الخروج من التعليق الى الشتيمة كاد يصبح عادة في البرامج الاذاعية والتلفزيونية
وطرحت الدراسة خطة عمل للحد من العنف اللفظي، خاصة وأن الشارع التونسي أصيب بشكل ملفت للانتباه بتلوث لفظي يؤذي المناخ والبيئة السمعية والبصرية الفردية والجماعية ويحتاج إلى حملات تطهره وتهذبه. إذ أنّ الشخص لا يكاد يتجاوز عشرات الأمتار دون أن يقصف سمعه بوابل من الشتائم أو الألفاظ الجنسية إلى حد يدفع البعض إلى تجنب مرافقة أقاربه سواء في الشارع أو في وسائل النقل أو الفضاءات العمومة كالأسواق والملاعب.
ويعد الفضاء العمومي كالشارع والحي من أكثر الأماكن انتشارا للعنف اللفظي بنسبة 39.86 تليه المؤسسة التربوية بنسبة 21.43% ثم المقاهي بـ17.97% فالملاعب بـ7.37% وقاعات الألعاب بـ6.68% ثم وسائل النقل بـ4.15%.
وأخيرا نجد المنزل بنسبة 2.54% وتشير الدراسة إلى أن قاعات الألعاب تشكل فضاء غير خاضع لأي رقابة أخلاقية فهي المجال الذي يتحرّر فيه الملفوظ العنيف من أي نوع من أنواع السلطة، وذلك بما يقصي الكوابح الاجتماعية ويعوقها عن أداء دور "الانتقاء اللفظي" فتنتفي لدى الشباب آليات "وزن الكلمات" وهذا يعود حسب مجموعة الأساتذة الذين أعدّوا الدراسة، إلى أن الجمهور المرتاد لقاعات اللعب من الذكور بالأساس وهو جمهور متجانس من حيث الهوية الجنسية خصوصا وأن الأنثى لازالت تلعب دور الكابح الإجتماعي في هذا المجال رغم سيرورة التهرئة المتسارعة.
وكشف البحث أنه كلما كانت المقاهي حكرا في ارتيادها على الذكور كانت محلا لإستخدام هذا المعجم بل إن العديد يراها ورشة لابتداع قاموس العنف اللفظي وإثرائه وتجديده.
ويكاد يكون العنف اللفظي مشاعا بين مختلف الفئات بقطع النظر عن اختلاف مداخيلها وأنماط عيشها، وإذا كان لهذه الظاهرة جذورها التاريخية فإن أهم أسباب ودوافع انتشارها في الفترة الحالية وبشكل يبعث على القلق ويستدعي التدخّل هو جملة التحولات الكثيفة والسريعة التي عرفها المجتمع التونسي الحديث.
لكن المثير في الفترة الأخيرة، أن ظاهرة العنف اللفظي ازدهرت وتوسعت وتسربت داخل الفضاءات الإعلامية ممّا زاد في إنتشارها داخل الأسرة التونسية، ولم يدخر البعض من فناني ورياضيي تونس جهدا في نقلها إلى البرامج الإذاعية والتلفزيونية، ولم يعد المتابع يعلم إن كان هذا جرأة في التعبير أم هو طريقة لإثبات الذات المهترئة أساسا؟
الكارثة انطلقت مع بعض العروض المسرحية وعمد بعض الممثلين الخارجين عن النص إلى الإيحاءات الجنسية والكلام البذيء لإضحاك الجمهور، غير أن هذا الأخير عبر عن عدم قبوله بمثل هذه الممارسات البعيدة عن الرسالة المسرحية الراقية، وقال البعض أنه تحرج وندم لأنه قصد المسرح مع زوجته وأولاده وهجر البعض الآخر العروض.
بعد ذلك أدلى رجال كرة القدم بدلوهم خلال التغطية اليومية الإذاعية والتلفزية لكأس إفريقيا 2009 ، وقدموا أطباقا من قاموس العنف اللفظي للمشاهد التونسي.
بل وصل الأمر بالمدرب الوطني أن يعطي دروسا في الوطنية ويقول بالحرف الواحد وهو يصرخ على الهواء في وجوه التونسيين الغاضبين لخسارة فريقهم : "لاعبو كرة القدم التونسية أكثر الناس وطنية لأنهم يركضون ويعرقون".
أما قائد الفريق فحدث ولا حرج، يثور وينفعل أمام الكاميرا في نقل مباشر، ويتلفظ بكلام دون المستوى لأن برنامج رياضي تلفزي آخر إنتقد طريقة لعبه الضعيف، هذا الفتى الذي صنع الألعاب في الماضي وأدار له الرقاب لم يقبل تراجعه وضعفه وعدم قدرته على الإتيان بفرصة التهديف... وهكذا فالتونسيون الذين تعودوا الحديث عن كرة القدم أصبحوا اليوم يتحدثون عن العراك والصراخ في البرامج الرياضية.
وبالعودة إلى الفنانين والممثلين المسرحيين بشكل خاص، فإن الأمر يبدو في غاية الخطورة، إذ تحولت البرامج إلى تصفية حسابات ومساحة للتنفيس عن جميع المخزونات والمكبوتات النفسية والإجتماعية، فكل فنان تتاح له فرصة المشاركة أو الإستضافة لتأثيث حصة فنية يترك العمل الفني جانبا، ويفتح رشاش الكلام البذيء ويفجره في وجه زميله أو الصحفي الذي انتقد العمل، وينطلق في تمجيد نفسه مستخدما قاموس العنف متناسيا ومتحديا كل من يشاهده أو يستمع إليه.
والملفت في الأمر هو سماح بعض المنشطين لهؤلاء باستخدام العنف اللفظي وكأنهم غير قادرين على السيطرة وتسيير الحوار، أم أن الأمر مقصود من قبلهم تحت بند حرية الرأي.
فظاهرة العنف اللفظي لدى الفنانين، ظاهرة غير جديدة ولا تمثل بالتالي موضوعا مستحدثا للبحث والحديث، لكن الخطير اليوم أن تتحول إلى المحامل الإعلامية وتولث الأجواء العائلية وتثير التساؤل هل نحن فعلا أمام فنان ؟
فالفنان الحقيقي لا يتجاوز المنظومة الأخلاقية المتعارف ولايتحدي الآداب العامة، ويقبل بالنقد لأنه يدرك جيدا أن النقد إضافة له وكتابة ثانية لأعماله.
للتصدّي لمخاطر وانعكاسات ظاهرة العنف اللفظي وللحد منها لدى الشباب، وضع مرصد الشباب الوطني التونسي خطة وطنية لمقاومة الظاهرة، وأقرت وزارة الشؤون الدينية التونسية خطة للنظر في هذه المسألة وإيجاد الحلول الكفيلة للحد منها، شاركت فيها أطراف عديدة معنية بهذا الموضوع.
وكان من ضمن برامج وزارة الشؤون الدينية تنظيم ندوات تكوينية إقليمية للإطار الديني قصد دعم تكوينهم ليضطلعوا بخطاب مقاوم لهذه الظاهرة وداع للسلوك القويم.
فهل سنرى وزارة الثقافة التونسية تضع خططا لمقاومة العنف اللفظي لدى الفنانين ؟؟؟
ويعد الفضاء العمومي كالشارع والحي من أكثر الأماكن انتشارا للعنف اللفظي بنسبة 39.86 تليه المؤسسة التربوية بنسبة 21.43% ثم المقاهي بـ17.97% فالملاعب بـ7.37% وقاعات الألعاب بـ6.68% ثم وسائل النقل بـ4.15%.
وأخيرا نجد المنزل بنسبة 2.54% وتشير الدراسة إلى أن قاعات الألعاب تشكل فضاء غير خاضع لأي رقابة أخلاقية فهي المجال الذي يتحرّر فيه الملفوظ العنيف من أي نوع من أنواع السلطة، وذلك بما يقصي الكوابح الاجتماعية ويعوقها عن أداء دور "الانتقاء اللفظي" فتنتفي لدى الشباب آليات "وزن الكلمات" وهذا يعود حسب مجموعة الأساتذة الذين أعدّوا الدراسة، إلى أن الجمهور المرتاد لقاعات اللعب من الذكور بالأساس وهو جمهور متجانس من حيث الهوية الجنسية خصوصا وأن الأنثى لازالت تلعب دور الكابح الإجتماعي في هذا المجال رغم سيرورة التهرئة المتسارعة.
وكشف البحث أنه كلما كانت المقاهي حكرا في ارتيادها على الذكور كانت محلا لإستخدام هذا المعجم بل إن العديد يراها ورشة لابتداع قاموس العنف اللفظي وإثرائه وتجديده.
ويكاد يكون العنف اللفظي مشاعا بين مختلف الفئات بقطع النظر عن اختلاف مداخيلها وأنماط عيشها، وإذا كان لهذه الظاهرة جذورها التاريخية فإن أهم أسباب ودوافع انتشارها في الفترة الحالية وبشكل يبعث على القلق ويستدعي التدخّل هو جملة التحولات الكثيفة والسريعة التي عرفها المجتمع التونسي الحديث.
لكن المثير في الفترة الأخيرة، أن ظاهرة العنف اللفظي ازدهرت وتوسعت وتسربت داخل الفضاءات الإعلامية ممّا زاد في إنتشارها داخل الأسرة التونسية، ولم يدخر البعض من فناني ورياضيي تونس جهدا في نقلها إلى البرامج الإذاعية والتلفزيونية، ولم يعد المتابع يعلم إن كان هذا جرأة في التعبير أم هو طريقة لإثبات الذات المهترئة أساسا؟
الكارثة انطلقت مع بعض العروض المسرحية وعمد بعض الممثلين الخارجين عن النص إلى الإيحاءات الجنسية والكلام البذيء لإضحاك الجمهور، غير أن هذا الأخير عبر عن عدم قبوله بمثل هذه الممارسات البعيدة عن الرسالة المسرحية الراقية، وقال البعض أنه تحرج وندم لأنه قصد المسرح مع زوجته وأولاده وهجر البعض الآخر العروض.
بعد ذلك أدلى رجال كرة القدم بدلوهم خلال التغطية اليومية الإذاعية والتلفزية لكأس إفريقيا 2009 ، وقدموا أطباقا من قاموس العنف اللفظي للمشاهد التونسي.
بل وصل الأمر بالمدرب الوطني أن يعطي دروسا في الوطنية ويقول بالحرف الواحد وهو يصرخ على الهواء في وجوه التونسيين الغاضبين لخسارة فريقهم : "لاعبو كرة القدم التونسية أكثر الناس وطنية لأنهم يركضون ويعرقون".
أما قائد الفريق فحدث ولا حرج، يثور وينفعل أمام الكاميرا في نقل مباشر، ويتلفظ بكلام دون المستوى لأن برنامج رياضي تلفزي آخر إنتقد طريقة لعبه الضعيف، هذا الفتى الذي صنع الألعاب في الماضي وأدار له الرقاب لم يقبل تراجعه وضعفه وعدم قدرته على الإتيان بفرصة التهديف... وهكذا فالتونسيون الذين تعودوا الحديث عن كرة القدم أصبحوا اليوم يتحدثون عن العراك والصراخ في البرامج الرياضية.
وبالعودة إلى الفنانين والممثلين المسرحيين بشكل خاص، فإن الأمر يبدو في غاية الخطورة، إذ تحولت البرامج إلى تصفية حسابات ومساحة للتنفيس عن جميع المخزونات والمكبوتات النفسية والإجتماعية، فكل فنان تتاح له فرصة المشاركة أو الإستضافة لتأثيث حصة فنية يترك العمل الفني جانبا، ويفتح رشاش الكلام البذيء ويفجره في وجه زميله أو الصحفي الذي انتقد العمل، وينطلق في تمجيد نفسه مستخدما قاموس العنف متناسيا ومتحديا كل من يشاهده أو يستمع إليه.
والملفت في الأمر هو سماح بعض المنشطين لهؤلاء باستخدام العنف اللفظي وكأنهم غير قادرين على السيطرة وتسيير الحوار، أم أن الأمر مقصود من قبلهم تحت بند حرية الرأي.
فظاهرة العنف اللفظي لدى الفنانين، ظاهرة غير جديدة ولا تمثل بالتالي موضوعا مستحدثا للبحث والحديث، لكن الخطير اليوم أن تتحول إلى المحامل الإعلامية وتولث الأجواء العائلية وتثير التساؤل هل نحن فعلا أمام فنان ؟
فالفنان الحقيقي لا يتجاوز المنظومة الأخلاقية المتعارف ولايتحدي الآداب العامة، ويقبل بالنقد لأنه يدرك جيدا أن النقد إضافة له وكتابة ثانية لأعماله.
للتصدّي لمخاطر وانعكاسات ظاهرة العنف اللفظي وللحد منها لدى الشباب، وضع مرصد الشباب الوطني التونسي خطة وطنية لمقاومة الظاهرة، وأقرت وزارة الشؤون الدينية التونسية خطة للنظر في هذه المسألة وإيجاد الحلول الكفيلة للحد منها، شاركت فيها أطراف عديدة معنية بهذا الموضوع.
وكان من ضمن برامج وزارة الشؤون الدينية تنظيم ندوات تكوينية إقليمية للإطار الديني قصد دعم تكوينهم ليضطلعوا بخطاب مقاوم لهذه الظاهرة وداع للسلوك القويم.
فهل سنرى وزارة الثقافة التونسية تضع خططا لمقاومة العنف اللفظي لدى الفنانين ؟؟؟