوارات سياسية وفكرية مشوهة.
اليوم آن الأوان لترتيب المشهد الإعلامي التونسي، وعلى وسائل الإعلام أن تتخذ خطا تحريريا واضحا وتعتمد على أصحاب المهنة وتكف عن العادات السيئة من ثلب وشتم، نحن نريد إعلاما حرا بدون رقابة مثل ما هو الحال الآن يكون مسئولا وملتزما وموضوعي ويمكن المواطن من الخبر الحيني و وجهات النظر المختلفة".
يواصل البغوري :"كنقابة نرفض هذا القرار حتى وان صدر من الحكومة لان مهنتنا قادرة على حماية نفسها، طلبنا الملح وقد قدمناه للوزير الأول هو "هيئة وطنية عليا للصحافة" لكننا لا نخفي تخوفنا من عودة أصحاب اللغة الخشبية والدعاية الممجوجة الذين خدموا النظام السابق وكل ما قاموا به هو قلبت الخطاب، نريد شخصيات مستقلة ومهنية تكون على رأس المؤسسات الإعلامية وخاصة العمومية لا نريد الالتفات حتى لا نعود إلى نقطة الصفر".
يقول الباحث محمد المي :"من خلال متابعتي للإعلام التونسي أرى أن الإعلام ازداد سوء وتراجع تراجعا ملحوظا، إذ كان في العهد السابق يستند إلى مبررات من قبيل الدولة لا تريد إعلاما حرا، أو أن هناك أيضا أياد خفية تنسج شبكة الإعلام وتفرض توجها على الخط الإعلامي التحريري.
وقد نصبت هذه التهم إلى أشخاص مثل عبد الوهاب عبد الله مستشار بن علي وأسامة الرمضاني الذي قام بتجنيد مرتزقة في الداخل في الداخل لتبييض صورة بن علي وسياسته وتلميعها حين كان على رأس الوكالة التونسية للاتصال الخارجي وبدد المليارات والهدايا، حتى أن المصريين كانوا يسمون الوكالة "بوكالة البلح" لان الرمضاني كان يغدق عليهم كراتين التمر التونسي" .
ويرى محمد المي أن تلك التهم مجرد أعذار حتى وان كانت صحيحة، ويؤكد بقوله :" التهم مجرد مبررات لتفسير سبب الارتزاق وتعليل الوهن والخور الذي ساد المشهد الإعلامي سواء المكتوب أو المسموع أو المرئي.
من ذلك أننا اليوم في ظل هذه الثورة نلاحظ أولا عودة الصحف الصفراء التي كانت تكيل التهم للمعارضين وتصفهم بأشنع الصفات طالت حتى أعراضهم، هي نفسها اليوم التي تتغنى بالثورة وتصف من قدحتهم برموز النضال والتضحية.
وهذه الصحف تعمل أيضا على تبييض وتلميع صورة رموز العهد القديم بل رموز الفساد السياسي والمالي، إذ نقرأ حوارات لسليم شيبوب وقيس بن علي وأفراد من عائلة الطرابلسي المطلوبين للعدالة، وهنا نضع نقطة استفهام حول الطرق التي تمكن من خلالها هؤلاء من ان يتصدروا هذه المنابر لقول ما قالوه وكم دفعوا لهذه الصحف حتى يبرزوا في صور بريئة.
زد على ذلك أن هذه الصحف تسعى ما أمكنها إلى تلميع صور القائمين على تسيير الحكومة المؤقتة وتبرير تصرفاتهم سواء كانت خاطئة أو صائبة لكأن المهمة الأساسية للإعلام هي خدمة النظام القائم مهما كان نوعه ولعب بوق الدعاية للسلطة التي تحكم قائمة أم زائلة.
أما الفضائيات فهي تجود علينا بين الحين والآخر بمن يريد الظهور بصورة جديدة والحال أن اغلبهم قد نال أوسمة أو ميداليات العهد البائد واصطفوا في القصر الرئاسي للتصفيق والتهليل، وبعضهم دافع عن الأنظمة الديكتاتورية ونظر لها واليوم نجد لهم أطروحات تتعلق بالأنظمة البرلمانية والحكومات التعددية".
الصحفي نصر الدين بن حديد أكد أن مغادرته لقناة نسمة كانت وراء الضغوطات التي مورست في حقه لتبييض صورة التجمع الدستوري الديمقراطي، فقد عمل في قسم الترجمة بقناة نسمة قبل سنة وعاد قبل الأحداث لإعداد برنامج صحفي"مساحة حرة".
ويقول بن حديد :" نسمة ليست قناة سياسة وليس لها هذا العمق، كل ما يقدم فيها من برامج ترفيهية وثقافية، وفي كراس الشروط ممنوع عليها ممارسة السياسة، لكننا مع بداية الأحداث تجندنا للعمل ليلا نهارا ومسكنا بزمام الأمور وقدمنا ملفات حوارية ثرية لكن فجأة تم إبعادي دون إعلامي".
وحول البرنامج الحواري الذي قدمه بن حديد مع بعض الشخصيات الدستورية في عهد بورقيبة والذي لاقى استحسان ورفض الجمهور خاصة حين ظهر عياض الوردني أحد رموز الفساد السياسي في عهد بن علي على شاشة نسمة. حول خلفيات ذلك الحوار تحد نصر الدين بن حديد للهدهد الدولية : "عياض الوردني لم يكن مبرمجا، لكن فتحي الهويدي مستشار الشؤون السياسية في قناة "نسمة" طلب مني وبطريقة لبقة جدا إجراء حوار مع عياض الوردني بتعلة عدم الإقصاء وحرية الرأي، وعلي أن أكون هادئا أثناء محاورته ولكني حين جلست إليه سألت أسئلتي التي أراها طبيعية .
كما طلب مني أيضا إجراء حوار مع محمد الغرياني الأمين العام للتجمع الدستوري الديمقراطي لتبييض صورة التجمع الديمقراطي، وسلموني ورقة بها أسئلة أعتبرها غبية جدا وأتحمل مسؤوليتي في هذا الوصف، لكني سألت الغرياني أسئلة محرجة وقد اعترف بإفلاس النظام السياسي لبن علي، وقد قال بالحرف أن "حزب التجمع انتهى" وأنكر أن يكون للتجمع يد تحرك المليشيات التي تروع التونسيين، بل قال "نحن نتطلع للمشاركة في الحياة السياسية كحزب معارض ضمن اللعبة السياسية، لكن الحوار لم ولن يبث لأنه لم يتم بالطريقة التي أرادها كاتب الدولة للإعلام السابق فتحي الهويدي"...
الصحافية سعاد الصديقي تقول :"بعد سقوط النظام، تعالت أصوات الإعلاميين : الحرية للإعلام لابد من تطوير مجلة الصحافة، لكن الحرية التي نودي بها لم تكن تلك الحرية التي مورست أي تلك القطرة من الحرية القادرة على إضفاء المعنى على الوجود.
فيضان عارم وسيل جارف انخرط فيه الجميع وبدا أن للحرية وجه خفي لا يدركه العامة من أصحاب الوعي البسيط. وجه هدام كفيل بإحداث الفوضى والعنف وفقدان الأخلاقيات المهنية في التعاطي مع المعلومة سواء في الإعلام المكتوب أو السمعي البصري.
انتقلنا من تمجيد النظام إلى تمجيد الثورة، والقبول بكل ما تتمخض عنه دون أداء الدور الذي علينا أن نؤديه في الإسهام في بناء الرأي العام. دون أن تكون للإعلام القدرة على نقل الحدث أولا دون التدخل فيه، ودون القدرة على استضافة أصحاب الرأي والرأي المخالف وإدارة حوار لا ثلب فيه ولا تلاعب بالمشاعر والعقول ثانيا.
أيام الثورة تلون الخطاب الإعلامي من "احتجاجات" إلى "أعمال عنف وسلب وفوضى" إلى "الثورة المجيدة وثورة الكرامة والياسمين".
تلون الخطاب الإعلامي الفاقد للمصداقية منذ البدء لدى الجمهور الواسع من التونسيين زاد في سخط الجماهير وتعطلت لغة الحوار..
لقد مارس النظام السابق القمع السياسي ومارس التضليل والدعاية وكان الإعلام الحر حلقة مفقودة لم تمارس دورا في إنارة الرأي العام. ولم تكن صحيفة الحرية التي عملت في قسمها الثقافي طيلة تسع سنوات أكثر حرية من المناخ العام السائد، كما لم يكن لي كإعلامية حرية اختيار الوجوه الثقافية الأبرز والأكثر إسهاما في الحراك الثقافي العربي والعالمي لمحاورتها، فقد كان الشرط الأساسي ألا يكون المحاور معارضا للنظام، ويمكن تفهم ذلك باعتبار أن الصحيفة حزبية ولها خط تحريري محدد، كما يمكن تفهم الضغوط المسلطة على الإعلام بدءا من مجلة الردع إلى وكالة التحكم في توزيع الإشهار العمومي وغيرها من الآليات التي أحكمت قبضتها على القطاع وكممت الأفواه بالترهيب".